أعزائي الصغار قد يدفعنا وجود أشخاص متفوقين علينا لأن نبذل مجهودات أكبر لنصبح في نفس مستواهم، ولكن بعض الأشخاص رأيتهم لمن هم خير منهم يدفعهم للغيرة منهم وحتى كرههم ومنهم من تدفعهم الغيرة للكيد للإنسان الذي يغادرون منه وسترون أعزائي في هذه القصة ماذا تفعل الغيرة بصاحبها.
وتبدأ قصتنا عند نهاية السنة الدراسية وظهور النتائج، أين نجح من عمل ودرس ورسب من لم يكن مهتما بدروسه، ومن بين الناجحين الطفل نذير وكانت أمه قد وعدته إن تحصل على نتائج جيدة أن تأخذه ليقضي العطلة في بيت خالته بالجزائر العاصمة وكان هو يسكن بقسنطينة، وبما أن نذير تلميذ ذكي ومهتم بدراسته فصد تحصل على نتائج ممتازة جعلت أمه توفي بوعدها فأخذته إلى بيت خالته أين وصلا بالمساء بعد أن قضى معها يوما ممتعا في القطار وهما يتفرجان على المناظر الجميلة التي تزخر بها بلادنا.
وعندما وصلا إلى محطة الركاب وجد أين خالته ينتظرهم بسيارته فأوصلهم إلى البيت أين استقبلتهم الخالة استقبالا حارا كما كان إبن خالته كريم أيضا في الاستقبال وكان كريم ونذير في نفس العمر وفي نفس السنة الدراسية، غير أن نتائج كريم كانت عكس نتائج نذير، وبعد أن ارتاح نذير وأمه من تعب السفر قدمت لهم الخالة العشاء جلس الجميع في الصالون يتبادلون أطراف الحديث، فأخذت أم نذير تحدث الجميع عن فرحتها بنتائج ابنها كما قامت بمدح اخلاقه أما أم كريم فأخبرتهم عن نتائج كريم الضعيفة وأنه يتعبها كثيرا، فردت عليها أم نذير وقالت أن ابنها أخلاقه طيبة كما أنه هادىء ولا يسبب لها المشاكل فقام الجميع بمدحه وتحيته وتمنوا له نتائج أحسن ومستقبلا زاهر كما طلبت أم كريم من ابنها أن يفعل كما يفعل نذير مما جعله يحس بغيرة شديدة منه حتى أنه أحس بكره اتجاهه فنهض من مكانه ودخل غرفتعه واستلقى على سريره فدخلت وراءه أمه وطلبت منه النهوض والنوم على الفراش الأرضي ويترك سريره لينام عليه نذير أنه ضيف ويجب إكرامه، غير أن كريم رفض بشدة. فدخل نذير وهو مبتسم فطلبت الأم مرة أخرى من كريم أن ينهض فال نذيير بكل أدب : لا خالتي أتركيه ينام سأنام على الأرض فأنا في الصيف أفضل النوم على الأرض. ارتاحت أم كريم لموقف نذير وازدادت اعجابا به أما كريم فتظاهر أنه نعسان ويريد النوم ورفض السهر مع ابن خالته.
وفي الصباح استيقظت أم كريم وحضرت القهوة وأيقضت الجميع وعندما دخلت غرفة كريم وجدت نذير قد استيقظ ورتب فراشه فلما رأها قال لها وهو يبتسم: صباح الخير خالتي أما كريم فلم يستيقظ الا بعد جهد جهيد من أمه.
نهض كريم وهو مغمض العين فقالت له أمه : اذهب وخذ معك نذير واشترى لنا بعض الحلويات، غير أن كريم وبعد أن غسل وجهه خرج مسرعا لكي لا يأخذ معه إبن خالته وعند عودته ألقي باللوم على خالته نذير لأنه انتظره طويلا عند الباب وهو لم يخرج وبعد أن تناول الجميع قهوته طلبت أم كريم من ولدها أن يأخذ إبن خالته نذير ويعرفه على أصدقاءه.
