استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية

تفاؤل حـذر

محمد العربي

يتفق المراقبون على أهمية الجولة المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في نهاية شهر يونيو المنصرم من أجل استئناف المفاوضات المعطلة منذ سنوات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية .
ويبدو أن الأمريكيين جادون، هذه المرة، في مسعى التوفيق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ضمن دورهم كراع لعملية السلام كما صممت منذ بدايتها في مدريد قبل أكثر من عشرين عاما .
 ويستدل على هذه الأهمية تركيز جون كيري على الجانب الإسرائيلي في محادثاته حيث قيل أن أمضى ثلاثين ساعة في محادثاته مع الوزير الأول الإسرائيلي بن يامين ناتنياهو .غير أنه لايبدو أنه قد أقنعته بالعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين الموافقين هم على استئنافها بوضع شرط واحد متمثل في وقف بناء المستوطنات، وهذا أمر بديهي نظرا لأن استمرار في بنائها سيجهض المسار التفاوضي، إن لم يأت عليه من الأساس .
وقد بدا أن الوزير الأمريكي متفائل جدا عندما تحدث عن حصول « تقدم حقيقي» من أجل استئناف مفاوضات الحل النهائي التي يجمع الكل على أن غايتها هي تجسيد حل الدولتين وبالتالي تجسيد إقامة الدولة الفلسطينية على أرض الواقع .
غير أن ما أضفى برودة ما على هذا التفاؤل « المفرط» حسب بعض المراقبين هو ما صرح به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ( أبو مازن) الذي أكد أن ما تم طرحه يتطلب «توضيحات»، فيما ذهب مستشاره المكلف بالمفاوضات صائب عريقات إلى أن البون يبقى « شاسعا» بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث أن الإسرائيلين لا يزالون متمسكين بموقفهم المتمثل في الموافقة على استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني دون التخلي عن المسار الإستيطاني .
والظاهر، أيضا أن بن يامين ناتنياهو يتستر، دائما، وراء عرض أي اتفاق مع الفلسطينيين لإستفتاء يقره من خلاله الإسرائيليون الذين « يؤيدون بنسبة ٩٠ بالمائة السلام مع الفلسطينيين» حسب ما تم تسريبه لصحيفة « ييدعوت أهرونوت» الإسرائيلية، منذ أسبوعين، لكن المصادر التي سربت، لم توضع شكله وأسسه، دون الحديث، أصلا، عن الدولة الفلسطينية .
 إذ من الواضح أن شيئا ما يطبخ، منذ بضعة أشهر، حيث ذكرت بعض المصادر من مقر الأمم  المتحدة  في نيويورك أنه يتم البحث في صيغ لتبادل الآراضي  وفق مخطط التسوية السعودي الذي وافق عليه  الملوك والرؤساء العرب في قمة بيروت،  قبل عشر سنوات وهو مالقي تفنيدا من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي  في حينه.
كما سربت مصادر أخرى «اقتطاع» أراض من سيناء (المصرية) جنوب  قطاع غزة لاستكمال إقامة دولة فلسطينية
ومن الأكيد أن مثل هذه التسريبات بالونات سبر لاختبار الجانب الفلسطيني، وصولا الى الضغط  عليه، في هذه الفترة الحرجة التي تعيشها المنطقة بفعل اضطرابات ما سمي بالربيع العربي واستغلالها لفرض شيء ما، لن يكون أبدا في صالح الشعب الفلسطيني، الذي عبرالرئيس محمود عباس، مرارا وتكرارا عن رغبته الأكيدة وحقه الراسخ في تسوية مع اسرائيل على أساس العودة الى حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وبالتالي استرجاع آراضي الضفة الغربية وغزة لاقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين وهو  ما التزم به الجانب الاسرائيلي في اتفاق أوسلو عام١٩٩٣ «غزة  ـ أريحا أولا».
ولن يستطيع  بن يامين ناتنياهو والاسرائيليون، رغم المراوغات، التنصل من هذا الالتزام، فالجانب الفلسطيني يستطيع حشد الدعم العربي والدولي لفرض التسوية العادلة، خاصة من خلال منظمة الأمم المتحدة التي انضمت اليها  فلسطين كمراقب والانضمام  في الأيام  القليلة الماضية كمراقب أيضا الى منظمة التعاون والأمن في أوروبا وهذا إضافة الى التركيز الأمريكي على استئناف المفاوضات، منذ أن أوكل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأمر لوزير خارجيته، في بداية الرئاسة الثانية والأخيرة التي يعتقد أنه يريد فيها إعطاء أولوية في السياسة الخارجية الأمريكية، للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي، ثم التوصل إلى اتفاق حقيقي يفضي إلى سلام حقيقي في الشرق الأدنى.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024