باتت تهدّد السلم الاجتماعي بالمملكة

أزمة العطـش تتوسّع ولا مخططـات لحلّهــا

بينما تؤكد التصريحات الحكومية أن المغرب لا يعرف اليوم أي أزمة عطش حقيقية، تتزايد يوماً بعد يوم معاناة سكان القرى النائية مع نقص الماء الصالح للشرب، في مشهد يعكس فجوة مقلقة بين الخطاب الرسمي وواقع المغاربة، خاصة في الأقاليم الريفية المهمشة.
في مناطق مثل تاونات، صفرو، وسيدي سليمان، بات التزود بالماء معاناة يومية، تدفع الأسر إلى قطع مسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة فقط من أجل دلو ماء، في وقت تتواصل فيه الانقطاعات لأيام، وأحياناً لأسابيع دون حلول ملموسة.
في دوار “مازيغة” بتاونات، كما في دواوير مجاورة، تغيب أبسط مقومات الكرامة. الأسر تبحث عن قطرات تشربها، والصهاريج المتنقلة لم تعد كافية، والاحتجاجات تتصاعد، كما حدث مؤخراً في “لكلات” بصفرو، حين قرر السكان تنظيم مسيرة على الأقدام صوب مقر المحافظة بفاس، لإسماع صوت عطشهم الذي طال تجاهله.
البرلمانية سلوى البردعي دقت ناقوس الخطر من تحت قبة البرلمان، منبّهة إلى “أزمة خانقة” يعيشها الإقليم، داعية وزارة التجهيز والماء إلى التحرك بشكل عاجل، وتوضيح ما إن كانت هناك مشاريع واقعية في الأفق، ضمن المخطط الوطني للماء أو برامج تقليص الفوارق المجالية. لكن في المقابل، لا تزال الحلول غائبة، أو مؤجلة، أو حبيسة المكاتب. فلا خطط استعجالية واضحة، ولا رؤية استراتيجية تستجيب لحجم التحديات المطروحة، في وقت تمسّ فيه الأزمة أحد الحقوق الدستورية الأساسية: الحق في الماء.
أزمة الماء في المغرب لم تعد استثناءً، بل صارت عنوانًا لفشل بنيوي في الإنصات للمواطن، في التوزيع العادل للثروات، وفي تنزيل الوعود على الأرض. وما لم تتحول المقاربة من إدارة الأزمة إلى منع وقوعها، فإن العطش سيبقى واحداً من أوجه الظلم المجالي الذي يهدد السلم الاجتماعي بصمت قاتل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025
العدد 19834

العدد 19834

الإثنين 28 جويلية 2025
العدد 19833

العدد 19833

الأحد 27 جويلية 2025
العدد 19832

العدد 19832

السبت 26 جويلية 2025