نزل كريم ومعه نذير من البيت وتوجها إلى حديقة الحي أين كان أصدقاء كريم ينتظرونه كالعادة فتعرف الجميع على نذير، كما قاموا هم كذلك بسؤاله على الألعاب التي يلعبونها في حييهم، فأخبرهم أنه لا يمارس لعبا كثيرة ماعدا السباحة لأن الدراسة لا تسمح له بالخروج كثيرا، فسأله أحدهم عن نتائجه فأخبرهم، فاندهش الجميع حتى أن أحدهم قال أنه لو يدرس ليلا ونهارا لن يحصل على مثل ذلك النتيجة، كما نصحوا كريم أن يستغل وجود إبن خالته ليراجع معه الدروس ليحصل على نتائج جيدة فأحس كريم بغضب فصب جام غضبه على نذير في اللعب حيث أنه لم يترك الكرة تصل إليه أبدا، وبعد نهاية اللعبلة أخبره أمام الجميع أنه زلا يجيد اللعب بدليل أنه لم يمسك الكرة قط، ولم يكتف بهذا بل أخبر الجميع في البيت أن نذير لا يحسن اللعب فردت أم نذير أن ابنها يقضي معظم وقته في الدراسة والمطالعة ولا يمارس الرياضة الا مرة في الاسبوع وهذا في المسبح البلدي كما أن نذير أخبرهم وهو يبتسم أنه لا يحسن لعب الكرة فقال إبن حالته الأكبر، المهم هو أنه تكون جيد في المدرسة، واضافت أم كريم، نعم يا ولدي الدراسة هي الأهم فخاب أمل كريم بأن يضع إبن خالته في موقف حرج.
وفي اليوم التالي خرج كريم مع نذير واصدقاءه في نزهة في المدينة وكان يتعمد أن يمشي في الأمام مع أصدقائه ويترك نذير في الخلف وفي وسط المدينة اكتظت الشوارع بالمارة مما جعل نذير يتخلف عن المجموعة، وعندما وصلوا إلى بائع المثلجات استدار كريم خلفه ولم يجد نذير، فقام بالبحث عن في كل المدينة لكن بدون جدوى فنصحه أحد الأصدقاء بالعودة للبيت وإخبارهم باختفاءه.
لكن كريم خاف من مواجهة أمه فعاد للبحث عنه مرة أخرى ولم يترك مكانا في المدينة إلا وبحث فيه ومع مرور الوقت خاب أمل كريم في العثور على نذير فقرر العودة إلى البيت وإخبار الجميع بما حصل وما إن اقترب من البيت حتى بدء قلبه ينبض بشدة خوفا من ردة فعل أمه وأبيه وحياء من خالته التي كانت تعامله معاملة جيدة، لكن الغيرة أعمته وجعلته أنانيا وقاسيا القلب ولم يكن يظن أن الأمور ستصل إلى هذه المرحلة الخطرة، فأحس بالذنب حتى أن الدموع سالت من عينه وهو يفكر في مصير إبن خالته.
وصل كريم إلى البيت ودف الباب فتفاجأ بنذير يفتح له الباب فسأله وهو يبكي أنت هنا فقال نذير نعم أنا هنا.
كريم : ضننت أنك تهت ولن نجدك أبدا
فرد نذير وهو يبتسم : الحمد أنا هنا
مسح كريم دموعه وقال : كيف وصلت إلى هنا
فأخبره أنه لما فقد أثرهم ولم يستطيع اللحاق بهم، ذهب عند بائع الزهور وطلب منه أن يساعده للعودة إلى البيت لأنه غريب عن المدينة ولا يعرف طريق العودة، فسأله البائع عن العنوان، فأعطاه العنوان، فقام بإيصاله حتى البيت، جلس كريم على الأريكة ليرتاح بعد أن سمع كلمات توبيخ من أمه، لكنه لم يهتم لها ما دام أن إبن خالته قد عاد إلى البيت سالما وأما في الليل وعندما غرق الجميع في النوم بقي كريم طول الوقت يتألم من قدميه بسبب كثرة المشي وهو يبحث عن نذير مما جعله يتوب عن التفكير في إزعاج إبن خالته كما أنه قام بجعل إبن خالته يقضي عطلة جميلة.
كتـــابــات للبـــــراءة
الغيـرة
بقلم: قاسـم شهيـرة
شوهد:864 مرة