مدير غرفة الصناعة التقليدية والحرف بالجلفة.. الربيع حمريط لـ “الشعب”:

الـتسويق الإلكتروني جـعل الـبرنوس والقشابية منـتجات عالمـيـة

حوار: موسى دباب

علامة “صنع في الجزائر” تحمي المنتوج  من الـتقليد وتمنحه خصوصيـة

سجلت ولاية الجلفة خلال السنوات الأخيرة، تطورا لافتا في مجال الصناعات التقليدية، حيث شهدت إقبالا كبيرا من قبل الشباب على تعلم فنون صناعة البرنوس الوبري والقشابية، وقد أشار مدير غرفة الصناعة التقليدية والحرف، الربيع حمريط إلى أن هناك أكثر من 3 آلاف شاب انخرطوا في تعلم صناعة البرنوس الوبري والقشابية. هذا النجاح تحقق بفضل المدرسة التكوينية التي فتحت أبوابها عام 2022، التي نجحت في ربط الأجيال، حيث تعاون الحرفيون المعلمون من كبار السن مع الشباب في ورشات تدريبية، ما خلق بيئة مثالية لنقل الخبرات والمهارات.

كما أنه من أبرز محطات هذه النهضة، يأتي أيضا الصالون الوطني للبرنوس والقشابية في طبعته السابعة، الذي يقام من 19 إلى 23 ديسمبر 2024، واعتبره منصة بارزة للإعلان عن “العلامة الجماعية” للبرنوس الوبري، بالإضافة إلى تعزيز تسويق منتوجات الحرفيين.
في هذا الحوار الذي أجرته “الشعب” مع مدير غرفة الصناعة التقليدية بالجلفة، الربيع حمريط، نلقي الضوء على هذه التحولات الكبرى، وكيف تساهم هذه المبادرات في الحفاظ على هذا التراث العريق، وأثرها على الشباب والحرفيين في المنطقة.

- الشعب: ما هو الصالون الوطني للبرنوس والقشابية؟ وماهي أهدافه؟
 الربيع حمريط: يعود الصالون الوطني للبرنوس والقشابية مرة أخرى إلى ولاية الجلفة في طبعته السابعة بعد غياب أكثر من سبع سنوات بتمويل من وزارة السياحة والصناعة التقليدية. بمشاركة 50 عارضا و15 ولاية وانطلق الصالون الخميس الماضي، ويضم كل المنتوجات الصوفية والوبرية الخاصة بولاية الجلفة وولايات الوطن.
وعُرض بالصالون جميع أنواع البرنوس وجميع أنواع القشابية سواء ما تعلق بالوبر أو الصوف أو أي نوع آخر من أنواع البرنوس الوطني. وهو فرصة لترويج المنتوج الوبري والمنتوج الصوفي على المستوى الوطني. ونجد إلى جانب برنوس ولاية الجلفة، برنوس ولاية باتنة وبرنوس ولاية تيزي وزو لاختلاف الألوان واختلاف طريقة الصنع.

- هل هناك جديد في هذه الدورة من الصالون الوطني للبرنوس والقشابية مقارنة بالصالونات السابقة؟
 نعم، يتزامن مع هذا الصالون افتتاح اليوم الدراسي الخاص بالعلامة الجماعية الخاصة بالبرنوس الوبري، هذا الشيء الجديد غير المعتاد بالنسبة للصالونات السابقة. فقد انطلقت غرفة الجلفة هذه السنة، في إعداد العلامة الجماعية الخاصة بالبرنوس الوبري. حيث نسقنا مع معهد مخبر العلوم الإنسانية بجامعة زيان عاشور، وتم انجاز دفتر للشروط، وكذلك “اللوغو” أو ما يسمى بالميثاق البياني.
وحضر المدير العام للملكية الصناعية وممثل معهد التقييس بالصالون، لأنهما معنيان بتسجيل العلامات على المستوى الوطني، ليلقيا محاضرات حول تسجيل العلامة الجماعية. بالإضافة إلى مخبر العلوم الإنسانية الخاص بجامعة زيان عاشور الذي سيعطينا نبذة عن دفتر الشروط المنجز في هذه العملية، بالشراكة مع هذا المخبر. كما سنتحدث كذلك عن الميثاق البياني الخاص بهذه العلامة، وروج الصالون لهذه العملية، بالإضافة إلى طريقة العمل مع الحرفيين.
كما أننا قد برمجنا عدد من الأنشطة المبرمجة المختلفة. كمسابقة حول المنتوج، فضاءين ورشات حية خاصة بإنتاج وخياطة البرنوس، بالإضافة إلى حرفيين يبيعون المواد الأولية الخاصة بالنسيج والصوف.

