عندما أتلقّى سؤالا عن الفرق بين الشركة التي يمكن أن تخترق العصور والشركة التي تكافح من أجل البقاء، غالبًا ما تكون إجابتي نفسها: الفرق يكمن في “سبب وجود الشركة..إنّ السبب المؤسّس هو الخيط المشترك الذي يمنح المعنى لكل عمل، ولكل قرار، وهو الذي يسمح بتحفيز فرق العمل للمضيّ نحو هدف مشترك.
لقد دعمتُ العديد من الشركات في تحولها، ويمكنني أن أخبرك بشيء واحد: أنجح الشركات ليست بالضرورة تلك التي تهدف فقط إلى الربحية. إنها الشركات التي تمكنت من تحديد سبب حقيقي لوجودها، ليصبح صدى يتردد في أوساط الموظفين مع عملاء الشركة.
سبب وجودي يشبه التنزه في الجبال - نشاطي المفضل في عطلة نهاية الأسبوع..أنت بحاجة إلى وجهة واضحة، لكن الطريق هو المهم حقًا..عليك أن تعرف كيفية التكيف مع التضاريس، والتعامل مع العناصر المختلفة على طريقك، مع البقاء على المسار الصحيح نحو هدفك.. في بعض الأحيان، تحس أنك أبعد من الوصول إلى القمة، ولكن، ولكن التقدم خطوة بعد خطوة، مع فريق متكامل، يسمح بالوصول إلى القمة بسهولة.
الذّكـاء الاصطناعي كاشـف للمعنى
اليوم، يوفّر لنا الذكاء الاصطناعي فرصة فريدة لإعادة اختراع سبب وجود شركاتنا، ليس عن طريق استبدال الإنسان - لا نخطئ - ولكن من خلال إتاحة فهم أفضل لكينونتنا وما يمكننا إضافته إلى العالم.
إليك كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدتنا في الممارسة العملية:
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل ملايين البيانات لقياس التأثير الحقيقي لإجراءاتنا على أصحاب المصلحة من عملائنا. إنه يسمح لنا برؤية ما وراء ما هو واضح واكتشاف فرص التأثير الإيجابي التي لم نتخيلها أبدًا.
الاستماع الموسع بفضل أدوات تحليل اللغة الطبيعية، يمكننا الآن من فهم توقعات وتطلعات موظفينا وعملائنا وشركائنا على نطاق واسع، الأمر يشبه إجراء الآلاف من المحادثات المتزامنة، مع التقاط الفروق الدقيقة لكل منها.
محاكاة العقود الآجلة المحتملة، تسمح لنا برؤية أوضح.. النماذج التنبؤية باستكشاف سيناريوهات مختلفة لتطور سبب وجودنا. يسمح لنا بتوقع عواقب خياراتنا بشكل أفضل وتعديل مسارنا، قبل وقوع المحظور.
نهـج أصيــل
كن حذرًا على الرغم من ذلك: الذكاء الاصطناعي هو مجرد أداة، كما أخبر زبائني في كثير من الأحيان، “الابتكار ليس مجرد مسألة تقنية، بل هو قبل كل شيء مسألة عقلية”. يجب أن يظل تعريف سبب الوجود نهجًا إنسانيًا عميقًا.
الأمر أشبه بالتحضير لرحلة استكشافية جبلية: يمكنك الحصول على أفضل المعدات وخرائط الأقمار الصناعية، ولكن روح الفريق والرؤية المشتركة هي التي ستحدث الفرق. تساعدنا التكنولوجيا على الرؤية بشكل أفضل، ولكن الأمر متروك لنا لتحديد المكان الذي نريد الذهاب إليه.
خطـوات رئيسيـة
الاستبطان المعزز لاستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل تحليل تاريخك ونقاط قوتك وتأثيراتك الحالية، خذ الوقت الكافي لاستيعاب هذه المعلومات كفريق، لمقارنتها بتجربتك.
الاستماع بزاوية 360 درجة..دع الذكاء الاصطناعي يساعدك على التقاط جميع الأصوات: الموظفون والعملاء والشركاء والمجتمع المدني، ولكن حافظ على حوار إنساني للمواضيع الحساسة.
البناء المشترك. استخدم أدوات تعاونية معززة بالذكاء الاصطناعي لإشراك أكبر عدد ممكن من الأشخاص في تحديد هدفك. يجب أن تعرف أن الالتزام يبدأ بالمشاركة.
التجريب..اختبر تركيبات مختلفة لسبب وجودك، وقم بقياس صداها بفضل الذكاء الاصطناعي، ولكن اعتمد أيضًا على حدسك وحدس فريقك.
خلاصــة القــول
يشبه تعريف سبب الوجود الأصلي والمؤثر إنشاء مشروب منعش، وهو فن تعلّمت تقديره على مر السنين في منطقتنا الجميلة..إنها ليست مجرد مسألة تقنيات أو عمليات، ولكنها مزيج دقيق من التقاليد والابتكار والصبر والجرأة.
كن مثل صانع عصير يستخدم اليوم أجهزة استشعار متصلة وتحليلات تنبؤية لترسيخ مكانته، يجب أن نتبنى الذكاء الاصطناعي ليس كغاية في حد ذاته، ولكن كأداة للكشف عن أفضل ما في مؤسساتنا. يساعدنا الذكاء الاصطناعي على فهم بيئتنا بشكل أفضل، وتوقع التغييرات، وتحديد الفرص الجديدة للتأثير الإيجابي. لكن الإنسان دائمًا هو الذي يعطي المعنى، ويغرس الروح.
لقد رأيت الشركات تتحول بعمق بفضل الاشتغال على سبب وجودها..لقد رأيت فرق العاملين تستعيد حماسها وإبداعها ورغبتها في الابتكار لهدف يتجاوزها. لقد رأيت رؤساء الشركات يعيدون اكتشاف المعنى العميق لمهمتهم، بما يتجاوز مؤشرات الأداء البسيطة.
ربما يكون هذا هو التحدي الحقيقي للتحول الرقمي في نهاية المطاف: ليس فقط تحديث أدواتنا أو تحسين عملياتنا، ولكن إعادة اكتشاف جوهر شركاتنا. استخدم قوة الذكاء الاصطناعي لتضخيم تأثيرنا الإيجابي، وتعزيز معتقداتنا، وتحويل تطلعاتنا إلى أفعال ملموسة.
المستقبل للشركات التي ستجمع بين التكنولوجيا والإنسانية، وتؤلف بين الأداء والمعنى والابتكار والمسؤولية. فالشركات الناجحة هي التي تدرك أن سبب وجودها ليس تمرينًا بسيطًا للتواصل، بل هو الأساس لقدرتها على خلق قيمة مستدامة للجميع.
الأمر متروك لنا، نحن مسيّرو الشركات..الأمر متروك لنا لإثبات أن الشركة يمكن أن تكون ناجحة وذات مغزى. الأمر متروك لنا لجعل الذكاء الاصطناعي حليفًا في هذا البحث عن المعنى، مع إبقاء الإنسان في صميم قراراتنا؛ لأن سبب الوجود - في الأساس - ليس شيئًا نكتشفه بفضل الذكاء الاصطناعي..إنه شيء نكتشفه ونزرعه ونتعهد نموّه معًا..إنه بوصلتنا في عالم دائم التغير، ومصدر طاقتنا في لحظات الشك، وإلهامنا لبناء مستقبل أفضل.