بعث رئيس الجمعية الوطنية للأمراض المعدية، محمد يوسفي، رسالة طمأنينة إلى المجتمع الجزائري مفادها بأنّ فيروس فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) لم يعد قاتلا، بل أصبح التعايش معه ممكنا مثله مثل الأمراض المزمنة التي يتعرّض لها الإنسان، وهذا بفضل تطوّر الأبحاث الطبية التي طوّرت العلاج، فيما بدأ أخصّائيون مؤخرا البحث في كيفية تطوير التكفّل بكبار المصابين بهذا المرض-أضاف البروفيسور في هذا الحوار مع “الشعب”.
الشعب: هل مازال “ الإيدز” مرضا مُخيفا كما في السابق؟
البروفيسور محمد يوسفي: مرض “الإيدز” أصبح عاديا وقد يُصيب أيّ شخص ولن تكون من خلال سلوكيات العلاقات الجنسية فقط، فقد تنتقل العدوى من الزوج إلى الزوجة أو من الزوجة إلى زوجها كما يمكن أن ينتقل المرض إلى أولادهم، وبالتالي لا أحد في منأى، وبالمقابل نؤكّد بأنّ هذا المرض لم يعد خطيرا كما في السابق لما كان العلاج معقّدا بتناول عدّة أدوية، فالعلاج أصبح بتناول قرص دواء يتشكّل من عدّة مكوّنات تسمح للمريض بالعيش وممارسة حياته بشكل طبيعي، حيث تنقص نسبة الفيروسات في الدم بعد شهور من العلاج، وهذا في انتظار ابتكار دواء يشفي من المرض بشكل نهائي، والأمر مشابه للمصاب بالسكري فهو يعالج بتناول مادة الأنسولين التي لا تقضي على المرض لكنّها تسمح للشخص المٌصاب بأن يتمتّع بحياته بشكل عادي، ويمكنه أن يتزوّج وينجب أولادا ويمارس الرياضة ويتجوّل.
أليس للعلاج تأثيرات جانبية على المريض مع تقدّمه في السنّ؟
بعد تقديم مثال له عن مريض بالسكري كان مفتول العضلات وبعد العلاج لمدّة سنوات ضعف...يجيب الدكتور: الإنسان العادي مع تقدّمه في السنّ تتراجع مناعته بفعل الشيخوخة، وهناك أشخاص مصابين بالإيدز تجاوزوا السبعين من عمرهم لأنّ منهم من اكتشف مرضه في الثمانينات، وإذا ما افترضنا أنّه تعرّض للفيروس في سنّ الخامسة والعشرين فقد خضع للعلاج لأكثر من أربعين سنة، ولهذا فالشيء الجديد فيما يخصّ هذا المرض هو أنّ الإخصّائيين يجتهدون لتحسين التكفّل بكبار المصابين بالإيدز، ذلك أنّ المصاب الكبير سيكون عرضة لمرض شرايين القلب ومختلف أمراض الشيخوخة التي تصيب الناس العاديين.
هل تؤكّد بأنّ التعايش مع الإيدز تحقّق بفعل تطوّر العلاج؟
^ بالفعل..لقد تطوّر الطب بشكل كبير في الأربعين سنة الأخيرة، وانتقلنا من مرحلة كان خلالها علاج المصابين بالإيدز محدودا وأغلبيتهم كانوا يموتون بعد حدوث مضاعفات لهم، وهذا في أواخر الثمانينات، وتدريجيا ومع تطوّر الأبحاث أصبح التكفّل بهؤلاء المرضى سهلا والأهم أنّهم يعيشون حياتهم بشكل عادي.
أين تكمن هذه السهولة بالضبط؟
أولا في العلاج الذي يسمح حاليا بالقضاء على الفيروس بأفضل طريقة، وثانيا بالنسبة للتكفّل الاجتماعي بالمريض الذي تحسّن أيضا وكذلك مراقبة الفيروس ومنع انتشاره، وهذا من خلال تلقّي المصابين لعلاج فعّال يمنع العدوى بشكل كبير وبالتالي مجابهة انتشار المرض وبالتالي نحقّق غاية مزدوجة للفرد والمجتمع. وهذا يصبّ ضمن الجهود المبذولة عالميا، على اعتبار أنّ المنظمة العالمية للصحّة وضعت هدفا بالقضاء على فيروس الإيدز مع حلول سنة 2030، وهناك بلدان تسير بخطى ثابتة لتحقيق هذا الهدف والتي تتطلّع إلى الوصول إلى تأثير شبه منعدم للفيروس على صحّة الإنسان.
إذن، أنتم تبعثون برسالة طمأنينة للمرضى والمجتمع؟
طبعا..ما أودّ الإشارة إليه هو أنّه لا بدّ من التطرّق إلى الإيدز بشكل مستمرّ وليس فقط بمناسبة اليوم العالمي في الفاتح ديسمبر من كلّ سنة، خاصّة وأنّ المرض مازال من الطابوهات في المجتمع الجزائري، وهذا لكي يكون المواطن على دراية بالإمكانات المادية والبشرية التي نحوز عليها لمجابهة هذا المرض في التشخيص والتكفّل، فمثلا مركز الوسط الذي أشرف عليه ويقع بمدينة بوفاريك يستقبل المصابين من كلّ ولايات الوسط، وهو من بين 16 مركزا الموجودة في الوطن للتكفّل بالمصابين بالإيدز، لكنّه يعتبر مركزا مرجعيا بالنظر إلى خبرته التي اكتسبها وموارده البشرية المؤهّلة، وقدرة استيعابه 60 سريرا وبمحاذاته مستشفى، ولدينا 15 أخصائيا في الأمراض المعدية يشتغلون به وفريق طبي يتكفّل بالكشف والتشخيص.