- ما هو الهدف من هذه العلامة الجماعية وكيف ستؤثر على الحرفيين؟
 الهدف من هذه العلامة هو محاربة التقليد الخاص بالبرنوس الوبري وكذلك المحافظة على أصالة المنطقة وأصالة البرنوس. سنقول للزبون أن هذا المنتج أصلي سواء ما تعلق بالمادة الأولية أو بما يتعلق بطريقة الخياطة اليدوية التقليدية الخاصة بالحرفيين.
ولا يخفى أن عدد الحرفيين في الصناعة التقليدية الفنية على مستوى ولاية الجلفة يقارب 8000 حرفي، حيث أن العدد الأصلي للحرفيين هو 15 ألف حرفي، منهم 8000 حرفي في الصناعة التقليدية الحرفية، و3000 منهم يعملون في نشاط النسيج والخياطة التقليدية في الوبر فقط. وأكثرهم نساء، على اعتبار أن البرنوس ينسج من طرف النساء ثم يستلمه الرجال للخياطة اليدوية. نحن نحافظ على هذه الآليات ونعطيها الآليات القانونية، ليسجل ذلك في المعهد الوطني للملكية الصناعية.

-  كيف يدعم الصالون الحرفيين؟
 هذا الفضاء يدعم الحرفيين لأنه يمثل فضاء تسويقي لمنتوجاتهم، حيث يكون الحرفيون همزة وصل بين الزبون والحرفي. بمعنى أننا نفتح لهم فضاء مخصصا على مدار خمسة أيام، فكل الناس على المستوى الوطني مدعوون لمن أراد أن يقتني قشابية أو برنوس في هذا المجال. ووقع اختيارنا على هذه الفترة لأنها تتزامن مع العطلة وفصل الشتاء، وهو وقت يزيد فيه الإقبال على شراء المنتوجات. الى جانب الاتفاق مع الحرفيين على تقديم تخفيضات لتمكين الزبائن من اقتناء هذه المنتجات.
وسيكون على هامش الصالون مسابقة لأحسن جناح وأحسن منتوج، لإبراز إبداعات الحرفيين والحرفيات في مجال النسيج الوبري والنسيج الصوفي. وطبعا سيكون هناك تنافس بين الحرفيين حول هذه المسابقة، وتعارف بين أكثر من 50 حرفيا من 15 ولاية.

- ماذا يمكن للزوار أن يستفيدوا من خلال زيارتهم للصالون الوطني للبرنوس والقشابية؟
 زيارة هذا الصالون ستكون لاقتناء القشابية أو للتعرف على طريقة صناعة القشابية، فهناك فضاءين عبارة عن ورشات حية، الفضاء الأول هو ورشة حية خاصة بنسيج الوبر، حيث سنجد المنسج، النساء، “قرداش”، الصوف وطريقة الغزل. أما الجناح الثاني، فورشة حية لخياطة البرنوس، يعمل رجال على الخياطة التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يشارك معنا الحرفيون والحرفيات الذين يبيعون المواد الأولية، وهم أربعة حرفيين يبيعون المواد الأولية وآلات لصناعة النسيج الوبري.
كما أننا نحاول مع الحرفيين بأن يكون هناك تنوع في المنتوج سواء في طريقة خياطة القشابية والبرنوس. ونحن نؤمن أنه قد تكون هناك أصالة جديدة مثل الكابيتشو، فتنوع المنتجات يعطي فرصة للزبون بحسب احتياجاته، وهناك قشابية مختلطة بين الصوف والوبر. وعندما يكون هناك وبر، يتنوع أيضا.
كما أن طريقة النسيج تختلف، حيث توجد الخياطة اليدوية والخياطة بالآلة، مما يتيح للزبون الاختيار من بين مجموعة متنوعة من المنتجات، بحيث يستطيع كل شخص شراء ما يناسبه على حسب مقدرته. وقد حاولنا أن نمنح الصالون الزخم الإعلامي المناسب، سواء عن طريق التلفزيون أو الجرائد. بالإضافة إلى ذلك، أنجزنا فيديو ترويجي خاص للصالون من أجل جذب الزبائن لزيارة هذا الحدث.
- كيف يسوّق الحرفيون منتجاتهم خارج الصالونات؟
 الحرفيون يسوّقون منتجاتهم خارج الصالونات من خلال التسويق الإلكتروني الذي يتطور بسرعة. فقد تعلموا استخدام المتاجر الإلكترونية الخاصة بهم على الإنترنت، حيث يعرضون صورا لمنتجاتهم مثل القشابية والبرنوس، إلى جانب أرقام هواتفهم للتواصل المباشر مع الزبائن.
بالإضافة إلى ذلك، يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وانستغرام لترويج منتجاتهم، حيث ينشرون فيديوهات ترويجية تبرز ميزات منتجاتهم، مثل قدرتها على منع تسرب المياه أو الحماية من البرد.
وفي هذا الإطار نظمت الغرفة نهاية العام الماضي دورة تكوينية في كيفية إعداد متجر إلكتروني وكيفية تسويق المنتوج، وكانت الدورة مجانية. حضر فيها العديد من الحرفيين وتعلموا كيفية تسويق منتجاتهم عبر الإنترنت. جائحة كورونا علمتنا أهمية استخدام طرق أخرى غير الطرق التقليدية في الترويج للمنتجات، حيث أصبحت هذه المعارض وسيلة فعالة لرؤية الزبائن للمنتجات.

