يتصدّر طبق الشربة بالفريك موائد العائلات الأوراسية طيلة العشر أيام الأولى من الشهر الفضيل، وهو طبق معروف وطنيا، الذي يبقى سيد المائدة رغم المنافسة القوية التي يواجهها من طرف بعض الأطباق الأخرى، مختلفة الأذواق والألوان والمكونات كطبق الدوبارة البسكرية.
لم يصمد طويلا طبق الشربة بالفريك على موائد سكان الاوراس، ليشاركه طبق شتوي لذيذ آخر، عجلت الاضطرابات الجوية الاخيرة بظهوره وتصدره المشهد، وهو طبق الدوبارة البسكرية، حيث أصبح طبقا رئيسا آخر على موائدهم خاصة بمجرد انقضاء العشر أيام الاولى من شهر رمضان.
ويعتبر طبق الدوبارة البسكرية الشتوي الطابع من بين الأطباق التي تزين موائد الباتنيين بعد أن أصبح لها محلات خاصة موزعة عبر كل الأحياء الشعبية والراقية بالولاية، كونها حسب من يعشقها طبق طبيعي وغني بالمواد التي يحتاج إليها الجسم، ويعتبر كل من يقتني طبقا من الدوبارة التي تنفذ باكرا فائزا نظرا للتهافت عليها والإقبال الواسع على اقتنائها.
واللافت في أغلب المحلات التي تبيع الدوبارة بباتنة تواجد كل الفئات العمرية لاقتناء طبق منها عكس ما هو رائج بأن الإقبال على هذا الطبق يكون دائما من قبل الكبار في السن من كهول وشيوخ، حيث أوضح أحد المواطنين بأن عائلته تحب الدوبارة ويشتريها بكثرة طيلة الشهر الفضيل كون غالبية أفراد العائلة يفضلون أكلها بعد صلاة التراويح.
وأشار مواطن آخر إلى أن الإقبال على هذه الأكلة الشعبية يبلغ ذروته في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، بعد أن يبدأ الصائمون في الملل من أكلة الشربة، ويرغبون في التغيير فتلجأ العائلات إلى الدوبارة البسكرية المختلفة الذوق والمكونات، والتي تقتنيها جاهزة نظرا لتفرغ نساء البيت لتحضير حلويات العيد المبارك، واقتناء ملابس العيد للأطفال، والقيام بحملات تنظيف للبيت وتجديد ديكوره استعدادا لعيد الفطر.
وتكون الدوبارة حسب أحد الباعة دواءً وعلاجا للزكام خاصة في فصل الشتاء، وتمنح المناعة لمتناولها في فصل الصيف لأنها تعتمد على توابل طازجة يتراوح عددها ما بين 18 إلى 25 نوعا من التوابل، بالإضافة إلى الثوم والبصل المقاومين للزكام، أما في شهر الصيام فالدوبارة تسيل لعاب الصائمين من محبيها، الذين لا يستطيعون مقاومة رائحتها الزكية المنبعثة من المحلات المنتشرة كالفطريات.
ويبدو أنّ أشياء كثيرة تغيّرت في العادات الغذائية لسكان باتنة، فبعد أن كان البوراك والشربة سيدي المائدة في رمضان، نجد في السنوات الأخيرة طبق الدوبارة قد صنع الفارق، وأصبح ينافس طبق الشربة بل ويتفوق عليه في كثير من الموائد، خاصة وأن الكثير ممن يقتنونها تسحرهم طريقة عرضها بديكور مثير للحماس والرغبة في اقتنائها، حتى وإن لم يكن بدافع الأكل فيكون الدافع إرضاء الشهية في الاستمتاع بمشاهدة من يأكل الدوبارة، لما لها من نكهة خاصة يطبعها مزيج من الفلفل الأحمر والأخضر والثوم والكمون، وتزيدها بهاء قطع صغيرة من الليمون الأصفر، ما يمنحها شكلا رائعا يثير الشهية خلال الشهر الفضيل.