حقّقت الجزائر نتائج ملموسة في حربها الشرسة ضدّ فيروس نقص المناعة المكتسبة “الأيدز”، عبر مخطّطاتها الوطنية والاستراتيجية المتعدّدة القطاعات، الذي استطاعت من خلاله محاصرة هذا الداء والتقليل من حدّة انتشاره، لاسيما في ظلّ التزام الجزائر بتوفير جميع الوسائل الضرورية وإشراك المجتمع المدني والفاعلين للحدّ من انتشار هذا المرض، في إطار البرنامج الأممي الرامي إلى القضاء عليه آفاق 2030.
تؤكّد الوزارة الوصية، في العديد من المناسبات عن التزام الجزائر بتوفير جميع الوسائل الضرورية للحدّ من انتشار هذا المرض، وذلك في إطار البرنامج الأممي الرامي إلى القضاء عليه في آفاق 2030، ومن خلال المخطط الوطني الاستراتيجي سيدا 2020-2024، مكّنت حسبها من تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة هذا المرض، تضاف إليها الإرادة الفاعلة التي انعكست من خلال التعبئة الكاملة للحكومة، بالتنسيق مع الفاعلين، لاسيما المجتمع المدني، من أجل ضمان الاستفادة المجّانية من كلّ الخدمات العلاجية بما في ذلك الكشف المبكّر والعلاج من هذا المرض.
وبالرغم من هذه المجهودات المبذولة، إلا أنّ التهديد لا يزال متواصلا من خلال تلك التحدّيات التي لا تزال مطروحة في القضاء على فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، يحدّدها الطبيب خوضري شعيب في أسباب متعلّقة بصعوبة الوصول إلى الفئة المستهدفة مباشرة لعدّة أسباب، أبرزها تلك المتعلقة بوعي المواطن إزاء هذا المرض المعدي وتردّده في القيام بالفحص الخاصّ بالكشف عن فيروس نقص المناعة المكتسبة خوفا من النظرة المشينة التي ينظر فيها المجتمع لهذا المصاب والقائم بالتحليل على أنّه صاحب فعل شنيع، باعتبارها طابو من الطابوهات حسبه، ناهيك عن عدم علم المصاب نهائيا بالمرض أنّه حامل للفيروس وهنا تكمن الكارثة، كون أنّ أعراض المرض حسبه لا تظهر إلا بعد خمس سنوات تقريبا، تتجلّى في أعراض تكون مرتبطة في الغالب بالإعياء الشديد والإسهال المزمن، والحكّ الجلدي، تعقبها أمراض انتهازية كظهور السرطانات والبكتيريا وغيرها من الأعراض المرتبطة بشكل عام بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”.
أسباب أساسية مرتبطة بانتشار الفيروس
ويضيف الطبيب خوضري شعيب لـ “الشعب”، بأنّ السبب الرئيس وراء انتشار هذا المرض الفتاك، هي العلاقات الجنسية غير المحمية، تضاف إليها أسباب أخرى مرتبطة بنقل العدوى من الأم إلى الجنين، إلى جانب المخدرات والمدمنين على التعاطي بالحقن المخذرة، حيث تؤدّي هذه الأسباب الرئيسة إلى تفشي هذا الداء، نظرا لعزوف الشباب عن الزواج بسبب البطالة والمشاكل الاجتماعية وغيرها، يتوجّه هؤلاء الشباب إلى العلاقات الجنسية غير المحمية، والدخول إلى عالم الإدمان عن طريق الحقن الدموية التي يتم تبادلها بين هؤلاء الشباب دون علم المدمن بالإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”، ما يؤدّي إلى تفاقم المرض وانتشاره بشكل واسع لدى هذه الفئة، خاصّة وأنّ الأرقام والإحصائيات الخاصّة بهذا الداء تظهر بشكل بالغ في الولايات التي تقترن فيها معدلات الجريمة بشكل مرتفع.
جهود كبيرة تبذلها الدولة لحماية المجتمع وحصر هذا الداء
وقد حقّقت الجزائر خلال السنوات الأخيرة، خطوات ملموسة في محاصرة هذا الداء والتقليل من نسبة عدد المصابين بفضل البرامج الاجتماعية التي أقرّها رئيس الجمهورية لفئة الشباب عبر منحة البطالة وخلق المزيد من الفرص الجديدة لإدماج الشباب والتقليص من نسبة البطالة عن طريق مشاريع مقاولاتية واستثمارية، والانخراط في برامج الرعاية المجانية التي توفرها للمسبوقين قضائيا بهدف إعادة إدماجهم في الحياة، يضاف إليها البرامج والمخطّطات متعدّدة القطاعات من خلال التزام الدولة بتوفير جميع الوسائل الضرورية للحدّ من انتشار هذا الداء، وفتحها أزيد من 13 مركزا للرعاية والكشف والعلاج من هذا الداء، إلى جانب المخطّطات الوطنية والاجتماعية بإشراك الجمعيات وفواعل المجتمع المدني للقضاء على هذا الداء في آفاق 2030.
يذكر أنّه ما لا يزيد عن 40 مليون شخص يعيشون اليوم بفيروس نقص المناعة المكتسبة، “الإيدز” عبر العالم، من بينهم 29.8 مليون يتلقون علاجات “منقذة للحياة”، فيما تم تسجيل تراجع للوفيات بنسبة 69 % منذ 2004، حسب معطيات برنامج الأمم المتحدة لمكافحة السيدا، فيما تشير عدد الإحصائيات المتوفرة إلى غاية نهاية سنة 2022 عن تسجيل 18.733 حامل لفيروس السيدا، فيما تم تسجيل أكثر من 1157 حالة خلال بداية عام 2023.