الجزائر – باماكو

محور لتعزيز السلم والاستقرار في الساحل

أمين بلعمري

مالي أو جمهورية مالي وعاصمتها باماكو هي دولة غير ساحلية في غرب إفريقيا، تحدها الجزائر شمالا والنيجر شرقا وبوركينا فاسو وساحل العاج في الجنوب وغينيا من الغرب والجنوب، والسنغال وموريتانيا غربا.

تبلغ مساحة مالي أكثر من 1,240,000 كم² ويبلغ عدد سكانها حوالي 15 مليون نسمة، تعتبر الفرنسية اللغة الرسمية في البلاد، إلا أن «البومبارا» هي لغة التواصل الاكثر استعمالا حيث يتواصل بها 80 من المائة من الماليين هذا الى جانب لغات ولهجات أخرى تعترف بها حكومة باماكو كلغات وطنية.
تتكون مالي من ثماني مناطق و تصل حدودها الشمالية إلى عمق الصحراء الكبرى، أما المنطقة الجنوبية من البلاد حيث يعيش فيها أغلبية السكان فيمر بها نهري النيجر والسنغال. ويتمحور التركيز الاقتصادي في البلاد حول الزراعة وصيد الأسماك و يزخر باطن البلاد بالعديد من  الموارد الطبيعية منها الذهب واليورانيوم والملح.
استقلت مالي عن الاستعمار الفرنسي شهر سبتمبر 1960 في حركة قادها موديبو كايتا الذي أصبح أول رئيس لجمهورية مالي المستقلة، غير ان حكم هذا الأخير لم يعمّر طويلا حيث تمت الإطاحة به في انقلاب عسكري سنة 1968 على يد مجموعة من الضباط في المؤسسة العسكرية يقودهم موسى طراروي لتدخل البلاد في مرحلة مطولة من الحكم الديكتاتوري الفردي استمر لأكثر من 20عاما و في العام 1991 قام الجنرال امادو توماني توري بحركة انقلابية انتهت بالإطاحة بالرئيس موسى طراوري و بعد مرحلة انتقالية استغرقت عاما واحدا تم و ضع دستور للبلاد  وفي سنة 1992 تم تنظيم أول انتخابات رئاسية تعددية  عاد فيها الفوز إلى الفا عمر كوناري الذي أصبح رئيسا للبلاد وأعيد انتخابه سنة 1997 وبعد عهدتين رئاسيتين تم تنظيم انتخابات رئاسية فاز فيها الجنرال المتقاعد امادو توماني توري الذي أعيد انتخابه العام 2007 لعهدة رئاسية جديدة إلا أن الحلم الديمقراطي أجهض من جديد و عاد كابوس الانقلابات ليخيم من جديد على سماء البلاد وذلك  على إثر الانقلاب العسكري  في مارس 2012 الذي أطاح بالرئيس توماني توري على مجموعة من صغار ضباط الجيش يقودهم النقيب أمادو هايا سانوغو الذي أصبح الآمر الناهي في البلاد وأقر تعليق العمل بالدستور لتدخل البلاد في نفق مظلم  أبرز مظاهره أزمة سياسية و عسكرية حادة شكلت أكبر تهديد لكيان الدولة والازمة المالية منذ استقلالها ازدادت خطورتها بعد سيطرة الجماعات الإرهابية على شمال البلاد و تهديدها بالزحف على العاصمة باماكو و هي معطيات اضطرت الرئيس بالنيابة دياكوندا طراروي الى طلب النجدة من المجتمع الدولي لتتدخل على اثرها القوات الفرنسية شمال مالي في إطار عملية سيرفال بداية سنة 2013 بتفويض من الأمم المتحدة.
وفي شهر نوفمبر من نفس السنة تم تنظيم انتخابات رئاسية في البلاد سجلت بها عودتها من بعيد إلى المسار الديمقراطي التعددي و هي الانتخابات التي فاز بها الرئيس ابراهيم ابوبكر كايتا بنسبة تناهز الـ 80 من المائة ليكون بذلك  سادس  رئيس لجمهورية مالي و كانت هذه النسبة المريحة جدا بمثابة صك على بياض أعطاه الشعب المالي لرئيسه من أجل انقاذ البلاد من محنتها و بالفعل  كان الرئيس ابراهيم كايتا عند حسن ظنه حيث استطاع في ظرف قياسي تحقيق الكثير من الانجازات من أهمها إعادة فرض هيبة و منطق الدولة و القانون من خلال القضاء على سلطة و تأثير معسكر كاتي بالقرب من العاصمة باماكو الذي تحول الى مقر عام للانقلابيين بزعامة النقيب سانوغو  الأخير الذي أراد أن يجعل منه مؤسسة موازية لرئاسة الجمهورية، كما كان عليه الحال مع الرئيس الانتقالي دياكوندا طراوري، إلا ان الانجاز الاهم للرئيس كايتا يبقى انهاء أزمة الشمال - التي كانت ضمن أولوليات أجندته الرئاسية - من خلال مفاوضات تكللت بداية هذا الشهر بتوقيع الأطراف المالية بالجزائر على اتفاق سلام بالأحرف الاولى وهي محطة أخرى تدعم أسس الصداقة و الجوار بين الجزائر و مالي وتؤكد مدى حرص الجزائر على سلامة و أمن الجارة مالي، حيث ان الدبلوماسية الجزائرية لم تدخر جهدا منذ بداية الأزمة في مالي من أجل المساهمة بفعالية في إيجاد مخرج سياسي سلمي لمعضلة الشمال و في مساعدتها في مكافحة الجماعات الدموية التي حاولت تحويل هذا البلد إلى إمارة إرهابية.
الأكيد أن الزيارة التي يقوم بها الرئيس إبراهيم ابوبكر كايتا الى بلادنا اعتبارا من اليوم بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ستكون لبنة أخرى على طريق تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين و تعزيز التعاون بما يخدم السلم و الأمن في منطقة الساحل على وجه الخصوص و في القارة الإفريقية عموما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024