أهازيج فـرح بمـوسـم فلاحي جمـيـل

الجـلفــة.. “ناير ما يبقى واحد حاير”

موسى دباب

تحتفل العديد من العائلات الجلفاوية، كباقي الجزائريين بمناسبة رأس السنة الأمازيغية “يناير” أو ما يعرف في الجلفة بـ “ناير”، بروح تعكس وحدة الوطن وتنوعه الثقافي، حيث تحيي هذه المناسبة التي تمثل للمنطقة بداية السنة الفلاحية، ما يعكس ارتباط المنطقة الوثيق بالأرض والزراعة وتربية الماشية، ويجسد العلاقة الوثيقة بين الأرض وسكان المنطقة.

تقول السيدة “ر.-س.” “عايشت تقاليد الاحتفال بين الماضي والحاضر، ناير هو شهر الأمطار والخيرات، كنا نحتفل به طلبا للبركة في السنة الفلاحية. جدتي التي عاشت في البادية كانت تحضر لنا الأكلات التقليدية في هذا الشهر، مثل الشخشوخة بالطريقة البسيطة التي تعتمد على الفطير الرقيق والسمن الطبيعي”. وتضيف “كان جدي يذبح شاة في هذه المناسبة، وكانت العائلة تحتفي بالأعشاب الطبية التي تجمع خصيصا للتداوي في هذه الفترة. تلك الأعشاب كانت تستخدم لعلاج الحروق وأمراض أخرى” تواصل حديثها “بالنسبة لي، يناير يمثل الترابط الأسري، حيث تكثر زيارات الأهل والأقارب، ونزور كبار السن في هذا الشهر”، وتروي السيدة “ر.س.” كيفية تحضير الشخشوخة، وتقول “شخشوخة ناير بسيطة ومميزة. العجين يقطع إلى قطع رقيقة، ثم يطهى، ونضع عليه بعض من السمن الطبيعي مع العكري. أما المرق، فيتكون من الماء الساخن والبصل والتوابل” وقالت “منذ طفولتي أحببت هذه الأكلة وكل ما يرتبط بالأكل التقليدي في يناير إلى غاية اليوم”.
من جهتها السيدة “شولي”، وهي حرفية في صناعة البرنوس والقشابية، فتقول “في مسعد، ومنذ ولادتي، وجدت أهلي يحتفلون بناير. كان الرجال يذبحون الكباش، ويقيمون الاحتفالات كجزء من سيرة أجدادنا، كنا نحضر أكلات تقليدية متنوعة مثل الرفيس والكسكسي، ونقدم التمر في أطباق، نرتدي ملابس جديد، ونضع الحنة في أيدينا”.
وتضيف: “ كان أجدادنا يقولون “ ناير ما يبقى واحد حاير” تعبيرا عن الخير والبركة التي كان يجلبها هذا الشهر، حيث كانت الأمطار تغمر الأرض، والغنم تزهو، والفلاحون يستبشرون بالموسم الزراعي”.
وتتذكر السيدة شولي التفاصيل البسيطة التي كانت تدخل البهجة “كان الزوج يعود إلى بيته حاملا الحنة والملحفة والعطور. كانت الحياة بسيطة لكن مليئة بالفرح”، تتابع شولي حديثها “رغم تغير الزمن، ما زالت عادات الاحتفال بيناير حاضرة في عائلتنا، نحضر الشخشوخة والكسكسي، وغيرها من الأكلات التي تعتبر جزءا من التراث المحلي، ونتبادل الأطباق مع العائلات الأخرى كجزء من التقاليد”.
وعلى غرار هذه الاحتفالات التقليدية الخاصة بـ “يناير”، تساهم العديد من العائلات الجلفاوية في إحيائه من خلال الأنشطة التي تنظمها المؤسسات الثقافية، من خلال المعارض التي تبرز التراث الوطني، وتعزز في تجسيد الروح الوطنية التي توحد الجزائريين، حيث يتلاقى التراث العربي مع الأمازيغي في مشهد يعكس هوية وطنية غنية بالتنوع، وأن “يناير” ليس حكرا على منطقة دون أخرى، بل هو عيد يعكس وحدة الجزائر وتماسكها. وفي الوقت الذي تحافظ فيه كل منطقة على خصوصيتها الثقافية، تبقى القيم المشتركة هي الرابط الذي يجمع الجزائريين في هذه المناسبة الوطنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19676

العدد 19676

السبت 18 جانفي 2025
العدد 19675

العدد 19675

الخميس 16 جانفي 2025
العدد 19674

العدد 19674

الأربعاء 15 جانفي 2025
العدد 19673

العدد 19673

الثلاثاء 14 جانفي 2025