تعيش المئات من العائلات حياة مزرية بالحي القصديري سيدي عيسى الذي يقع جزء منه ببلدية أولاد يعيش والجزء الثاني بقرواو بولاية البليدة، ويقع بمحاذاة جامعة سعد دحلب، وتتفاوت معاناة السكان بحسب الوضعية الاجتماعية لهم.
يضمّ الحي عائلات قدمت من مناطق ظل بولايات أخرى، واستقرت به بحثا عن تحسين مستواها المعيشي وقليل منهم من فرً من الإرهاب، ورغم مضي سنوات عن قدومها، فإن السلطات المحلية لازالت لم تعترف بها لتوفّر لها ضروريات الحياة الكريمة كالماء الشروب وقنوات الصرف الصحي والكهرباء.
وبدأ هذا الحي في التكوّن مع بداية التسعينات حينما قدم مواطنين من ولايات عين الدفلى، حيث قاموا بتشييد أكواخ قصديرية في هضبة رفض مكتب دراسات في سنة 1987 بناء عمارات بها بسبب انزلاق التربة بها.
وبدأ هذا الحي يتوسّع مع بداية الألفية الثالثة بقدوم مٌعوزين وعائلات فقيرة قدمت من ولايات تيسمسيلت
وتيارت وحتى بعض الولايات الشرقية، ليصبح عددها يقارب 300 عائلة تتوزع معظمها في الجزء التابع إداريا لبلدية أولاد يعيش.
ويعيش ساكنة هذا الحي القصديري في ظروف صعبة جدا، فهم يستأجرون الكهرباء بجلب كوابل من سكان مقيمين بمحاذاة سور جامعة سعد دحلب، وتصل إليهم ضعيفة يقول أحد السكان في تصريح :» نحن هنا نعاني وأشعر كأنني جالس عل الجمر».
ولأن هذا الحي القصديري غير مهيأ بشبكة الصرف الصحي، فإن فترة فصل الصيف تشهد انبعاث روائح كريهة لعدم تصريف المياه القذرة بطريقة جيدة، كما يعاني السكان من كثرة الجرذان بالحي ، والتي يُسهل انتشارها المواد المستعملة في بناء السكنات القصديرية مثل الأخشاب القديمة وصفائح الزنك والأعمدة الحديدية.
ويقول عمي محمد الذي فرّ من الإرهاب الذي ضرب منقطة مطماطة في بلدية طارق ابن زياد بولاية عين الدفلى: «لقد زارتنا لجنة الدائرة المكلفة بالإحصاء لتسليم السكنات الاجتماعية عدة مرات، وتمّ تسجيلنا لترحيلنا لكن ذلك لم يحدث للأسف».
ورغم أن عدد العائلات الأكواخ والمنازل القصديرية يناهز الـ400، فإن عدد العائلات التي تستحق الترحيل بمنحها سكنات اجتماعية لا يفوق الـ100 يقول أحد سكان هذا الحي: «هناك سكان كٌثر بهذا الحي القصديري أنعم عليهم الله وتمكّنوا من بناء سكنات لهم سواء هنا بالبليدة أو في الولايات التي قدموا منها لكن مع الأسف لم يغادروا الحي رغم صعوبة الحياة به، وعدد الذين يستحق الحصول على سكن اجتماعي لا يفوق 100».
وخلال جولتنا بهذا الحي القصديري توقفنا على حياة لا تطاق، فالنفايات منتشرة هنا وهناك والمياه القذرة تشكّل وديانا، غير أن معاناة المقيمين به تتفاوت بحسب الوضعية الاجتماعية لكل واحد، فهناك من قام بتهيئة منزله حتى صار مقبولا للعيش، وهناك من يقطر سقفه بعد تساقط الأمطار.
ويطالب سكان هذا الحي بتحرّك ولاية البليدة ودائرتي أولاد يعيش وبوفاريك بلدية قرواو تابعة إليها، لإرسال لجان تحقيق من أجل إحصاء الأشخاص الذين يستحقون الحصول على سكنات اجتماعية ثم القيام بترحيلهم في أقرب الآجال، وبعد ذلك الشروع في هدم المنازل القصديرية التي يزداد عددها كل سنة، بل تحوّل بعضها لممارسة أعمال مشبوهة بحسب شهادة شاب يقطن بهذا الحي منذ أزيد من سبع سنوات.
ويُعاني جل هؤلاء السكان من مشكلة حقيقية تكمن في أنهم ليسوا مقيمين قانونيا مادام لا يملكون فاتورة الغاز والكهرباء أو فاتورة الماء الشروب، وبالتالي يجدون صعوبة في تدريس أبناءهم بالمؤسسات التربوية التي تشترط بطاقة الإقامة في الملفات الإدارية للتلاميذ، ولهذا يضطرون لشراء هذه الشهادات أو استخراجها بمساعدة من يمونهم بالكهرباء أو أحد معارفهم أو الجيران.