وضع التقرير الأخير للأمين العام الأممي بان كي مون حول الصحراء الغربية، مجلس الأمن أمام حقيقة الأخطار الأمنية المرتبطة بهذا النزاع وطبيعة العراقيل التي يضعها المغرب أمام الجهود الأممية للتسوية السلمية للنزاع، مشددا على أن الأمم المتحدة لم تغير موقفها من هذه القضية باعتبارها قضية تصفية إستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا.
تضمن التقرير الذي قدّمه بان كي مون،الإثنين، لأعضاء مجلس الأمن حول قضية الصحراء الغربية عرضا واضحا لطبيعة العراقيل التي تحول دون التسوية السلمية لهذا النزاع وأهمها تعطيل المغرب للمفاوضات من خلال طرح شروط مسبقة وتفكيكه لبعثة «المينورسو» المعنية بتنظيم استفتاء تقرير المصير والتهجم على شخص الأمين العام الأممي أثناء قيامه بزيارة مخيمات اللاجئين في إطار المهام الموكلة إليه بشكل رسمي.
وأكد المسؤول الأممي السامي أنه «حان الوقت لمباشرة مفاوضات جادة دون شروط مسبقة وبحسن نية بهدف إيجاد حل سياسي يقبله الطرفان ويسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي».
وشدد التقرير على أن المفاوضات يجب أن تركز حول الوضع النهائي للصحراء الغربية وآليات ممارسة حق تقرير مصير الشعب الصحراوي، داعيا طرفي النزاع (المغرب و البوليزاريو) إلى تسهيل التوصل إلى حل.
المغرب يتحمل مسؤولية أي تصعيد
وبعد أن أوصى الأمين العام الأممي بتمديد مهام بعثة المينورسو إلى 30 أفريل 2016 ، أكد أن هذه الآلية الأممية عاجزة عن إتمام عنصر أساسي من مهامها وفي التفويض الذي منحها إياه مجلس الأمن الدولي بغياب هيئة موظفين مدنيين أجانب كاملة تتولى الشؤون اللوجيستية».
وحمل بان كي مون المغرب مسؤولية هذا الوضع، حيث أكد في تقريره أن الرباط «عدلت بحكم الواقع تفويض البعثة ما يعني في هذه الظروف أن الأنشطة التي تتولاها لا يمكن مواصلتها على المدي القريب والمتوسط».
وأكد في هذه النقطة أن «خرق وقف إطلاق النار وتجدد العنف مع إمكان التصعيد في اتجاه حرب مفتوحة سيرفع إلى حد كبير إذا أجبرت بعثة المينورسو على المغادرة أو تعذر عليها إتمام عملها».
وبخصوص الإتهامات الأخيرة التي تعرض لها من طرف الرباط، قال بان كي مون «لقد أوضحت مرارا و تكرارا أن لا شئ مما أكون قد قلته أو فعلته (....) يشير إلى تغيير في مقاربة الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية»، في إشارة واضحة إلى أن قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار لابد أن تخضع لمبدأ تقرير المصير.
وأمام هذا الوضع أعرب الأمين العام عن قلقه من احتمال زيادة التوتر في المنطقة بسبب تعطيل المغرب لعمل بعثة المينورسو و احتمال أن يتم «استغلال ذلك من طرف الإرهابيين و المتطرفين».
خروقات مرفوضة
وقدم التقرير أدلة عن خروقات مغربية لوقف إطلاق النار على غرار إقدام قوات الإحتلال المغربي على قتل مواطن صحراوي بتاريخ 27 فيفري الماضي دون أن يتم تسجيل أية خروقات من طرف جبهة البوليزاريو التي أثبتت طيلة 25 سنة الماضية حرصها على احترام اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 برعاية أممية.
وعليه أكد الأمين العام على ضرورة التركيز على المراقبة الحقوقية في المنطقة والسماح للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بدخول الأراضي الصحراوية المحتلة في إشارة واضحة إلى طبيعة الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال على المناطق المحتلة من الصحراء الغربية.
