أخـذت بأيدي 500 طالب إلى تحقيـق أهدافهم.. كريمـة قـادة تواتي..

إمرأة “الذهــب الأسـود” تنجح فـي اكتساح “الذهـب الأخضـر”

هيام لعيون

 مساعـدة الشبـاب وخريجي الجامعـات علـى إنشـاء مؤسسّـات ناشئـة

آمنت بتخصّصها، وحلمت بالغوص فيه ومساعدة الشباب للولوج إليه، في وقت لم يكن للاقتصاد الأخضر”، مسار ضمن النموذج التنموي الاقتصادي المستدام الجديد، على الأقل في الجزائر خلال نهاية الثمانينات وبداية سنوات التسعينات، عندما اختارت هذا التوجه بداية من بوابة الجامعة، لكنها أصرّت وحقّقت هذا الحلم منذ أكثر من عشر سنوات عندما أسّست جمعية تعنى بهذا الاقتصاد، لتساهم في مرافقة وتكوين الشباب، رغم ثقل مسؤوليتها كإطار في شركة وطنية للمحروقات، فضربت عصفورين بحجر واحد ووضعت كل طاقتها وخبرتها في خدمة “الذهب الأسود”، لتصل بكل جدراة واستحقاق في تعزيز اقتصاد “الذهب الأخضر” الذي يعتبر فرصة لخلق الثروات وترقية عالم الشغل.

