شدّدت الأخصّائية والمعالجة النّفسية الدكتورة “سميرة بعداش” على أهمية المرافقة النّفسية لعبها ودورها الفعّال في جعل المريض يتقبّل المرض كخطوة أولى للعلاج، مؤكّدة أنّ العائلة لها دور مهمّ في جعل المريضة المصابة بسرطان الثّدي تتقبّل المرض من خلال الدعم المعنوي، الذي يعتبر خطوة مهمّة لتقبّل المرض بعد التشخيص وقبل مرحلة استئصال الثّدي وبعده، واتّباع حمية غذائية مع المريضة كدعم نفسي.
أكّدت الأخصّائية النّفسية بعداش، أنّ العلاج الجماعي والأسري له دور فعّال في تخطي المريضة المرض وزرع روح الأمل داخلها، وأنّ السرطان مجرّد مرض مزمن وليس مرضا مرتبطا بالموت كما يعتقد البعض وأنّه كلّما كان التشخيص مبكّرا وكلّما تقبّلت المريضة العلاج كانت نسبة الشفاء عالية، ويتمثل العلاج الجماعي في دمج المريضة التي اكتشفت أنّها تعاني من مرض السرطان مع النساء اللواتي تخطّيْنَ المرض لزرع بذرة الأمل ولتقبّل العلاج وهي رسالة للمريضة بأنّها ليست وحدها والجميع معها.
وسلّطت الدكتورة على دور الزّوج الفعّال في رفع معنويات المرأة المصابة بالسرطان فـ 80% من العلاج بالمساعدة يقدّمها الزوج لأنّ المرأة بعد السرطان تفقد ثديها وتعاني من عدم تقبّل صورة الجسم، وتفقد الشكل الجمالي لها وهو الثّدي والذي يعبّر عن أنوثتها ما يولّد لها جرحا نرجسيا خصوصًا بعد سقوط الشعر والأسنان والحاجبين، فهنا على الزوج تقديم الدعم المعنوي لها وأن يشاركها في كلّ شيء ليس بداعي الشفقة، وإنّما محبة لأنّ المريضة في هذه الحالة تعاني من الإحباط والاكتئاب الذي يعزّز تنشيط الخلايا السرطانية في الجسم فرفع المعنويات لها يزيد نسبة الشفاء لها خصوصا من قبل الزوج والعائلة.
بالنسبة للقلق، تضيف “سامية بعداش” أنّ الصحّة النّفسية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصحّة الجسدية والقلق باب مفتوح لجميع الأمراض السيكوسوماتية والأمراض النفسجسدية، القلق والأعراض الاكتئابية أين تتعزّز وتزيد من نشاط الخلايا السرطانية، كما أثبتت الدراسات أنّ الضحك والترفيه عن النفس والخروج من قوقعة الحزن والكآبة ينشّط المناعة النّفسية والجسدية، وبالتالي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة في الجسم لدى مرضى السرطان بالترفيه عن النفس وتجنّب كلّ ما يسبّب الإحباط، وأن يندمجوا مع المرض وتستغلّ المريضة وقت فراغها في ممارسة أنشطة خفيفة تقتل الفراغ والروتين اليومي.
واعتبرت المعالجة أنّ المرافقة خطوة إيجابية لتسريع تلك الشحنة السلبية وزرع كلّ ما هو إيجابي داخلها، مشدّدة على أنّ تقبّل وضعها يجعلها تسيطر على المرض، فكلّما كان التقبّل في أول الطريق كلّما كانت نسبة الشفاء عالية، وأنّ الهروب وإنكار المرض يؤدّي إلى الهلاك، كما نتابع المريضة كأخصّائيين عن طريق المرافقة النفسية والعائلية الإيجابية، جلسات الاسترخاء النفسجسدية لتفريغ تلك الطاقة السلبية والهواجس المرتبطة بالموت والهلاك وزرع الطاقات الإيجابية في نفسية المريضة، من خلال الوازع وبأنّ السرطان لا يساوي الموت، وإنّما كلّ إنسان معرّض للموت حتى وإن كان لا يعاني من أيّ مرض فلكلّ أجل كتاب.
وقالت بعداش، بضرورة تقديم نصائح من محيطها بالتأقلم مع المرض وإدماجها في الأنشطة الحياتية، فضلا عن التكفل النفسي المتوفر في مصلحة الأورام السرطانية بالمؤسّسات الاستشفائية والمرافقة النّفسية، وهناك خلية إصغاء ومتابعة في كلّ المستشفيات للتكفل النّفسي بمختلف التقنيات المطبقة في العلاج وعلم النفس السرطاني الذي يعنى بالمرافقة النفسية وتقديم الدعم المعنوي مع العائلة وإرشادات حول كيف تتعامل العائلة مع المريضة ودمجها لإبعادها عن العزلة بهدف رفع معنوياتها فالتكفل النفسي بالأمراض المزمنة بما فيها مرض سرطان الثّدي مهم جدّا في المؤسّسات الاستشفائية ويشغل حيّزا كبيرا في كلّ القطاعات بما فيه القطاع الصحّي.
كما تحدّثت الأخصّائية عن تقنية علاجية نفسية جديدة، تتمثل في المرآة أو المواجهة المباشرة للمريضة مع مرآتها لتقبّل آثار عملية الاستئصال والتعوّد على الوضع، كي تتجاوز تأثير الصدمة والإنكار الذي قد يرافقها طويلا ويستمر معها حتى بعد الشفاء، فيتسبّب لها في انتكاسة نفسية وبالتالي صحّية، موضّحة أنّ هذه التقنية الأمريكية مستجدّة وتعدّ قاسية نوعا ما، ولذلك فإنّ عملية التحضير لاعتمادها تكون مسبقة، أيّ أنّه يجب أولا تحضير المريضة للموقف وتوقّع كلّ ردود أفعالها واستباق طريقة التدخل للتحكّم فيها بشكل جيد قبل مواجهة المرأة للمرآة أول مرة، سواء بعد سقوط شعرها بفعل العلاج الكيميائي والعلاج بالأشعّة، أو بعد استئصال الثّدي، علما أنّ المرافقة النفسية يجب كذلك أن تسبق وتتبع هذين التدخلين العلاجيين.