انطلقت، فجر أمس الجمعة، عملية التصويت للانتخابات الرئاسية التونسية بالنسبة للمقيمين في الخارج في 6 دوائر انتخابية، لتتواصل حتى يوم غد الأحد 15 سبتمبر، موعد انطلاق الانتخابات داخل البلاد.
وتمّت تهيئة 302 مركز اقتراع لاستقبال 386053 ناخباً مسجلاً في 49 دولة أجنبية، من أصل 7074566 ناخباً مسجلاً.
وقال عضو هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، على هامش مؤتمر عقدته الهيئة، مساء الخميس، إن «على التونسيين التوجه بكثافة إلى مراكز الاقتراع يوم 15 سبتمبر في الداخل، وأيضاً أيام 13 و14 و15 سبتمبر في الخارج لإنجاح العرس الانتخابي»، مضيفاً أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى في 49 دولة في الخارج، وأن الرهان تمثل في إيصال المواد الانتخابية إلى المكاتب خارج تونس في موعدها، وأن الهيئة تمكنت من إيصالها كلّها والاستعدادات جيدة.
وانطلقت الانتخابات من أول مكتب في سيدني في أستراليا، وبثت هيئة الانتخابات فيديو يبيّن أولى عمليات التصويت، وسيكون آخر مركز اقتراع يفتح أبوابه هو مركز سان فرانسيسكو، بالولايات المتحدة الأميركية.
وكانت الحملة الانتخابية في الخارج قد انطلقت منذ 31 أوت الماضي حتى الأربعاء، ولم يتمكن معظم المترشحين من التوجه إلى ناخبيهم بالخارج.
تضافر الجهود لإنجاح الإستحقاق
وكانت هيئة الانتخابات في تونس نظمت لقاء حول آخر الاستعدادات والتحضيرات للانتخابات، بحضور رئاستي الجمهورية والحكومة ووزراء ودبلوماسيين ومنظمات تونسية ودولية وممثل عن الجامعة العربية.
وقال رئيس الجمهورية المؤقت، محمد الناصر، في افتتاح اللقاء إن «الجهود تضافرت لتكون الانتخابات طيبة وتتم في ظروف مقبولة»، وتابع أنه تم الاستماع إلى المرشحين والتعرف إليهم وبرامجهم من خلال المناظرات التلفزيونية، وكان تجاوب التونسيين مع هذه المبادرة واسعاً، ما يؤكد أن الشعب التونسي سيقوم بدوره لاختيار الرجل المناسب الذي سيؤدي مهمته في الرئاسية، ثم ستأتي الانتخابات التشريعية لاحقاً ويتعين على التونسيين أيضاً القيام بواجبهم والإقبال على مراكز الاقتراع.
الناخبون في الداخل غدا أمام موعد الحسم
هذا و يتوجه الناخبون التونسيون في الداخل، غدا الأحد، نحو صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد، في اقتراع ديمقراطي يعد الثاني من نوعه في تاريخ البلاد منذ الاستقلال، بعد عقود من الاستحقاقات الصورية.
وتعد هذه الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في تونس، منذ استقلال البلاد عن فرنسا (1956)، مرورا بعهدي الرئيسين الأسبق الحبيب بورقيبة (حكم من 1957 ـ 1987)، والمخلوع زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011)، وصولا إلى فترة ما بعد التغيير(2011 ـ 2019).
ورئاسيات 2019، هي ثاني انتخابات رئاسية حرة وشفافة إبانمند الاطاحة بالرئيس السابق.
وكان مخططا إجراؤها في 17 و24 نوفمبرالمقبل، لكن بعد وفاة السبسي، في 25 جويلية الماضي، قُدم موعدها إلى 15 سبتمبر، من أجل ضمان تولي رئيس جديد منصبه في غضون 90 يوما، وفقا للدستور.
انتظمت في عهد بورقيبة، 4 انتخابات رئاسية، و5 في عهد بن علي.
ففي 8 نوفمبر 1959، نُظمت أول انتخابات رئاسية، فاز فيها بورقيبة الذي كان المرشح الوحيد، بنسبة 100 بالمئة، بعد أول ولاية له حتى هذه الانتخابات، إذ تم تعيينه قبل ذلك رئيسا للبلاد بعد انتخابه من قبل المجلس القومي التأسيسي (البرلمان) بطريقة غير مباشرة عام 1957.
تلتها 3 محطات انتخابية رئاسية، سنوات 1964 و1969 و1974، فاز فيها بورقيبة، الذي كان المرشح الوحيد أيضا، وفاز في جميعها بنسبة تصويت بلغت 100 بالمئة.
وعلى منوال بورقيبة، نسج بن علي الذي عُين رئيسا للوزراء في 1987، ثم تولى رئاسة البلاد بعدها في نوفمبر 1987، بعد الاعلان عن عجز بورقيبة عن تولي الرئاسة.
وأعيد انتخاب بن علي، بأغلبية ساحقة في كل الانتخابات الرئاسية التي أجريت سنوات 1989 و1994 و1999، وآخرها كان في 25 أكتوبر 2009.
أول اقتراع ديمقراطي
في 23 نوفمبر 2014، جرت عاشر انتخابات رئاسية، وأولها ديمقراطية، فاز فيها السبسي بدورة انتخابية ثانية نافسه فيها الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي (ديسمبر2011 ـ ديسمبر 2014).
وغدا ، تفتح مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين، الساعة الثامنة صباحا، إلى حدود السابعة مساء من اليوم نفسه ، لانتخاب رئيس جديد سيكون السادس للبلاد.
ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، 7 ملايين و155 ألفا، مسجلين في كشوف هيئة الانتخابات.
العملية الانتخابية ستتم في 13 ألف مكتب اقتراع، موزعة على 4567 مركز تصويت، في 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها.
يتنافس على كرسي الرئاسة 26 مترشحا من مختلف التيارات السياسية، بينهم مستقلون، وهم: منجي الرحوي (حزب الجبهة الشعبية)، ومحمد عبّو (التيار الديمقراطي)، وعبير موسي (الحزب الدستوري الحر)، ونبيل القروي (حزب قلب تونس).
ويتنافس أيضا لطفي المرايحي (الاتحاد الشعبي الديمقراطي)، ومهدي جمعة (البديل التونسي)، وحمّادي الجبالي (مستقل)، وحمّة الهمامي (الجبهة)، والمنصف المرزوقي (حزب الحراك)، وعبد الكريم الزبيدي (مستقل)، ومحسن مرزوق (حزب مشروع تونس)، ومحمد الصغير النوري (مستقل)، ومحمد الهاشمي الحامدي (تيار المحبة).
أيضا عبد الفتاح مورو (حركة النهضة)، وعمر منصور (مستقل)، ويوسف الشاهد (حزب تحيا تونس)، وقيس سعيّد (مستقل)، وإلياس الفخفاخ (حزب التكتل من أجل العمل والحريات)، وسليم الرياحي (حركة الوطن الجديد)، وسلمى اللومي (حزب الأمل)، وسعيد العايدي (حزب بني وطني)، والصافي سعيد (مستقل)، وناجي جلّول (مستقل)، وحاتم بولبيار (مستقل)، وعبيد البريكي (حركة تونس إلى الأمام)، وسيف الدين مخلوف (ائتلاف الكرامة).
نظام الاقتراع.. وجولة الإعادة
وفق المادتين 111 و112 من القانون الانتخابي، يُنتخب رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة للأصوات المصرّح بها (50 بالمائة + واحد من الأصوات).
وفي صورة عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرّح بها في الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية خلال الأسبوعين التاليين لإعلان النتائج النهائية للجولة الأولى، يتقدم إليها المرشحان الحائزان أكثر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.
ويتم التصريح في الجولة الثانية بفوز المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات.
وفي صورة تساوي عدد الأصوات بين عدد من المرشحين، يتم تقديم المرشح الأكبر سنا، أو التصريح بفوزه إذا كان التساوي في الجولة الثانية.
وقررت هيئة الانتخابات، أن يكون موعد إعلان النتائج الأولية للجولة الأولى في 17 سبتمبر الجاري، على ألا يتجاوز موعد إجراء الجولة الثانية، إن وُجدت، 3 نوفمبر المقبل.
ويمكن الطعن أمام الدوائر الاستئنافية للمحكمة الإدارية في النتائج الأولية للانتخابات، في أجل أقصاه 3 أيام من تاريخ تعليقها بمقرات الهيئة، بحسب البند 145 من القانون الانتخابي.
وتصرّح هيئة الانتخابات بالنتائج النهائية، خلال 48 ساعة من حصولها على آخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية، في خصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية للانتخابات، أو بعد انقضاء أجل الطعن، وذلك بقرار يُنشر بالموقع الإلكتروني للهيئة وبالمجلة الرسمية.
مراقبون محليون وعرب وأجانب
أكثر من 4500 ملاحظ ينتمون إلى عدد من المنظمات وجمعيات المجتمع المدني المحلية، حصلوا على بطاقات الاعتماد من هيئة الانتخابات، سيراقبون عملية الاقتراع، إضافة إلى 300 ملاحظ أجنبي.
كما يلعب الجيش دورا فاعلا في تأمين خزن ونقل مستلزمات العملية الانتخابية (الصناديق، أوراق التصويت، الحبر الانتخابي..) إلى مراكز الاقتراع، بطريقة مؤمّنة.
بدوره، أرسل الاتحاد الأوروبي بعثة مكونة من 56 محللا وملاحظا، سيتوزعون على مختلف أنحاء البلاد، لتغطية أيام الاقتراع.
كما أعلنت جامعة الدول العربية، مشاركة بعثة تابعة لها في مراقبة الانتخابات الرئاسية.
وتقرر نشر أعضاء هذه البعثة المنتمين إلى مختلف الجنسيات العربية، باستثناء الجنسية التونسية، في عدد من محافظات البلاد، خلال عملية التصويت.
بن علي بوضع حرج وينقل لمستشفى بالسعودية
بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية التونسية، قال محامي الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطيح به عام 2011بعد 23 عاما من حكم البلاد.، إنه نقل إلى مستشفى في السعودية بعد تدهور حالته الصحية.
وصرح منير بن صالحة ، أن ابنة زين العابدين بن علي اتصلت به، قائلة إن والدها البالغ من العمر 83 عاما «مريض جدا»، بعد سنوات من علاج سرطان البروستات.
وهذه أول مرة منذ الإطاحة ببن علي قبل نحو ثماني سنوات التي يتحدث فيها محاميه أو أسرته علنا عن حالته الصحية. ولم يصدر بن علي بيانات منذ أن غادر إلى السعودية.
وفي 2011، قضت محكمة تونس على بن علي بالسجن غيابيا لمدة 35 عاما بتهم من الفساد المالي إلى التعذيب. وبعد ذلك أيضا قضت محكمة عسكرية بسجنه 20 عاما بتهم التحريض على القتل والنهب.