يفصل مالي أسبوع واحد فقط عن موعد تاريخي إن لم يكن مصيري يؤسس لقاعدة صلبة تقوم عليها دولة مؤسسات تتمتع بالشرعية والقبول لدى كل مكونات الطيف السياسي والمجتمعي في البلاد، من خلال إنتخابات ديمقراطية وحرة، تشكل وحدها آلية للتداول على السلطة، بعد القطيعة التي أعقبت الإنقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري شهر ماري ٢٠١٢ والإنهيار شبه الكلي للدولة التي تحولت إلى فريسة سهلة للجماعات الإرهابية التي استولت على شمالها وكادت تضع قبضتها على العاصمة باماكو، مما اضطرّ الحكومة إلى إطلاق نداء إستغاثة تدخلت على إثرها القوات الفرنسية وأوقفت زحف جحافل الإرهاب على العاصمة.
إن تاريخ ٢٨ جويلية ٢٠١٣ المقرر لعقد إنتخابات رئاسية في البلاد لم يكن بالإنجاز السهل وإنما جاء بعد سلسلة من المفاوضات الماراطونية بين الحكومة المركزية والحركة الوطنية لتحرير أزواد بوساطة بوركينابية من أجل عودة رموز دولة مالي إلى الشمال قبل التحضير لهذا الإستحقاق الهام الذي يعلق عليه الماليون آمالا كبيرة ويلتفت إليه المجتمع الدولي بإهتمام بالغ وإلى مواعيد مماثلة في القارة السمراء، حيث دعا الإتحاد الإفريقي إلى إنتخابات سلمية ونزيهة في كل من زيمبابوي ومدغشقر ومالي والطوغو وغينيا بيساو، استحقاقات تجري في هذه الدول بين الفترة الممتدة بين ٢٥ و٣١ جويلية ٢٠١٣.
الأكيد أن الشوائب والمعكرات ترافق كل المواعيد الإنتخابية في العالم ومالي لا تشذ عن هذه القاعدة فالتشنج الحاصل في البلاد بعد مقتل أربعة أشخاص في إشتباكات حصلت بين شباب من الطوارق وآخرين من الأفارقة السود وإتهام الحكومة للحركة الوطنية لتحرير الأزواد بخرق إتفاق وقف إطلاق النار، ثم إختطاف أربعة من مسؤولي لجنة الإنتخابات ونائب رئيس بلدية تيساليت أول أمس السبت، وهي كلها مناورات هدفها إجهاض العملية الإنتخابية في البلاد التي إنطلق قطارها ولا يمكن لهذه المناوشات إيقافه فهي لا تمثل شيئا مقارنة بما يسبق الإنتخابات في بلدان أخرى.
أفلم تكن الإنفجارات والإعتداءات مظهرا من مظاهر الحملة الإنتخابية في باكستان، لكنها لم تمنع الشعب الباكستاني من الإستجابة بقوة للموعد ـ وعيا منه بأنه السبيل الوحيد للخروج من النفق ـ ولا أعتقد أن الشعب المالي أقل وعيا بأهمية الاستحقاق المقبل.