استنكرت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس الأحد، قصف الاحتلال الصهيوني لمبنى داخل حرم مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، وتدميره بالكامل، ما أدى إلى إخلاء قسري للمرضى والعاملين داخل المستشفى.
في بيان، طالبت الوزارة المؤسسات الدولية بـ«وقف الانتهاكات الصهيونية المستمرة، وحماية القطاع الصحي بالقطاع، وخاصة المرضى، بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية”.
وجاء في البيان: “نستنكر استهداف الاحتلال للمستشفى المعمداني بغزة خلال الساعات المبكرة من فجر الأحد، وذلك بقصفه لمبنى داخل حرمه وتدميره بالكامل، الأمر الذي أدى إلى إخلاء قسري للمرضى والعاملين داخله”.
وفجر الأحد، استهدفت الطائرات الحربية الصهيونية مبنى الاستقبال في مستشفى المعمداني وسط غزة، ما أدى إلى تدمير المبنى وإلحاق أضرار بالغة، وخروجه عن الخدمة.
ووفق شهود عيان، فإن الجيش الصهيوني كان قد هدّد بقصف المستشفى قبل استهدافه ما أجبر عشرات الجرحى والمرضى على مغادرته وافتراش الشوارع المحيطة به في ظل أجواء برد قارس.
وتسببت عملية الإخلاء، وفق المصادر الطبية، بوفاة طفلة جريحة، فيما لا يزال الموت يتهدّد العديد من المصابين بجراح حرجة بعد خروج المشفى عن العمل.
ويُقدّم المستشفى المعمداني خدماته الصحية لأكثر من مليون فلسطيني في محافظتي غزة وشمال غزة، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية بفعل الإبادة الجماعية الصهيونية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023، وتعمد استهداف المستشفيات والمراكز الصحية.
وكان المستشفى قد شهد واحدة من أبشع مجازر الجيش الصهيوني خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على القطاع، بعد قصفه له في 17 أكتوبر 2023، خلال تواجد المئات من النازحين والمرضى والجرحى بداخله، ما أسفر عن استشهاد 471 فلسطينيا وإصابة مئات آخرين.
ويقع المستشفى على الأطراف الشمالية لحي الزيتون جنوب مدينة غزة، وتُديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس ويُعد من أقدم مستشفيات المدينة حيث تأسس عام 1882.
وتحول المعمداني إلى أهم مستشفى في مناطق شمال قطاع غزة بعد الدمار الكبير الذي ألحقه الجيش الصهيوني بمجمع الشفاء الطبي والمستشفيين الإندونيسي وكمال عدوان خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرا.
ويستقبل المستشفى يوميا عشرات الإصابات جراء الغارات الصهيونية الكثيفة التي يتعرض لها القطاع منذ استئناف الاحتلال حرب الإبادة في 18 مارس الماضي.
شهـــــــــــــــــــادات مروّعـــــــــــــة
هذا، وكشفت شهادات ميدانية لممرض وشهود عيان عن لحظات الرعب التي سبقت قصف الاحتلال مستشفى المعمداني والذي أسفر عن دمار كبير وسط ظروف إنسانية بالغة القسوة.
وقال أحد الممرضين بالمستشفى: “اتصل الجيش الصهيوني بإدارة المستشفى وأمهلهم دقائق محدودة قبل تنفيذ الضربة الجوية على المستشفى ما أدى إلى حالة من الهلع والفوضى بين الطواقم الطبية والمرضى”.
وأضاف الممرض، الذي فضل عدم ذكر اسمه: “لم يكن هناك وقت كافٍ ليتم إخلاء الجرحى والمرضى وسادت حالة من الفوضى والرعب عاشها الجميع، كنا نسابق الزمن لإنقاذ الجرحى، دون وجود سيارات إسعاف كافية”.
وأردف: “اضطررنا لنقل المصابين إلى الأزقة والطرقات القريبة على الأرض أو على بعض الأسرة المحمولة، وهناك لفظت طفلة جريحة أنفاسها الأخيرة”.
وأشار إلى أنه بعد 20 دقيقة من الإنذار قام الجيش الصهيوني بقصف المستشفى “بشكل مروّع”.
وأضاف الشاهد: “النيران اندلعت في أرجاء المستشفى وامتدت إلى الكنيسة الملاصقة، والمبنى المستهدف دُمّر بالكامل”.
في الأثناء، اعتبرت فلسطين، أن قصف الجيش الصهيوني للمستشفى المعمداني “أبشع أشكال الإبادة والتهجير”، منددة بـ “تواطؤ المجتمع الدولي”.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان، إن “تدمير الاحتلال مستشفى المعمداني أبشع أشكال الإبادة والتهجير في ظل تقاعس دولي مريب”.
وأضافت أن “استهداف المستشفيات والمراكز الصحية والطواقم الطبية أبشع مظاهر الإبادة، واستهتار صارخ بالمجتمع الدولي والمبادئ والقوانين الإنسانية، ويندرج في إطار سياسة صهيونية ممنهجة لاستكمال تدمير جميع مقومات الحياة في القطاع”.
وشددت على أن “الاحتلال يسعى لتحويل القطاع إلى أرض غير صالحة للحياة البشرية تمهيداً لإجبار المواطنين على الهجرة بالقوّة العسكرية”.
وفي بيانها، أكدت الخارجية، أن تدمير المستشفى “ما كان له أن يحدث لولا تواطؤ المجتمع الدولي وتقاعسه عن تحمل مسؤولياته، خاصة وأن الاحتلال سبق أن دمّر عمدًا 34 مستشفى في القطاع وأخرجها عن الخدمة، مع استمرار سياسة التجويع والتعطيش وحرمان المواطنين من الأدوية”.
وحملت مجلس الأمن الدولي كامل المسؤولية “عن فشله في حماية المدنيين وفرض الوقف الفوري للإبادة وفتح المعابر وإدخال المساعدات بشكل مستدام، والبدء بتنفيذ جميع أشكال الإغاثة والإعمار”.