يوم متوتر عاشته فرنسا أمس، مع تجدّد الاحتجاجات التي تطورت إلى مواجهات واعتقالات و تصعيد، بات يشكل أحد أكبر وأعتى التحديات التي يواجهها الرئيس إيمانويل ماكرون منذ توليه السلطة قبل 18 شهرا.
للمرة الثالثة إذن، أغلق محتجو « السترات الصفراء» الطرق الفرنسية وألهبوا جادة الشانزليزي بقلب باريس، للتعبير عن رفضهم رفع أسعار الوقود وتدني القدرة الشرائية، وتحت قوس النصر غنوا النشيد الوطني و هتفوا باستقالة ماكرون.
ورغم حشد السلطات الفرنسية لآلاف أفراد الشرطة الإضافيين في العاصمة، فإن المحتجين حاولوا كسر الطوق الأمني، ما جعلهم في مواجهة الغازات المسيلة للدموع، وأمام حملة من الاعتقالات بلغت حصيلتها حسب ما أعلنته رئاسة الوزراء الفرنسية، 122 متظاهر في باريس.
كما أصيب ٩٢ أشخاص على الأقل منهم ١٤ شرطيا في اصطدامات عنيفة، بين الشرطة الفرنسية ومحتجي «السترات الصفراء»، بينهم 3 من قوات الأمن.
إدوار فيليب يحذر
وفي السياق، قال رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، إنه تم اعتقال أكثر من ٢٢٤ متظاهر، فيما قامت إدارة النقل في مدينة باريس بإغلاق 7 محطات لمترو الأنفاق.
وحذر إدوار فيليب من وصفهم بالمخربين قائلا «لا أعذار للذين يأتون للتخريب واستفزاز قوى الأمن»
وأظهرت مقاطع مصورة تداولتها وسائل الإعلام، الشرطة الفرنسية وهي تلقي قنابل الغاز المسيل للدموع، وتستخدم خراطيم المياه وسط الجموع الغفيرة لتفريقهم.
ونظمت أمس ثلاثة احتجاجات، عبر باريس شملت احتجاج أصحاب «السترات الصفراء» واحتجاجا نقابيا على البطالة ومظاهرة منفصلة ضد العنصرية.
وبدأت «السترات الصفراء» في 17 نوفمبر الماضي؛ احتجاجًا على سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، وزيادة الرسوم على المحروقات.
وقبل أسبوع، تجمّع آلاف المحتجين، في باريس، لأول مرة، وحولوا شارع الشانزليزي إلى ساحة قتال، بعد اشتباكهم مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
ولأكثر من أسبوعين، أغلق المحتجون الطرق في أرجاء فرنسا، في احتجاج عفوي وشعبي ضد زيادة ضرائب الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتصاعدت الاحتجاجات وتحولت إلى أحد أكبر وأخطر التحديات التي يواجهها الرئيس إيمانويل ماكرون.
هذا وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقا، أن السلطات الفرنسية تتفهم مطالب المحتجين، لكنها لا تنوي تغيير سياستها في هذا المجال. كما توعد بزيادة النفقات على موارد الطاقة وبتخفيض حصة الطاقة الذرية بمقدار 50% بحلول عام 2035.
وتزامنت احتجاجات أمس، مع تواجد ماكرون وزوجته في بوينس آيرس للمشاركة في أعمال قمة العشرين.
ويشير اسم «السترات الصفراء «إلى السترات الصفراء الفوسفورية التي يتعين على جميع السائقين في فرنسا تزويد سياراتهم بها. وتتمتع الحركة بشعبية واسعة النطاق. وفاجأت احتجاجات السترات الصفراء ماكرون وهو يحاول زيادة شعبيته التي انخفضت إلى نحو 20 في المئة.
ضد رفع الرسوم الجامعية للطلبة الأجانب
دعت منظمات شبابية وطلابية إلى تجمعات، أمس السبت، في باريس وباقي أنحاء فرنسا، احتجاجا على رفع الرسوم الجامعية للطلبة غير الأوروبيين، مبدين خشيتهم من أن الإجراء مقدمة لرفع الرسوم على الطلبة كافة.
ووجه الدعوة للاحتجاج، الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا ومنظمات شبابية أخرى وانضمت إليها فدرالية الجمعيات الطلابية، كما دعت نقابات موظفي التعليم العالي إلى التجمع، أمام جامعة السوربون بباريس وفي مدن فرنسية كبرى أخرى.
حمى الاحتجاجات تنتقل إلى بلجيكا
استخدمت الشرطة في بلجيكا مدافع المياه والغاز المدمع، الجمعة لتفريق مئات المحتجين وسط العاصمة بروكسل، الذين استلهموا تحركهم من حركة «السترات الصفراء» التي خرجت في فرنسا بسبب ارتفاع الضرائب وأسعار الوقود.
وبدأت الاحتجاجات سلميا، رغم أنها خرجت دون الحصول على تصريح ولم يكن لها قيادة واضحة، بعد أن تمت الدعوة إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تحولت إلى العنف عندما حاول عدد من الملثمين اختراق صفوف الشرطة التي اعتقلت العشرات، فدمّر محتجون على الأقل مركبتين تابعتين للشرطة.
ووصلت الاحتجاجات عند مكتب رئيس الوزراء البلجيكي، الذي تعرض للرشق بالحجارة، بينما قالت الشرطة إنها اعتقلت نحو 60 شخصا قبل اندلاع العنف بسبب إغلاق الطرق أو حيازة ألعاب نارية خطرة.
واستمرت الاضطرابات لنحو ساعة، قبل أن تطوق شرطة مكافحة الشغب المحتجين وتعتقل بعضهم وتفرق باقي الحشد.