كثيرون أصيبوا بصدمة لوفاة الرئيس الفنزويلي «هيجو تشافيز»، وكثيرون أيضا اعتبروا رحيله خسارة كبرى خاصة بالنسبة للشعوب التي وجدت في مواقفه الشجاعة دعما ومؤازرة لها، ولعلّ من أكثر الشعوب حسرة على فقدان الزعيم اليساري، هي الشعوب العربية، التي وجدت فيه سندا في ظل أزماتها والاعتداءات التي تعرّضت لها.
ومن أكثر المواقف التي رفعت مكانة تشافيز في قلوب وأفئدة العرب، والتي ستبقى محفوظة في التاريخ، هو قراره الشجاع ـ الذي لم يتجرّأ أشجع قائد عربي على اتخاذه ـ للأسف الشديد ـ بطرد السفير الإسرائيلي بعد العدوان العسكري على غزة في حملة «الرصاص المصوّب» التي شنّها الصهاينة في شتاء ٢٠٠٨ إلى ٢٠٠٩ وحصدت أزيد من ١٥٠٠ شهيد.
رحيل شافيز، هو خسارة كبيرة للعرب لأن الرجل أثبت خلال العقد الماضي، بأنه كان داعما للقضايا العربية بشكل عام وللقضية الفلسطينية بشكل خاص حتى أنه تبنّى ودافع عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
كما دعّم الرئيس الفنزويلي الراحل بشدّة جبهة البوليزاريو ومن خلالها حقّ الشعب الصحراوي في تحقيق مصيره ونيل حريته هذا الموقف هو الذي تسبب في قطع المغرب لعلاقاته مع فنزويلا...
وتحوّل تشافيز خلال السنوات الأخيرة إلى الناطق باسم جبهة البوليزاريو في أمريكا اللاتينية وأقنع عددا من الدول التي وصل إليها اليسار مثل بوليفيا والإكوادور وغيرها بتقديم دعم قويّ للقضية الصحراوية، وشكّل وصول تشافيز إلى الحكم مشاكل حقيقية للمغرب دبلوماسيا في هذه المنطقة الأمر الذي دفعه إلى قطع العلاقات مع فنزويلا عام ٢٠٠٤.
وبينما أبدى «تشافيز» دعمه ومساندته للقضايا العربية العادلة والتي تسبّبت له في متاعب جمّة مع أمريكا وإسرائيل، فإنه وقف موقفا معارضا للحراك العربي، وأكد رفضه لما يسمّى «بالثورات» وشدّد على ضرورة إستقرار البلدان العربية وعلى أن يكون تغيير الأنظمة عن طريق الانتخابات وليس الشوارع والسّلاح والدماء المراقة ونسيج الوحدة الممزّق...
وتنبّأ بأن التغيير بالفوضى والعنف مآله الفشل، ونتيجته الدخول في غياهب الحروب والصراعات واللاإستقرار.
ورغم أن موقف «تشافيز» هذا أثار نقمة الكثيرين عليه، إلا أنه يبدو منطقيا بالنظر إلى الإنزلاقات الخطيرة التي تشهدها ما تسمى بدول الربيع العربي.