- هل هناك طلب على القشابية في الأسواق؟
نعم، هناك طلب متزايد على القشابية، وأصبح لها دخل جيد، خاصة أن الشباب يبحثون عن فرص عمل. خلال العشرية السوداء كانت القشابية نادرة في الأسواق، لكن مع مرور الوقت، عادت تدريجيا وأصبحت منتجا مطلوبا في الكثير من المحلات. الشباب الذين بدأوا في هذه الحرفة حصلوا على الدعم من أونجام، لشراء المواد الأولية مثل الوبر أو الصوف، ثم بدأوا العمل  في منازلهم مع أسرهم. لو لم يكن هناك مدخول جيد من هذه الحرفة، لما كان هناك إقبال من الشباب على المشاركة.

- هل هناك إقبال من الشباب على بيع المنتجات التقليدية؟
 نعم، هناك إقبال من الشباب على بيع المنتجات التقليدية، فقد أصبح الشباب مهتمين بهذا النشاط الذي كان في السابق مقتصرا على كبار السن، الآن، الشباب يعرضون منتجاتهم بطرق مبتكرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما يساعد على جذب الانتباه إلى هذه الحرفة وفتح أسواق جديدة لها. خاصة أن البرنوس الوبري أصبح منتجا تشتهر به ولاية الجلفة وأصبح جزءا من فضاء تجاري مزدهر. إضافة الى العلامة التي تشير إلى أن المنتج صنع في الجزائر وفي ولاية الجلفة، والتي توفر له حماية من التقليد وتمنحه خصوصية.
وفي هذا الإطار، حاولنا ربط الشباب من خلال إشراك الحرفيين المعلمين كبار السن الذين مازالوا محافظين على الحرفة. حيث نظمنا دورات تكوينية في هذا المجال وربطنا الشباب بهؤلاء المعلمين لتعلم كيفية الخياطة التقليدية، بهدف الحفاظ على هذا المنتوج وتعليم الأجيال الجديدة كيفية إنتاجه.
وقمنا كباقي ولايات الوطن بافتتاح مدرسة تكوين وتحسين المستوى على مستوى الغرفة، في 2022، تهدف إلى ربط الحرفيين المعلمين من كبار السن بالشباب لتعلم الحرفة. هذا التعاون أسهم في نقل المهارات التقليدية، خاصة الخياطة اليدوية للبرنوس والقشابية، والتي كنا نخشى من اندثارها نتيجة هيمنة الآلات والمكائن على الخياطة.

- ما أهمية الخياطة اليدوية في الحفاظ على أصالة البرنوس والقشابية؟ وماذا بشأن الإقبال عليهما مقارنة بالمنتجات المستوردة؟
 الخياطة اليدوية تعتبر من الشروط الأساسية في الحفاظ على أصالة البرنوس الوبري، والتي تشتهر بها ولاية الجلفة. لذلك، يشترط في البرنوس الوبري أن يتم خياطته يدويا لكي يحافظ على طريقة الخياطة الأصلية ويظل مميزا عن المنتجات التي يتم خياطتها بواسطة الآلات، مما يضمن الحفاظ على التراث التقليدي والحرفي لهذه المنطقة.
أما عن الاقبال، فنحن نرى اليوم، الزبائن يقبلون على شراء هذه المنتجات الأصلية أكثر من المنتجات المستوردة، نظرا لجودتها وأصالتها. ونحاول دعم الحرفيين في تنوع طريقة صنع المنتجات واستخدام مواد أولية متنوعة. أسعار القشابية تتراوح بحسب المواد والتصاميم، مما يجعلها تناسب مختلف الفئات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19654

العدد 19654

الأحد 22 ديسمبر 2024
العدد 19653

العدد 19653

السبت 21 ديسمبر 2024
العدد 19652

العدد 19652

الخميس 19 ديسمبر 2024
العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024