نمو نشاطات المطاعم ومحلات “فاست فود”

تزايد إقبال المستهلكين رغم النّقص الفادح للنّظافة

سعيد بن عياد

تعرف نشاطات المطاعم ومحلات الأكل السريع أو الخفيف كما هو متداول نموا فائق السرعة كما تؤكده يوميات المدن والأحياء باختلاف مستويات المعيشة فيها، ويمتد هذا النشاط التجاري إلى القرى عاكسا تغيّرات في نمط المعيشة اليوم، بحيث أصبحت ظاهرة تناول الغذاء وحتى العشاء خارج البيت أمرا عاديا، ممّا ضاعف من مداخيل أصحاب هذه المحلات، لكن، للأسف لا يستثمر أغلبهم، جانبا من الأرباح المؤكدة في ترقية الخدمة التي لا تتوقف على مدار السنة، خاصة من حيث جودة الأطباق ودرجة النظافة داخل المحلات وفي محيطها، وكذا التجهيزات التي تدخل في العملية.
بعد انقضاء فصل الصيف واستفادة محلات الاطعام العمومية خاصة في كافة انحاء العاصمة والمدن الكبرى الساحلية من ارتفاع الطلب عليها، يتساءل كثير من المهتمين والمواطنين حول مدى عزم السلطات المعنية المكلفة بمتابعة هذا النوع من التجارة المتصلة مباشرة بالصحة العمومية، علما أن عدد المستهلكين للغذاء خارج البيت يزداد ارتفاعا لمختلف الأسباب وأغلبها موضوعية، مثل ضيق الوقت وازدحام الطريق، وعموما بحكم تطور نمط المعيشة.
وإذا كانت الأسعار المطبّقة مرتفعة ولا تعكس في الغالب حجم ونوعية ومكونات الأكلات والمشروبات التي تسوّق على امتداد كبريات الشوارع، وبالقرب من تجمّعات المستهلكين المحتملين كالجامعات والمصانع ومحطات النقل العمومي والشواطئ بالنسبة لموسم الاصطياف، فإنّ شروط النظافة واحترام المقاييس ذات الصلة تثير الانشغال وتحتاج إلى تكفل حقيقي، من خلال الانتقال إلى مستوى متقدم من المراقبة الدقيقة والشفافة قصد حماية المستهلكين وكذا التجار المهنيين، بل التأكد من حقيقة الأسعار المطبقة مقارنة بكلفة الخدمات ومكونات الغذاء سواء بالمطاعم المصنفة أو محلات “فاست فود” للشواء والشوارمة، وغيرها من أنواع الأكل السريع.
وإذا كانت توجد محلات ومطاعم تستجيب للمعايير المطلوبة في هذا النشاط التجاري الحساس، ومنها من يضاعف أصحابها أسعار الخدمات مقابل الجودة والنظافة والسهر على وضع المستهلك في أفضل الشروط، فإنّ المشهد العام يقدم صورة غير لائقة ولا يمكن القفز عليها، فهناك جوانب سلبية كثيرة تستدعي المعالجة، مثل: انعدام التهوية والاكتظاظ في بعض المطاعم بقلب العاصمة مثلا، تواجد محلات قريبة جدا من محطات الحافلات وسيارات الأجرة وانبعاث الغازات، انتشار روائح كريهة وتراكم للنفايات، قلة النظافة لدى العمال وعدم استعمال القفازات، غياب ملصقات تشرح بالتفصيل مكونات الغذاء المعروض للبيع ومصدر مواده الأساسية، التدخين العلني من بعض البائعين مما يسبب ازعاجا وعدم احترام للمستهلك وغيرها من الصور التي تصدم المواطنين، وإن كان جانب منهم يساهمون في تكريس هذا الوضع المقلوب، من خلال إقبالهم واستسلامهم دون محاولة التمسك بالحد الأدنى لجودة الخدمات. وما يزيد الطين بلّة قلة الوجود الاعلامي التوعوي في الميدان لتنبيه المستهلكلين من العواقب الوخيمة التي تنجر عن استهلاك الغذاء حيثما كان ودون التاكد من مكوناته، تفاديا للسقوط في متاعب التسممات الغذائية وما ينجم عنها من تداعيات تتعلق بالصحة والسلامة، وهي ذات كلفة لا يمكن تجاهل قيمتها المالية بالنسبة للمجتمع ومرافق الصحة العمومية.
ويجعل حجم العمل الذي يفترض أن تقوم به اللجان والفرق المختصة بالشأن، ليس بالحرص على أساليب الأجر طبقا للقانون، لكن بالقيام وبشكل منتظم بعمليات للتحسيس والمرافقة، إلى حين التأكد من تكرار الخطأ أو تقصير الالتزام بشروط البيع، لاتخاذ الاجراءات الصارمة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى فرز العاملين في هذا النشاط وإحداث قفزة في جودة سوق المطاعم ومحلات الأكل السريع، لتستعيد هذه المهنة اعتبارها ورونقها باعتبارها خدمة عمومية ترتبط مباشرة بالصخة العامة. ويمكن لمنظمات التجار المختلفة الاسهام أيضا في هذا المسعى الذي يصب في النهوض بالمدينة وترقية صورتها، في وقت يرتقب فيه أن تنتعش السياحة وازدهار هذا النوع من التجارة، ممّا يضاعف من أهمية السّهر على فرض قواعدها الصحيحة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024