بعد إنهاء ماكرون كلمته التي وجّهها أمس الأول للفرنسيين، أعلن العديد من المحتجين عزمهم على الاستمرار في قطع الطرقات وإقامة السواتر ولا سيما عند المستديرات، ودعوا إلى «فصل خامس» من التعبئة السبت المقبل في جميع أنحاء فرنسا، ليكون خامس يوم على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 نوفمبر.
قابل محتجو حركة «السترات الصفراء» الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سعيا لتهدئة احتجاجاتهم، بتحفظ شديد، وتراوح استقبالهم لها بين من رأى فيها بوادر تقدم، وبين من اعتبرها دليلا على عدم اكتراث السلطة بالمحتجين، بينما سخرت المعارضة السياسية من أقصى اليمين وأقصى اليسار من التدابير التي أعلنها ماكرون.
وأظهرت أولى ردود الفعل على الإجراءات التي أعلنها أمس الأول، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في محاولة لتهدئة الاحتجاجات التي تجتاح البلاد منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، أن وعود الرئيس قد استقبلت بتحفظ شديد من جانب محتجي «السترات الصفراء»، كما ظهر من مقابلات أجرتها معهم قنوات تلفزيونية، أو من ردود أفعالهم في أماكن تجمهرهم في مناطق عدة.
وبينما رأى بعضهم في وعود الرئيس «بوادر» حل، فقد اعتبروها «غير كافية» أو «غير كاملة» لإيقاف التحركات الاحتجاجية لحركة لا زعيم محددا لها ومطالبها متنوعة ومتعددة.
سخرية المعارضة
بدورها سخرت المعارضة السياسية من التدابير التي أعلنها ماكرون، وقال زعيم اليسار المتطرف جان - لوك ميلنشون إن «ماكرون اعتقد أن توزيع النقود يمكن أن يهدئ تمرد المواطنين الذي اندلع»، واعدا بمظاهرة جديدة السبت المقبل «ستشهد تعبئة كبيرة».
من ناحيتها قالت مارين لوبان، رئيسة التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا، يمين متطرف) إنّ ماكرون «يتراجع لكي يقفز بشكل أفضل».
ردود فعل دولية
أوروبيا، أعلنت بروكسل أنها ستدرس بعناية كيف ستنعكس على الميزانية الفرنسية وعود ماكرون.
وقال مفوض شؤون اليورو نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس في ستراسبورغ حيث يعقد البرلمان الأوروبي جلسة عامة: «إنّنا نتابع عن كثب الإجراءات الجديدة المحتملة التي جرى الإعلان عنها، لكن لا يمكننا التعليق عليها قبل أن يتم الإعلان عنها بطريقة صحيحة وبالتفصيل».
من جهتها دعت طهران رعاياها في فرنسا لتوخي الحذر وتجنب الأماكن التي تجري فيها مظاهرات «السترات الصفراء»، بينما اعتبر مسؤول إيراني رد الفعل الدولي على الاحتجاجات التي رافقتها أعمال عنف واسعة في باريس دليلا على نفاق الغرب.
حالة طوارئ اقتصادية
وفي خطابه للأمة، أعلن الرئيس الفرنسي عن حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية في البلاد، وأقرّ جملة من التدابير لتهدئة غضب الشارع.
وقرّر ماكرون رفع الحد الأدنى للأجور بمائة يورو (113 دولارا) شهريا اعتبارا من العام المقبل، ودعا أيضا من يستطيعون من أرباب العمل إلى «رصد مكافأة لنهاية العام» ستعفى من الضرائب.
وقرّر ماكرون إلغاء زيادة الضريبة على فئة من المتقاعدين ذوي معاشات التقاعد لمن يتقاضون أقل من ألفي يورو شهريا.
وقال ماكرون في هذا الخطاب الذي كان ينتظره الرأي العام الفرنسي إن الاحتجاجات مردّها إلى «ضائقة مستمرة منذ 40 عاما».
بائعة أدوات تجميل أطلقت الشّرارة الأولى للحراك
سلّطت وسائل إعلام عديدة الضوء على هوية مطلق الشرارة الأولى لاحتجاجات حركة «السترات الصفراء» التي تشهدها فرنسا حاليا.
وحسب وسائل الإعلام، فإن بريسيليا لودوسكي، إمرأة تعمل بائعة أدوات تجميل في ضواحي باريس أطلقت في نهاية ماي ٢٠١٨، عريضة على فيسبوك، تضمّنت دعوة للاحتجاج على ارتفاع أسعار المحروقات، موضحة كيف يثقل هذا الارتفاع كاهل الأشخاص أصحاب الدخل المحدودة أو أصحاب المشاريع الصغرى ويخنقهم.
ولقيت عريضة برسيليا لودوسكي تقبلا متزايدا على الشبكات الإجتماعية، ومع بداية شهر أكتوبر كان عدد الموقعين على العريض ٤٠٠ مواطن، لكن منذ منتصف أكتوبر وحتى بداية نوفمبر ارتفع العدد فجأة إلى أكثر من ٨٠٠ ألف توقيع لتنطلق أول فعالية احتجاج يوم السبت ١٧ نوفمبر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع تخطيط لعرقلة الطرق في فرنسا، وحسب مواقع إعلامية تقول بريسيليا لودوسكي البائعة حاليا والموظفة السابقة في أحد المصارف، أنّها تلقّت اتصالات من نواب من اليمين المتطرف، لكنها رفضت التواصل معهم بشكل قطعي لتبقى حركة «السّترات الصّفراء» غير منظمة تأتي من القواعد الشعبية، وخارجة عن الهياكل المنظمة للنقابات العمالية والأحزاب السياسية.