ذاكرة مكان

مسجد­­ الصفّاح..جنديّ إيطاليّ بنـاه بالأغــواط

 يعدّ جامع الصفاح رمزا ومنارة تاريخية وشعلة تنير ولاية الأغواط بسبب طابعه المعماري المميز، وللجامع عدة تسميات فيعرف بالجامع الكبير لأنه أكبر جامع بالمدينة آنذاك، وسمي بجامع الصومعة لأنّه أول مسجد بالمدينة تقام له صومعة، أما تسميته بالصفاح فنسبة للصخرة الكبيرة (الصفيحة) التي شيد عليها، وقد تمّ بناؤه على أنقاض مبنى الصفاح، وهي دار الخليفة أحمد بن سالم حسب موقع “اوقاف جزائرية”.
كانت بداية بنائه سنة 1865م، وتمّ الانتهاء من بنائه في شهر صفر 1293 هجري الموافق لشهر مارس 1874م، حسب ما كتب على قطعة الجبس الموجودة في حنية القبة للصومعة الكبيرة، من طرف الجندي المهندس الفلكي الايطالي الأصل “جيا كومو موليناري” الذي أحضرته السلطات الفرنسية لبناء مباني متعددة، إلا أن المهندس أسرته عادات وتقاليد المنطقة المستمدة من سماحة الدين الإسلامي فاعتنق الإسلام وأصبح اسمه “سي أحمد”.
تذكر الروايات أن “موليناري” تكفيرا عن ذنوبه طلب من السلطات الاستعمارية تسليمه قطعة أرض في أعالي مدينة الأغواط تطلّ على جميع الجهات لبناء كنيسة فكان له ذلك، وهناك رواية أخرى بلسان الشيخ كويسي مبروك رحمه الله أن السلطات الفرنسية منحت ترخيصا بناء المسجد لامتصاص غضب السكان بعد أن دمرت مسجدين في الولاية مسجد بن بوطة، ومسجد الشطيط، ومسجد حولته إلى كنيسة وهو مسجد الخليفة الموجود بزقاق الحجاج، ومسجد العتيق الذي جعلته اصطبلا للحيوانات.
لقد شارك في بناء المسجد بعض الصناع الماهرين مثل الحاج العيد ثليجي، وقد تكفل ببنائه أبناء الأغواط وبعض التبرعات التي جمعت من بعض الولايات.
عمارة المسجد خليط منسجم بين العمارة الغوطية والعمارة الإسلامية، في وسط السطح توجد زهرة الرياح (زهرة الاتجاهات) رخامية مستديرة الشكل مثبت على قاعدة، نقش عليها اتجاهات ومسافات بعض المدن والقصور المحيطة والتي تبعد عن ولاية الأغواط والمحددة بالكيلومترات، إضافة إلى وجود رمز قد يرمز للمدينة القديمة وهو متشكل من رأس جمل، ونخلة، وأحد بروج المنطقة.
ويتكوّن المسجد من قاعة صلاة مربّعة الشكل بأبعاد 20م ×20م بها خمس بلاطات متقاطعة معقودة بأقواس منكسرة محمولة على أعمدة أسطوانية ضخمة بقطر 65 سم تتكون الواجهة الرئيسية من سلمين حجريين يفضيان إلى رواق معقود بخمس أقواس مدببة على جانبيها، وتم تسقيف المسجد باستعمال نظام قبوات الآجر المحمولة على عوارض حديدية، وهو محمول على أسطوانات مستديرة الشكل عددها ستة عشر، والأقواس التي تعلوها مدببة، وتوجد في الاتجاهين معا جهة جدار القبلة والجهة الموازية، للجامع نوافذ بشكل عقود مدببة، وذلك على كل الواجهات ماعدا جهة الدخول، وفي جدار القبلة يوجد المحراب الذي حفر بها، كما يوجد باب صغير في الجهة الغربية من هذا الجدار.
وللجامع مئذنتان وقُبة الصومعة كتب بها أسماء البنائين وتاريخ البناء، الأولى في جهة الغرب في رواق الدخول طولها 30م، بها سلالم حلزونية من الحجارة المهندمة تفضي إلى سطح الجامع وإلى قمة المنارة، وشكلها مربع كأغلب منارات المغرب العربي يعلوها الجوسق، أي الطابق العلوي للمنارة وشكلها مثمن الشكل، ولا توجد بها سلالم وشكلها الداخلي مستدير.
تتميز هذه مئذنة المسجد ببعض الزخارف التي تتواجد بواجهتها خاصة الواجهة الشمالية والجنوبية بما يسمى السراميك أو الزليج على شكل مثلث أخصر وأبيض، كما تتواجد بها ثلاثة أقواس ناتئة مصنوعة من الأجور المشوي.
أما الصومعة الثانية تتواجد في الجهة الشرقية يصل ارتفاعها إلى 17 م، وسطح المسجد يرتفع عن الأرضية بمقدار 9 أمتار، به منافذ للتهوئة على حواف السطح غرضها التقني عدم تعرض السطح للرطوبة وحمايته من الانهيار وهذا ما يميزه عن باقي المساجد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19714

العدد 19714

الإثنين 03 مارس 2025
العدد 19713

العدد 19713

الأحد 02 مارس 2025
العدد 19712

العدد 19712

السبت 01 مارس 2025
العدد 19711

العدد 19711

الأربعاء 26 فيفري 2025