يبدو بأن حكم محكمة العدل الأوروبية الذي قضى ببطلان اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري الموقعتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي، قد أحدث زلزالا في المغرب الذي لم يجد مخرجا من نكسته غير إقناع نفسه بالتمرّد على الحكم القضائي وعدم تنفيذه.
كما أحدث الحكم أيضا، صدمة في الدول الأوروبية التي ظلّت تنهب ثروات الصحراويين بموجب اتفاقيات لا شرعية وقعتها مع الاحتلال المغربي بعيدا عن إرادة الصحراويين وممثلهم الشرعي، جبهة البوليساريو.
وفي السياق، أكدت مصادر إعلامية أن 10 دول أوروبية من إجمالي 27 بلدا عضوا في الاتحاد الأوروبي، ستجد نفسها متضررة بشكل مباشر من عدم توقيع اتفاقية جديدة للصيد البحري مع المغرب، وذلك بسبب أن 128 من سفنها كانت تستفيد من هذه الشراكة غير القانونية خلال الفترة ما بين 2019 و2023، وفي مقدمتها السفن الإسبانية.
ووفق معطيات كل من الاتحاد الأوروبي ووزارة الفلاحة والثروة السمكية الإسبانية، فإنه بموجب الاتفاقية السابقة التي كانت تشمل المياه الإقليمية الصحراوية، تمكنت 128 سفينة أوروبية من الاستفادة من الثروة السمكية الصحراوية، منها 92 سفينة إسبانية.
وحملت تلك السفن جنسيات دول إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال وهولندا وبولندا ولاتفيا وليتوانيا وأيرلندا، كما كانت هناك سفن بريطانية قبل مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، وقد توافدت على سواحل الإقليم المحتل منذ 18 جويلية 2019.
وتلقى مهنيو الصيد البحري الإسبان الضربة الأقوى جراء قرار محكمة العدل الأوروبية إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب، لكونها تشمل الصحراء الغربية المحتلة، وهو ما دفع حكومة مدريد للتعهد بمساعدتهم لتجاوز الأزمة التي يعيشونها.
وبموجب اتفاق الصيد البحري الملغى والذي انتهت صلاحيته فعليا قبل سنة، كانت هناك 47 سفينة قادمة من إقليم الأندلس تصطاد في السواحل الصحراوية، و38 سفينة من جرز الكناري و7 من إقليم غاليسيا، وظل مهنيو الصيد البحري بهذه المناطق يضغطون على حكومة بيدرو سانشيز لتجديد الاتفاقية مع المغرب.
وفي تصريحات لخوسي مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، الجمعة، مباشرة بعد الحكم الصادر عن أعلى محكمة أوروبية، أورد بأن إسبانيا “تحترم قرارات محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي “، وقال إن قطاع الصيد البحري في بلاده “سيحظى بكل الدعم من الحكومة”.
صدمة الدول الأوروبية من قرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب، وإن كانت كبيرة، فهي لا تقارن بالصفعة التي زلزلت أركان الاحتلال المغربي الذي لم يجد من ردّ، غير تعهده بعدم الالتزام بحكم المحكمة الأوروبية، ومعالجة المسألة بطرق غير قانونية كما دأب على فعله دوما.
ومعلوم أن وزارة الشؤون الخارجية المغربية أعلنت أن المملكة لا تعتبر نفسها معنية على الإطلاق بقرار محكمة العدل الأوروبية الصادر يوم الجمعة بشأن بطلان اتفاقيتي الزراعة والصيد البحري.