اعتبر أكاديميون وباحثون ومهتمون بالأمازيغية بباتنة في حديثهم لوأج، أمس، أن ما يميز إحياء الذكرى الـ36 للربيع الأمازيغي بالجزائر هذه السنة يكمن في أن أهم مطلب تحقق بتكريس الأمازيغية لغة وطنية ورسمية ويبقى الآن تفعيل ما جاء في الدستور لترقيتها.
وذكر رئيس الجمعية الوطنية أوراس الكاهنة بشير أقرابي، أنه من الضروري اليوم بعد أن اكتسبت دعائم الأمازيغية قوة من خلال إدراجها في الدستور أن توفرالآليات اللازمة لإعطائها البعد الثقافي والتاريخي والحضاري الحقيقي الذي تتميز به والذي حاول الاستعمار الفرنسي طمسه مستهدفا من خلاله طمس هوية الشعب الجزائري.
وأضاف بأن الأمازيغية كلغة ليست جامدة وتتضمن ديناميكية ذاتية قبل أن يشدد على وجوب إخراج الأمازيغية من الطابع الفلكلوري الموروث عن المستعمر والعمل على تطويرها ومدها بالإمكانات اللازمة لدعمها حتى تتماشى مع التطور الجاري في مختلف الميادين.
من جهته، أبرز محافظ المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي الذي ينظم سنويا بباتنة سليم سهالي على دور الأكاديميين في رسم آفاق اللغة الأمازيغية بالجزائر بعد الخطوة الهامة التي حققتها بترسيمها وفق الدستور لغة وطنية و رسمية مع إعطاء
الفرصة -كما قال- للنخب لأجل إثراء الحقل الأمازيغي وإعطاء نفس للإبداع في مختلف المجالات وكذا توسيع نطاق تدريسها في المؤسسات التربوية.
واعتبر سهالي أن الحاجة الماسة حاليا هي إخراج الأمازيغية من الجغرافيا الإتنوغرافية - العرقية - والعمل على توحيد كل متغيراتها من خلال اعتماد حرف “التيفيناغ” في كتابتها لاسيما وأن التجربة أثبتت نجاحها في هذا المجال علاوة على أن هذا الاختيار سيخرجها من أي اعتبارات جهوية أو سياسية.
أما الباحث والمهتم بالثقافة الأمازيغية بمنطقة الأوراس محمد مرداسي، فيرى أنه من الضروري أن تصاحب دسترة الأمازيغية آليات لتفعيلها على مستوى الولايات بطريقة لا مركزية بغية جرد وجمع مكوناتها في كل جهة لاسيما وأن الأمازيغية هي إرث وملك لكل ال جزائريين وإحدى مكونات الهوية الجزائرية.
وبالنسبة للأستاذ الجامعي والباحث الأكاديمي في الأمازيغية و رئيس قسم اللغة و الثقافة الأمازيغية بجامعة باتنة 1 جمال نحالي فإن “ الأمازيغية دخلت مرحلة جديدة من التاريخ تستدعي وضع إستراتيجية للنهوض بها بعد ما حققته من مكتسبات بعد دسترتها.”
وأضاف نفس المتحدث في هذا السياق بأن الأمازيغية خرجت اليوم من النطاق المطلبي وهي بصدد تحقيق الذات وإعادة إحياء وبعث كل الكنوز التي تتوفر عليها كلغة وكتراث مادي ولامادي وكذا عادات وتقاليد ضاربة في عمق التاريخ.
وقال كذلك: “نستعد في باتنة هذه السنة لتخرج أول دفعة للطلبة من حاملي شهادة ليسانس لغة وثقافة أمازيغية شهر يونيو المقبل بجامعة باتنة 1 وهو حلم تحقق” مشيرا إلى أن المتخرجين ال75 سيسهمون لا محالة في تحقيق إضافة للأمازيغية على الصعيدين المحلي والوطني.
وفيما ذكرت رئيسة جمعية أوراس للثقافة والعلوم الإنسانية نعيمة دلول أن الجزائركانت السباقة إلى دسترة الأمازيغية مقارنة بدول الجوار فقد اعتبرت تكاثف كل الجهود والقطاعات الوزارية ضرورة حتمية من أجل تجسيد المكتسبات التي حققتها في الميدان لاسيما تعميمها في الإدارة وترقية الإنتاج الفكري والثقافي بمتغيراتها المختلفة وفتح آفاق التوظيف لحاملي الشهادات في هذا التخصص.
لكن إن كان إجماع بباتنة على أن أهم مكسب حققته الأمازيغية بالجزائر هوإدراجها رسميا في الدستور كلغة وطنية رسمية مع العمل حاليا من أجل ترقيتها فإن الكثيرين ومنهم الصحفية لامية سكري اعتبروا أن ما تحقق اليوم هو ثمرة لنضال مضني من أجل أن تستعيد الأمازيغية مكانتها في الجزائر.