لا تزال قضية السكنات الوظيفية بمدارس الطور الابتدائي المشغولة من قبل متقاعدين وحتى أشخاص من خارج قطاع التربية الوطنية بولاية بومرداس تثير التساؤلات بين المهنيين والمديرين بالخصوص الذين يعانون منذ سنوات من أزمة التنقل اليومي التي ازدادت حدة مع جائحة كورونا، وحرمانهم من هذا الحق القانوني، حسب ما رصدته «الشعب» من ردود وعبر لائحة المطالب المرفوعة من قبل النقابة، في وقت عجزت فيه مديرية التربية عن معالجة الملف والاستجابة لطلبات الاستفادة بحجة أن هذه السكنات تابعة للجماعات المحلية.
لم تقتصر التجاذبات وسوء العلاقة التي تربط مديري المدارس الابتدائية بولاية بومرداس مع عدد من رؤساء البلديات، فقط على طريقة تسيير المؤسسات التعليمية المنضوية تحت مظلتها، التي لم ترق إلى المستوى المطلوب حسب المعنيين، خاصة من حيث ضعف الإمكانيات ووسائل العمل، نقص التهيئة، أزمة النقل، غياب المطاعم والوجبة الساخنة إلى جانب ضعف الميزانية، بل امتدت إلى طريقة تسيير عشرات السكنات الوظيفية العالقة والمعقدة قانونا سواء بالتنازل للمتقاعدين أو إخلائها لإعادة توزيعها للمديرين المتواجدين حاليا في الخدمة باعتبارها خاضعة لسلطتها من حيث التهيئة والقيام بأشغال الصيانة.
واستغلّت مديرية التربية لولاية بومرداس هذا الفراغ والوضعية القانونية الغامضة، للتنصل من مسؤولياتها اتجاه هذا الطور وفئة مهمة من موظفيها الإداريين في الميدان، حسب تصريحات بعض المديرين وممثلي نقابة مديري المدارس الابتدائية حديثة النشأة، الذين طالبوا في آخر وقفة احتجاجية شهر ديسمبر الماضي بضرورة «إلحاق المدرسة الابتدائية بوزارة التربية الوطنية وفصلها عن البلدية»، كمطلب رئيسي في قائمة اللائحة، إلى جانب مطلب «المباشرة الفورية والفعلية في حل كل المشاكل المتعلقة بالسكنات الوظيفية والإلزامية المتواجدة بالمدارس» لتمكين المدير من أداء مهامه الإدارية في أحسن الظروف وبعيدا عن الضغوطات اليومية.
وناشد عدد من المديرين عبر بلديات بومرداس، ومنها بلدية رأس جنات كعينة بها عشرات السكنات الوظيفية بالمدارس الابتدائية، مشغولة من قبل أستاذة ومديرين متقاعدين، وحتى أشخاص من خارج قطاع التربية ناشدوا والي الولاية بالتدخل على غرار عدد من ولايات الوطن للنظر في هذا الملف، ومساعدة الجماعات المحلية بالبلديات في إخلاء السكنات لتمكين موظفي السلك قيد الخدمة من حق السكن، على غرار مديري المتوسط والثانوي استجابة لشرط التواجد اليومي بالمؤسسة، ومتابعة مختلف أطوار العلمية التربوية والإدارية.
مع العلم أنّ مديري الطور الابتدائي وخاصة الذين يشتغلون بعيدا عن مقر السكن قد رفعوا عشرات الطلبات هي حاليا مكدّسة بمصالح مديرية التربية دون استجابة ولا حتى رد إداري من باب الاعتبار للموظف حسب ما رصدته الشعب من تصريحات غاضبة وسط هذه الفئة الذين «رفضوا صراحة طريق القضاء وتحريك الدعاوي ضد الأشخاص القاطنين بهذه السكنات، حسب منطق المديرية ومصلحة المنازعات وبتكاليف كاملة تقع على عاتق صاحب الدعوة قد تصل إلى 10 ملايين سنتيم في حالة الاستئناف» مثلما صرّح به عدد من المديرين الذين اضطروا للقيام بهذه الإجراءات تحت طائلة الحاجة إلى سكن بمدارس ابتدائية متواجدة بقرى نقاط الظل لانعدام وسائل النقل.