هي السيدة قادة تواتي كريمة، إطار في مؤسسة وطنية، ورئيسة جمعية النساء المقاولات في الاقتصاد الأخضر، خبيرة في الطاقات المتجدّدة، وعضو المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي منذ سنة 2021، تعمل كمهندس دولة في سلطة ضبط المحروقات بالجزائر العاصمة، خريجة جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا سنة 1993، كمنهدسة دولة في الكهروتقني، من “الجيل الجميل” كما يحلو للبعض تسميته الآن، واجهت تحدّيات التعليم العالي في أصعب وأحلك فترة مرّت على جزائر الإستقلال زمن العشرية السوداء، حيث كان يعتبر إصرار المرأة على العمل والتعليم كفاحا في سبيل نيل العلم.
ورغم يقينها بأنها درست تخصصا صعبا يقصده الرجال أكثر من النساء، حيث كانت من بين القلائل اللائي تخرّجن في تلك الفترة من بين 50 متخرجا ضمن دفعتها، التي كانت تضم سوى 4 طالبات فقط، هي واحدة منهن، والباقي احتكره الرجال، إلا أنها ثابرت واجتهدت ونالت وتخرجت، لتواجه عالم الشغل، حيث اشتغلت بعدها في مؤسسات وطنية عديدة على غرار سونلغاز، كهراكيب، سيدام، وغيرها من المؤسسات التي لها صلة بعالم الكهرباء والطاقة.
وتعود المهندسة تواتي اليوم، لتتحدث مع “الشعب”، عن مهنتها كامراة وحيدة ضمن عشر رجال في مهنة ظلّت حكرا على الرجال، في المصلحة التي تشتغل بها في سلطة ضبط المحروقات، حيث تعمل كمراقبة تقنية للوقوف على مطابقة المعايير الدولية فيما يخص آليات والهياكل الكهربائية الكبرى لشركة سوناطراك. هذا العمل تعتبره تواتي تحدي كبير بالنسبة لها من باب حبها اللامتناهي لهذه المهنة.
عام تحقيق الحلم ...
السيدة كريمة التي تبلغ من العمر 54 سنة، وأم لطفلين، بدأ نور حلمها يشتعل شيئا فشيئا لمّا عملت في مركز تطوير البحث والطاقات المتجدّدة الكائن مقره بالجزائر العاصمة ببوزريعة، حيث اشتغلت به سنة 2011، عندما أكملت دراستها العليا “ماستر” في الطاقات المتجدّدة ونالت الشهادة سنة 2013، لتلتحق بدورها للعمل كمهندسة دولة بسلطة ضبط المحروقات في ذات العام، وهو عام تأسيس جمعيتها الخاصة بالاقتصاد الأخضر والبيئة.
 هنا تحقّق الحلم، الذي لم يكن سهلا بل صعب المنال، خاصّة وأن الجمعية تعنى بمجال جديد في الجزائر العديد من النخبة كانت لا تؤمن به وبنجاعته في ذلك الوقت، خاصّة وأن اهتمام الشباب وخريجي الجامعات بهذا التخصّص كان شبه منعدم. ومابين مسؤوليات العائلة ودورها كأم، ومابين عملها كمهندسة سامية في الدولة وخبيرة في ميدان الطاقة والكهرباء وفي الطاقات المتجدّدة رسمت السيدة تواتي نجاحها وتربعت على عرش “الجمعية الخضراء ».
ولم تكتف بذلك، حيث واصلت درب العلم، حتى نالت شهادة الدكتوراه في مجال تقييم السياسات العمومية في الانتقال الطاقوي، عن جدارة واستحقاق.وفي هذا الإطار، تحدثت المهندسة عن الجمعية التي تقودها بكل فخر وقالت إن “الجمعية تأسست سنة في 2013، وقد جاءتها فكرة تأسيسها من أجل مساعدة الشباب خريجي الجامعات على الولوج إلى عالم “الاقتصاد الأخضر” الذي لم يكن منتشرا كما هو عليه اليوم خلال العشرية الماضية.
نماذج عن نجاح الشباب
وأبرزت أن هذه الجمعية، ساعدت الكثير من الشباب خريجي الجامعات على إنشاء مؤسسة مصغرة في ميدان الاقتصاد الأخضر على غرار الرسكلة، الاقتصاد الدوري والطاقات المتجدّدة، حيث أن الجمعية قد كوّنت ورافقت أكثر من 500 شاب وشابة في مجال الاقتصاد الأخضر.
وتتمحور مهام جمعيتها في إطلاق عمليات تحسيسية أولا ثم تكوين الطلبة وأصحاب المشاريع، وكانت الفترة الذهبية للجمعية من 2015 إلى سنة 2021، حيث عملت على مساعدة الكثير من الشباب الذين باتوا روادا للأعمال اليوم في هذا المجال، ويساهمون في تطوير الاقتصاد الوطني بتصدير بعض المواد في هذا المجال وتعزيز سياسة ترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات، تتيح اليوم للمتعاملين الاقتصاديين كل التسهيلات.وبرغم نقص التمويلات الخاصّة بالمشاريع، إلا أن السيدة كريمة، حرصت على مرافقة أصحاب المشاريع وخريجي الجامعات، خاصّة من النساء، حيث أشرفت على تكوين عدد معتبر منهن بالتعاون مع برنامج مكتب الدولي للعمل، في تكوين النساء وتمكين المرأة خاصة المرأة الريفية التي تتملك مؤهلات لتعزيز قدراتها في المقاولاتية.
نساء ريفيات يتألّقن بالأخضر
وكمثال على نجاح على ذلك، أبرزت الخبيرة في مجال الطاقات المتجدّدة، نماذج لنساء نجحن بمساعدة جمعيتها، حيث أن هناك من أنشأن مؤسسات مصغرة، مثلا في الزراعة البيولوجية، على غرار النجاح الباهر الذي تم تحقيقه في ولاية سطيف، حيث تم تكوين نساء في زراعة الزعفران مثلا وغيرها من الزراعات.
 وإلى جانب ذلك، قامت الجمعية، بدوريات نحو ولايات عدّة، والتقت نساء من مختلف الولايات على غرار العاصمة وقسنطينة، وفي باتنة تحصّلت إحدى النساء اللائي تدربن بالجمعية سنة 2020 على جائزة وزارة المؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة في مشروع لتصفية المياه سنة 2022.ولانجاح هذا السبيل، كانت رئيسة جمعية الاقتصاد الأخضر، قد عقدت اتفاقيات مع عدّة جامعات بالوطن على غرار جامعات باتنة، قسنطينية ووهران. وختمت السيدة تواتي، حديثها معنا تقول: “احتفالنا بعيد المرأة في كل سنة يجب أن يكون محطة لعرض نجاحات النساء الجزائريات اللائي اقتحمن مجالات صعبة، وإبراز قدراتهن على الدخول في كافة الميادين، يدا بيد مع الرجل في إطار كسب معركة تعزيز نموّ الاقتصاد الوطني، فأنا واحدة من بين آلاف النساء الجزائريات “الفحلات” وهناك كثيرات، لذلك سأكمل المشوار وأسعى لتحقيق مزيد من النجاح والتفوق».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19719

العدد 19719

الأحد 09 مارس 2025
العدد 19718

العدد 19718

السبت 08 مارس 2025
العدد 19717

العدد 19717

الخميس 06 مارس 2025
العدد 19716

العدد 19716

الأربعاء 05 مارس 2025