استخدام الذكاء الاصطناعي في إثبات الجرائم الإلكترونية..خبراء ومختصّون:

لا بديل لمسايرة السياسة الجنائية للتطوّرات التكنولوجية

أحمد حفاف

اقـتراح إنشاء فهرس وطني للمـفاهيم والمصطلحـات الرقميـة

دعا البروفيسور في العلوم القانونية الجنائية، رامي حليم، إلى ضرورة مسايرة السياسة الجنائية للجزائر مع التطوّرات التكنولوجية الحديثة لما لها من أثر بالغ على تطوّر الإجرام، وهذا بعدما أصبحت الجرائم تٌرتكب في مسرح افتراضي غير ملموس بفعل استخدام هاته التكنولوجيات.

أكّد المتحدّث في تصريح لـ “الشعب”، على هامش يوم دراسي نظّمه مجلس قضاء البليدة، بأنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في التحليل الجنائي الرقمي يُشكّل تحدّيا كبيرا للجزائر، ويمكنه أن يحلّ محلّ العنصر البشري في بعض التطبيقات كما هو معمول به في بعض الدول، كما أنّه كمسألة افتراضية -بحسب تعبيره- يمكن استعماله في ارتكاب بعض الجرائم وبالتالي صعب جدّا مكافحتها بالوسائل التقليدية.
وكي تقوم المسؤولية الجزائية عن ارتكاب الجرائم باستخدام الذكاء الاصطناعي ينبغي أن تتوافر النصوص القانونية يقول الأستاذ رامي: “وجب أن يتدخّل المٌشرّع الجزائري كما فعلت كثير من الدول بتخصيص نصوص لمسألة الذكاء الاصطناعي في قوانينها، لكن التحدّي الذي يواجهه هو أنّ المحاضر التي تٌعدّها الضبطية القضائية تٌؤخذ على سبيل الاستدلال فقط إلا إذا كانت محاضر معاينة تقنية، فهل الاستدلال الذي يٌنجز باستخدام الذكاء الاصطناعي سيكون له حجية مطلقة أمام القضاء أو لا؟”
 وتابع في هذا الخصوص: “على المٌشرّع على أن يتدخّل لضبط المصطلحات بوضع إطار قانوني خاصّ بالذكاء الاصطناعي كما فعل في وقت سابق مع الجريمة السيبرانية، فرغم تأخره في البداية أوجد لاحقا مجموعة من النصوص حتى وإن كانت لا تٌغطي بنسبة 100 % كلّ جوانب الظاهرة الإجرامية، لكن على الأقلّ يتوفر لدينا إطار قانوني حتى لا نخرج عن مبدأ الشرعية (لا جريمة ولا نصّ ولا تدابير أمن إلا بنصّ)”.
وأضاف الأستاذ بجامعة البليدة 2 لونيسي علي بالعفرون: “يجب تضمين قانون العقوبات بنصوص لتجريم بعض الأفعال المتعلقة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وكذلك بالنسبة لقانون الإجراءات الجزائية وكذا قانون الإجراءات المدنية بوضع نصوص صحيحة تسمح بالمتابعة والبحث والتحرّي في هذا النوع من الجرائم حتى لا نقع في مسألة بطلان الإجراءات وتدخّل المُشرّع أصبح أكثر من ضرورة.”
 واسترسل السيد رامي قائلا: “ المٌشرّع أصبح مجبرا على مواكبة التكنولوجيات الحديثة ونحن في الجزائر كأجهزة أمنية أصبحنا مطالبين بتبنّي واستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي حتى لا نكون متأخرين مقارنة بالدول الأخرى..الآن الذكاء الاصطناعي يفرض نفسه في التحليل الرقمي بصورة كبيرة جدّا”.
 وختم قوله: “على سبيل المثال تمكّنت الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام الذكاء الاصطناعي من خفض معدل الإجرام بنسبة 3,3 % بالنسبة للعنف و6.3 % بالنسبة للسرقة وهذا ما يؤكّد فعّاليته، والتحدّي الذي ينتظرنا يلزمنا تكوين مختصّين في هذا المجال وحتى رجال الضبطية يتعيّن علينا تكوينهم ورسكلتهم حتي يتماشوا مع التطوّر التكنولوجي”.
 ورفع المشاركون في اليوم الدراسي الجهوي الذي جرت فعّاليته بمقر ولاية البليدة من قضاة ونواب عامون ورجال قانون، نهاية الأسبوع المنقضي، مجموعة من التوصيات لأجل تبنّيها في إعداد السياسة الجنائية الوطنية، حيث دعوا إلى إنشاء فهرس وطني محمي يضمّ مختلف المصطلحات والمفاهيم الرقمية والتقنية، ووضعه تحت تصرف مختلف الجهات القضائية والأمنية قيد الاستغلال، باستحداث قانون الأمن الإلكتروني.
وتضمّنت التوصيات أيضا المطالبة بوضع أطر قانونية في الإثبات دون إخراجها من السلطة التقديرية للقاضي مع الاعتماد على خبراء الذكاء الاصطناعي والتحليل الجنائي للتعامل مع الأدلة الجنائية الرقمية، وذلك من خلال تعديل قانون 09-04 المتضمّن القواعد الخاصّة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها.
وحضر التظاهرة العلمية بالبليدة مشاركين من ولايات بومرداس، الجزائر، البويرة، تيزي وزو، عين الدفلى، المدية، تيبازة، الشلف، وخلالها كشف مدير الاستشراف والتنظيم بالمديرية العامة لعصرنة العدالة بوزارة العدل، مصطفى موجاج، بأنّ 70 % من المتابعات الجزائية لجرائم باستخدام التكنولوجيات الحديثة يتم تكييفها خارج قانون العقوبات، أيّ وفقا لمواد القوانين الخاصّة لمكافحة هذا النوع من الجرائم.
وتحدّث ذات المسؤول عن تجربة استخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء بالقول: “ نشهد على مستوى العالم استعمال الذكاء الاصطناعي لتوضيح بعض القضايا الجنائية، وكلّ هذه القضايا تقريبا في مرحلة التجربة بإدخال هذه التقنيات المتقدّمة في تحليل البيانات القضائية، وهناك بعض الجهات بدأت تستعمل الذكاء الاصطناعي عن طريق تلقين الآلة بنماذج معيّنة وفق عدد هائل من الأحكام القضائية ومحاكاتها ومعرفة التوجّه الإجرامي وهي دائما مستنبطة من نماذج معدّة مسبقا، فمثلا في جرائم حوادث المرور تتوفر لدينا كثير من الأحكام ممّا قد يساعد على إيجاد أحكام متوازنة مع الظاهرة ككلّ، وهنا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي ولا يمكن أن نستخدمه لتحديد الدليل الذي يتصف بمحدوديته أمام السلطة التقديرية للقضاء.”
 وتابع المتحدّث: “الذكاء الاصطناعي مستعمل في يوميات المواطن من خلال استخدامه للعديد من التطبيقات، وهذا ما قد يفرز إجراما من نوع آخر وينبغي التحضير له من الآن وهذا من خلال التكوين، أيّ تكوين إطارات لديهم القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي ليكون مفيدا في عملية التحرّي والتحقيق وتحقيق المحاكمة العادلة”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19684

العدد 19684

الإثنين 27 جانفي 2025
العدد 19683

العدد 19683

الأحد 26 جانفي 2025
العدد 19682

العدد 19682

السبت 25 جانفي 2025
العدد 19681

العدد 19681

الخميس 23 جانفي 2025