وتطال هذه التصرفات الناشطين الحقوقيين الأجانب و كذا الصحفيين الراغبين في زيارة المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، يضيف التقرير.
ولم يغفل التقرير الأممي حملات الإضراب عن الطعام التي قام بها المتظاهرون الصحراويون العاطلون عن العمل المناهضون لسياسة «التمييز في الحصول على العمل والذين تعرضوا إلى حصار أمني وتم منعهم من الحصول على الماء مما فاقم من وضعهم الصحي».
ضف إلى ذلك المعتقلون السياسيون الصحراويون مجموعة «أكديم أزيك» الذين تعرضوا لـ»محاكمات عسكرية» و «لم تؤخذ طعونهم بعين الإعتبار»، - يبرز التقرير- مضيفا
إنهم «يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة في أماكن اعتقالهم فضلا عن حالات الاكتظاظ وضعف إمكانية الحصول على العناية الصحية».
معارضة نهب ثروات الصحراويين
مسألة الاستغلال المغربي غير المشروع لثروات الشعب الصحراوي الطبيعية أخذت هي الأخرى حيزا هاما من اهتمام التقرير الأممي، حيث أوضح بان كي مون الطبيعة القانونية لهذا النوع من الخروقات المغربية مشيرا إلى قرار الإتحاد الأوروبي بإلغاء اتفاق التعاون الزراعي والصيدي مع المغرب في الأراضي الصحراوية المحتلة.
وأكد التقرير «الأهلية القانونية لجبهة البوليزاريو للتقاضي» أمام هيئات القضاء الأوروبي و الدولي فيما يتعلق بالاستغلال اللاشرعي للثروات الطبيعية الصحراوية من طرف الاحتلال المغربي، حيث استدل بان كي مون بموقف محكمة العدل الاوروبية بهذا الشأن.
كما دعم تقريره بتوصيات لجنة الحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة والتي «حثت المغرب على بذل جهود في إطار آليات الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي لهذا النزاع من أجل تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقوقهم الإقتصادية والاجتماعية والثقافية»، مشيرة إلى أن الصحراويين لازالوا يواجهون التمييز المسجل في حقهم بالنسبة للحق في ممارسة هذه الحقوق المشروعة.
وأكد بان كي مون أن المقرر الأممي الخاص بالحق في الغذاء سجل في تقرير الذي أعقب زيارته إلى الداخلة المحتلة في أكتوبر 2015 أن «الفقر لازال يضرب الأوساط الشعبية بشكل متفاقم».
المفوضية الافريقية تعجل بتقرير المصير
ندّدت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما بطرد المغرب لمستخدمي بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)، مؤكدة أن قرار المغرب يشكل «سابقة خطيرة».
وأوضح بيان للمنظمة الإفريقية أن السيدة دلاميني كانت قد وجهت بتاريخ 13 أفريل الجاري رسالة إلى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكذا بيان الاجتماع الـ 588 لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي حول الوضع في الصحراء الغربية.
وأوضح ذات المصدر أن «رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي قد هنأت في رسالتها السيد بان كي مون على زيارته الأخيرة» إلى المنطقة.
كما تمت الإشارة إلى أنها أعربت من جانب آخر «عن أسفها» لكون» المغرب لم يوافق على استقبال الأمين العام للأمم المتحدة ومنعه من زيارة مقر المينورسو بمدينة العيون المحتلة عاصمة الصحراء الغربية المحتلة».
في هذا الصدد ذكرت نكوسازانا دلاميني زوما «بأن مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي قد أدان قرار المغرب بطرد 84 موظفا دوليا من بعثة المينورسو بمن فيهم مستخدمي الاتحاد الإفريقي وكذا لمنعه الأمين العام الأممي من زيارة الرباط والعيون المحتلة.