فيما يستمتع البعض بالعطلة الصيفية على شواطئ بجاية :

شباب منطقة الصومام يشتغلون في أعمال مؤقتة لتلبية حاجياتهم

بن النوي ت

في الوقت الذي تستمتع فيه بعض العائلات ميسورة الحال بالعطلة الصيفية رفقة أبنائها على شواطئ البحر، تدفع عائلات أخرى بأبنائها للعمل الموسمي ، و لم تثن حرارة الشمس الحارقة على مواصلة العمل بحزم لكسب مداخيل إضافية تسمح لهم بسد الحاجيات الأساسية و تحمل نفقات الدخول المدرسي القادم و ما يقتضيه من نفقات كثيرة.

و من هذه الأعمال ، جني الخضر في الحقول ، ورشات البناء ، محلات بيع البيتزا و المقاهي دون تأمين صحي، أو أية تغطية للضمان الاجتماعي، إلا أنّ هؤلاء الطلاب الأجراء لا يجدون بُدّا في القبول بها من أجل كسب بعض النقود.
أعمل من أجل سد احتياجي المادية
كريم  عشرون سنة طالب جامعي من بلدية بوجليل يقول : اعتدت جني محصول الطماطم في إحدى المزارع التابعة لأحد الخواص  و هو من يتصل بي كلما حلّ فصل الصيف ، و لا يمثل ذلك مشكلة بالنسبة لي كطالب أزاول دراستي في الجامعة،
و أضاف قائلا : بل بالعكس تماما رغم أنه عمل شاق و متعب  و الأجرة التي أتقاضاها لا تتجاوز 600 دينار جزائري في اليوم إلا إنني تجاوزت بالفعل  الظروف المالية الصعبة التي كانت  تمر بها عائلي بسبب  دخل والدي المحدود  .و هو سبب كاف للتحلي بالعزيمة و الإرادة من أجل الاستمرار في العمل ، و استطرد حديثه قائلا :” أصبحت معتادا على هذا النشاط في مثل هذا الموسم بعد أن مارسته لمدة أربعة سنوات متواصلة ، غير أن المشكل يتمثل في الفضاء المفتوح الذي أشتغل فيه  و الجو الحار الغير محتمل ....و لتفادي  كل ذلك أنطلق إلى العمل في ساعة مبكرة جدا ، في حدود الساعة الخامسة صباحا ثم أتوقف في أوقات الذروة بين الحادية عشرة صباحا إلى الثالثة مساء حتى لا أعرض نفسي لمخاطر الإصابة بالجفاف و ضربات الشمس القاتلة ...و رغم كل شيء يبقى مثل هذا الحل أفضل خيار لي و لعائلتي لأنني تمكنت من التخلص من العوز الذي كانت تعاني منه أسرتي  و تمكّنت بالفعل بفضله من تلبية الكثير من حاجياتي و حاجيات أسرتي .
العطلة فرصة لجمع المال
شاطره فارس .ب  طالب ثانوي الرأي قائلا :” العطلة الصيفية تعد فرصة لي لا تعوّض من أجل التخلص من الأعباء المالية التي تثقل كاهل والدي ، فأنا أستغل فترة العطلة الصيفية للعمل كنادل في إحدى المقاهي وهي الوظيفة التي تعود علي بمردود مالي يمكنني من مواجهة نفقات الدراسة دون أن أطلب ذلك من والدي خاصة في ظل غلاء المعيشة ، و استطرد قائلا : “أصبحت الأولوية بالنسبة لوالدي بالنظر إلى مدخوله المحدود مقتصرة  على المأكل  و الملبس ، ، تاركا لنا نحن الأبناء تحمل نفقات  المستلزمات المدرسية ، بعد أن أضحت معاناة حقيقية تتكرر مع كل دخول مدرسي.
الوظائف المؤقتة لامفر منها
 أما سيلية  هي الأخرى  طالبة جامعية ، تشتغل في أحد المحلات التجارية  ببجاية  تقول “ في كل عطلة صيف أستغل أوقات فراغي للاحتكاك أكثر بالمجتمع و التفتح عليه بشكل يسمح لي بمعرفة عقلية الآخر للتعامل معه بشكل أفضل ، خاصة و أن ممارسة مثل هذا العمل يمنحك قدرة على التحمل و الصبر ....و من جهة أخرى و بحكم أنني طالبة جامعية ، و بغض النظر عن مدخول والدي ، إن كان محدودا أو لابأس به ، فإنني أجد نفسي ملزمة في عطلة الصيف على البحث عن عمل حتى لا يحاسبي أحد من أفراد عائلتي عما أنفقه على ملابسي التي لابد أن تكون مسايرة للموضة ...فذلك بالنسبة لي يعد جزء  من أناقتي ..و لا يمكنني أن أفرط فيه أبدا مهما كانت الظروف سيئة أو جيدة وأضافت قائلة : أخصص جزء من المبلغ أيضا الذي أتقاضاه من عملي على متطلبات الدراسة التي هي الأخرى أضحت ترهق كاهل والدي ، خاصة و أن لي خمسة إخوة آخرين لا يزالون يزاولون دراستهم.  
‘إن هذا الواقع يتقاسمه معظم شباب القرى الواقعة بمحاذاة حوض الصومام، و مناطق أخرى ببجاية ....واقع يفرض عليهم البحث عن وظائف مؤقتة، خاصة وأنّ المنطقة بعيدة عن البحر الذي لا بد من توفر النقود للذهاب إليه والاستجمام على شواطئه، كما أنها تفتقر إلى مرافق التسلية والترفيه التي يمكنهم قضاء أوقات فراغهم فيها’.
قانون التشغيل يفرض التصريح بالعمال لكن...
على الرغم من أنّ قانون التشغيل في بلادنا يُلزم أرباب العمل التصريح بعدد العمال الذين يشتغلون لديهم، ويمنع منعا باتا استغلال اليد العاملة في الو رشات المؤقتة، إلا أنّ الملاحظ في فترة الصيف، خاصة في مختلف مناطق حوض الصومام هو انتشار ظاهرة استغلال الشباب المراهق، في الوظائف المؤقتة خاصة وأن المنطقة تنتشر فيها ورشات الصناعة والبناء، التي يمكنها استيعاب هذا النوع من اليد العاملة، في ظلّ غياب الرقابة القانونية، على مثل هذه الأنشطة والممارسات التي تعد شكلا من أشكال الاستعباد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024