تقليص فاتورة الاستيراد وضمان الأمن الغذائي
يتوقّع المتتبّعون للشّأن الفلاحي أن يكون منتوج الحبوب قياسيا هذا الموسم بالنظر إلى العوامل المناخية الايجابية والشّروط التقنية والمتابعة المادية والمرافقة البشرية الصارمة، حتى يكون الجميع عند الموعد المحدد. وتحقيق أو بالأحرى الوصول إلى النّتائج المرجوّة بناءً على كل ما تمّ السهر عليه، والإعداد له عبر كل الولايات المعنية بالإستراتيجية الوطنية المخصّصة لترقية شعبة الحبوب. وإستنادا إلى مراسلينا، فإنّ موسم الحصاد والدرس الحالي ناجح بامتياز إذا ما قارنا ذلك بالحرص الشديد الذي أبدته المصالح الفلاحية ولواحقها، في توفير كل ما يلزم وما يتطلبه الأمر في مثل هذه المواقف الإستثنائية ماديا وبشريا. وتعتبر ولاية تيارت أنموذجا يحتذى به، وحسب المؤشرات الأولية فإن الجهات المسؤولة رفعت من سقف توقعاتها إلى مستوى يشجّع فعلا على المضي قدما باتجاه الأحسن، هذا ما يفسر إحصاء ما مقداره ٥ ملايين قنطار، وفي مقابل ذلك هناك عيّنات جديرة بالاهتمام كتلمسان والمدية. المسؤولون المحليون أبدوا تفاؤلهم الكبير بالمؤشرات الأولية الواردة من الميدان، والتي تؤكّد أن المسار التقني لشعبة الحبوب في تطور مستمر من سنة لأخرى. وبالتالي فإنّ النتائج لم تكن متوقّعة، هذا ما زاد فعلا في توسيع المساحات مثلما تقرّر في ولاية باتنة، في حين تعمل ولايتا تلمسان وعين تموشنت جاهدتين من أجل البحث عن مساحات مغطاة ومستودعات وعنابر لتخزين الفائض من الحبوب. ومثل هذا التوجه الذي اختارته السّلطات العمومية إنما غايته تقليص فاتورة الإستيراد إلى مستويات أقل عمّا كانت عليه خلال السنوات الفارطة، خاصة القمح اللين (الفرينة) التي ما تزال تنهك الخزينة العمومية بشكل ملفت للانتباه، كل الرهان حول هذا النوع من الحبوب، لبلوغ المرحلة المأمولة في الانتاج في الوقت الذي يسجّل تحكّم معتبر في مادة الشعير وما تبع ذلك من أعلاف. وإن كان ذلك يعد تحديا قائما بذاته، فإنّ الحديث اليوم حول الأمن الغذائي بدلا من الاكتفاء الذاتي، هذا المفهوم الأخير تجاوزته الأحداث، وعليه فإن خيار التركيز على الحبوب يعتبر سليما من ناحية التصنيف الإستراتيجي حتى وإن كان صعبا أحيانا كونه مرتبطا بمنظومة من الإنتاج.
