عرفت إفريقيا في السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا في معدلات الجريمة المنظّمة العابرة للحدود، كالاتجار بالأسلحة والأدوية المغشوشة والمخدرات التي بلغت نسبا عالية، جعلت الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر لمكافحتها والقضاء على شبكاتها.
وتعتبر دول غرب إفريقيا، بوّابة رئيسية لكل أنواع السموم القادمة من أمريكا اللاتينية، أو المنتجة على المستوى الإقليمي.
تواجه دول غرب إفريقيا مشاكل وتحديات عويصة، تنعكس على استقرارها وأمنها الاجتماعي، وتخلق دوّامة تتصارع داخلها القوى العسكرية والسياسية من أجل السيطرة على الحكم وضمان أقصى قدر من النفوذ. ويعتبر تنامي الاتجار بالمخدرات وتهريبها من طرف بارونات محلية وجهوية عاملا رئيسيا في استمرار التوترات، ويضاهي الخطر الذي تشكله الخطر الإرهابي، لأنّهما يستقطبان المجرمين والمرتزقة من مختلف أنحاء العالم بل أنّ عصابات المخدرات وجه آخر للارهاب.
وحذّر التقرير الصادر عن هيئة الأمم المتحدة، منتصف الثلاثي المنصرم، من تنامي آفة الاتجار بالمخدرات في غرب إفريقيا، واعتبر أنّ الأرباح الطائلة التي تفوق بكثير حجم ميزانيات الأمن في هذه الدول، تساهم في زيادة حالة عدم الاستقرار، وتؤثّر بصفة مباشرة على المجتمع، العدالة، الأمن، الطبقة السياسية والتنمية، خاصة مع تورّط مسؤولين كبار مع المنظّمات الناشطة في الميدان.
كما قدّر مكتب غرب إفريقيا لديوان الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، في تقريره السنوي الذي أصدره، في ١٦ مارس الماضي، مداخيل المخدرات بحوالي ٩٠٠ مليون دولار سنويا، يتم تبييض حوالي ٤٠٠ مليون منها. ويفوق هذا المبلغ الناتج المحلي الخام لأغلب دول المنطقة، ويناهز عدد المدمنين على الكوكايين ٥ ، ١ مليون شخص، وهو ما يضعف الدول ويبقي على أركانها الهشّة.
وتأتي شحن الكوكايين والهيروين من دول أمريكا الجنوبية عن طريق سفن الشحن أو الطائرات، ليتم تفريغ الحمولة في السواحل الإفريقية المطلّة على المحيط الأطلسي، وتتولّى العصابات توزيعها عبر المسالك الحدودية الشاسعة نحو أوروبا، ووسط وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة، وتصل إلى غاية الشرق الأوسط.
تمثل غينا بيساو، الوجهة الأولى للحمولات القادمة من الدول اللاتينية المنتجة للمواد المخدّرة، حيث ترصد فرق مكافحة المخدرات وصول طائرات محمّلة بكميات تتراوح بين ٨٠٠ و٦٠٠ كلغ من مادة الكوكايين مرتين كل شهر تقريبا. كما تستعمل سفن الشحن في التهريب أيضا، وتتم عمليات التبادل في المياه الدولية والموانئ التي لا توجد بها رقابة مشدّدة إن لم تكن منعدمة.
وتعود الهشاشة الأمنية إلى تورط ضباط سامين من الجيش الغيني، في صفقات بيع وتهريب الكوكايين، ووضع بعض منهم في القائمة السوداء للولايات المتحدة، وألقي القبض الجمعة الماضي، على القائد السابق للقوات البحرية الغينية الأميرال ڤجوزيه اميريكو بوبو نا تشوتوڤ بعد ما استدرج إلى عرض المياه الدولية لعقد صفقة وهمية.
وكان لاستفحال آفة المخدرات في غرب إفريقيا، انعكاسات مباشرة على الأزمة الأمنية في مالي، التي تعتبر منطقة عبور دولية هامة، حتى وإن شتّت اندلاع الحرب هناك عمليات التهريب، لكن كبار البارونات بقيادة عناصر بارزة في المجموعات الارهابية تعمل على إيجاد ممرات بديلة لتمرير السموم، والعبث بصحة وأمن شعوب الدول المجاورة.
وتعمل الدول على زيادة التنسيق فيما بينها وتبادل المعلومات المتعلقة بنشاطات الجريمة المنظّمة العابرة للحدود من أجل مكافحتها والتقليل منها.
900 مليون دولار إيرادتها السنوية
الإتجـار بالمخـدرات في صــدارة الجريمة المنظّـمـة غــرب إفريقــيا
حمزة.محصول
شوهد:1122 مرة