قدّمن أروع الأمثلة في البطولـة والتضحية لأجل حرّية الوطـن

حرائــر الجزائر.. أخـوات الرجـال في ساحـات النّــزال

سهام بوعموشة

 

 

 

قدّمت المرأة الجزائرية أروع بطولات التضحية لتحرير الجزائر، فمنهن الفدائيات، المسبلات، الجنديات في صفوف جيش التحرير الوطني، عون إتصال، ممرضات، المجندات المتعلمات، أعضاء في شبكة التسليح والإستعلامات “المالغ”، لم يتخلفن عن تلبية نداء الوطن، تعرضن لأبشع أنواع التعذيب، ومنهن من استشهدن زوليخة شايب ذراع، حسيبة بن بوعلي، مريم بوعتورة، مليكة قايد، فضيلة سعدان، زيزة مسيكة، كنّ نموذجا حيا عن شجاعة المرأة الجزائرية، وغيرهن كثيرات.

كنّ وطنيات حتى النخاع، أدّين دورا في إيواء وإطعام المجاهدين، وغسل ملابسهم، وجمع الإشتراكات، اعلام جيش التحرير وتوعية النساء في القرى والمدن بعدالة القضية الجزائرية، فكان لكل فرقة مسبلتان أوثلاث.
اضطلعت المرأة المجاهدة والمناضلة بمهام صعبة وخطيرة إلى جانب أخيها الرجل في الجبال وحرص على أن لا تصاب بسوء، ساهمن في تهريب الأسلحة.. كتبت الشهيدة حسيبة بن بوعلي لوالديها 23 يوما قبل استشهادها رسالة قالت فيها: “ما أصعب الشوق إلى الأهل حين نكون بعيدين عنهم، تعلمون أنني مطلوبة من الشرطة هنا في مدينة الجزائر، فيستحيل علي إذن فعل أي شيء، ولذلك فقد قررت بل هو واجبي الذهاب إلى جبهة القتال، حيث أعلم أنني أفيد كممرضة أو حتى - وهو ما أرجوه من كل قلبي - أن أقاتل والسلاح في يدي، صحيح أن الطريق سيكون وعرا للوصول إلى جبهة القتال، ولكنني آمل بعون الله بلوغ ذلك سالمة معافاة، إن مت فلا تبكوني، فسأموت سعيدة، أؤكد لكم ذلك”.
ذكر الجنرال ماسو، في مذكراته أن “المرأة الجزائرية حملت القنابل لتضعها في الأماكن المناسبة، وشكلت شبكة حقيقية بفضل أجهزتها والبراءة المصطنعة في سلوكها، حتى استطاعت بكل حرية أن تخترق الأوساط، التي تريدها دون إثارة انتباه أحد”.
تذكر مصادر تاريخية، من بينها الباحثة جميلة عمران، إحصاء 10 آلاف و949 مناضلة في صفوف الثورة منهن 9194 مناضلة مدنية، و1755 عسكرية في جيش التحرير الوطني.
وكان سن المجاهدات، يتراوح ما بين 16 سنة إلى أقل من 30 سنة، أغلبهن شابات، ومثلت نسبة الريفيات حوالي 70 بالمائة، ونساء المدن بحوالي 20 بالمائة، بحسب احصائيات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أوّل نوفمبر 1954.
أسست السلطات الفرنسية الاستعمارية سجونا خاصّة بالنساء، مثل سجن تفلفال بمنطقة غسيرة بباتنة، عام 1955، أودعت فيه حوالي 20 إمراة لعزلهن عن أزواجهن المجاهدين، وسجن الحراش بـ 50 مناضلة، وتشير احصائيات إلى سجن 1343 مناضلة وقتل 948 أخرى، حيث تعرضن لأبشع أنواع التعذيب والإغتصاب.ونقلت المناضلات الجزائريات إلى سجون “باو”، تولون، كايان، وتولوز.
تؤكد مصادر فرنسية، أنه خلال 1961، تعرضت مئات الجزائريات للإغتصاب خلال عشرة أشهر فقط، وذلك في مراكز الإستجوابات والتعذيب بالجزائر.وتذكر المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، في مذكراتها أن عشر مظليين فرنسيين عذبوا رفيقتها جميلة بوحيرد، باستعمال الصعق الكهربائي للإعتراف بالناشطين معها في العمل الفدائي.

الويزات إيغيل أحريز نموذج حيا للتعذيب الجسدي والنفسي

وتعدّ المجاهدة الويزات إيغيل أحريز، نموذجا حيا للتعذيب الوحشي، الذي تعرضت له المناضلات الجزائريات، من طرف المظليين، بقيت الأثار الجسدية والنفسية على جسدها شاهدا حيا على جرائم فرنسا.
كلفت المجاهدة، بمهام عون اتصال ضمن التنظيم السرّي للثورة في وسط مدينة الجزائر وبعدها في الجبال كممرضة.
تؤكد الباحثة سميرة دعاشي، من جامعة محمد لمين دباغين، سطيف 02، في مقال بعنوان: “المجاهدة الويزات إيغيل أحريز: حياة كفاح”، نشر بمجلة الحكمة للدراسات التاريخية في العدد 10، سنة 2017، أن حوالي 2000 مناضلة إلتحقت بصفوف جيش التحرير الوطني أغلبهن في ريعان الشباب، متحدين محظورات المجتمع التقليدي.
تقول الأكاديمية:« هؤلاء المجاهدات عشن وسط إخوانهن المجاهدين، فتولين مهام عديدة منها تقديم الدواء، العمل بالمصالح الإستعلامية، التمريض، التوعية بأهداف الثورة وعدالة القضية الجزائرية”.
وتضيف الباحثة دعاشي، “أن المجاهدة الويزات إيغيل أحريز، واحدة من المناضلات التي هزمت جلاديها بالصّمت خلال عملية التعذيب، وهزّت الإعلام الفرنسي وجنرالاته بإعترافاتها بعد الاستقلال”.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19719

العدد 19719

الأحد 09 مارس 2025
العدد 19718

العدد 19718

السبت 08 مارس 2025
العدد 19717

العدد 19717

الخميس 06 مارس 2025
العدد 19716

العدد 19716

الأربعاء 05 مارس 2025