”النصفية” في الجلفة

ليلـة زهو الصّغـار بصـوم رمضان

موسى دباب

 في ليلة النصف من رمضان تتجدّد في ولاية الجلفة أجواء احتفالية تجمع بين الطابع الروحاني والعادات الاجتماعية العريقة. تعرف هذه الليلة محليا بـ “النصفية”، وهي أكثر من مجرد محطة في تقويم الشهر الكريم، إذ تتحول إلى مناسبة تجمع العائلات حول موائد الإفطار، وتخلد فرحة الأطفال بصيامهم الأول، إلى جانب احتفالات ختان الصغار التي تضفي على الأجواء طابعا مميزا.

 تعد “النصفية” فرصة للأطفال الصغار لخوض تجربة الصيام لأول مرة، حيث تبدأ الأسر بتشجيعهم على الصيام الجزئي، ثم يكافأ نجاحهم بمشاركتهم إفطار العائلة على المائدة الرئيسية، في تقليد يشعرهم بالفخر والانتماء لهذه العادة.
وتزيّن المائدة بمختلف الأطباق الرمضانية، إلى جانب الحلويات الشهيرة كـ “الزلابية” و«قلب اللوز” و«البقلاوة”، مما يجعل هذه الليلة ذكرى لا تنسى في وجدان الصغار. كما يحصل الأطفال على هدايا رمزية تشجيعية، تعزز لديهم قيمة الصيام والفرح بهذه التجربة.
وتعتبر ليلة النصف من رمضان موعدا مفضّلا لدى بعض العائلات لإقامة حفلات الختان، حيث يحرص الأهالي على أن يعيش أطفالهم هذه المناسبة في أجواء احتفالية مليئة بالفرح. يرتدي الصغار المختنون أزياء تقليدية، وسط زغاريد النساء وأهازيج الفلكلور الشعبي، بينما تكتمل الفرحة بموائد رمضانية تجمع الأهل والجيران.
وتترجم روح التكافل الاجتماعي من خلال مبادرات ختان جماعي تنظمها الجمعيات الخيرية لصالح أطفال الأسر المعوزة، في مشهد يعكس قيم التضامن الراسخة في المجتمع الجلفاوي.
موائد رمضان تمتد إلى المساجد
ولا تقتصر احتفالات النصفية على المنازل، بل تمتد إلى المساجد، حيث يجلب الأهالي أطباقا رمضانية (كالبغرير، المسمن وحلويات أخرى) لتقدم إلى المصلين بعد صلاة التراويح. لتتحول هذه اللقاءات إلى مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية، وتبادل التهاني والدعوات، وسط أجواء تعكس روح الشهر الكريم.
كما تمثل “النصفية” أيضا مناسبة لإحياء صلة الرحم، حيث تتوافد العائلات الكبيرة إلى بيوت الأجداد في سهرات تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل أين تقدم القهوة والشاي والحلويات التقليدية، بينما تستعاد ذكريات رمضانية من الماضي، ويتجدد الحديث حول الاستعداد للعشر الأواخر وليلة القدر وعيد الفطر، مما يعزز الترابط العائلي في هذه الليلة المميزة.
وتبقى ليلة النصف من رمضان في ولاية الجلفة تقليدا راسخا يجمع بين القيم الروحية والمظاهر الاحتفالية، حيث تمتزج فرحة الصغار بصيامهم الأول بمظاهر الختان واللقاءات العائلية، في مشهد يعكس أصالة المجتمع وتلاحمه. لتظل “النصفية” محافظة على مكانتها في الذاكرة الجماعية كواحدة من أجمل ليالي الشهر الفضيل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19724

العدد 19724

السبت 15 مارس 2025
العدد 19723

العدد 19723

الخميس 13 مارس 2025
العدد 19722

العدد 19722

الأربعاء 12 مارس 2025
العدد 19721

العدد 19721

الثلاثاء 11 مارس 2025