تنظيم دورات تكوينيـة وورشات تدريبيــــة لفائــدة مســيري المتاحـف
تشجيع الطاقـات الشابــة ودعم مشاريعهــا.. ضـرورة قصــوى
أكد البروفيسور عبد القادر دحدوح، المختص في التراث الثقافي، أن التقدم التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم اليوم، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، يتيح فرصاً غير مسبوقة لحماية التراث الثقافي، المادي منه واللامادي، والعمل على توثيقه ونقله للأجيال القادمة.
وأشار دحدوح في تصريحه لـ«الشعب” إلى أن الرقمنة والذكاء الاصطناعي وما يرتبط بهما من تطبيقات إلكترونية حديثة، باتت من الأدوات الأساسية في عمليات التوثيق، بعد أن ظل الاعتماد لعقود طويلة على الأساليب الورقية والتصوير التقليدي. وأضاف، أن التوثيق الرقمي يشمل اليوم مختلف أشكال المحتوى، من الصور والفيديوهات، إلى البيانات البيبليوغرافية، ومعالجة النصوص، وتحليل البيانات، وحتى رسم الخرائط ذات العلاقة بالمواقع والمعالم الأثرية.
وقال دحدوح، إن استخدام الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر على التخزين والعرض، بل تطوّر ليشمل تحليلاً فورياً للبيانات وتشخيصاً دقيقاً للمشكلات، مع تقديم حلول ومعالجات عملية، مما يمنحه دوراً أساسياً في استراتيجيات صون التراث وتثبيت الهوية الوطنية.
وفي معرض حديثه عن التحديات، لفت المتحدث الانتباه إلى أن من أبرز العوائق التي تواجه عملية دمج الذكاء الاصطناعي في قطاع التراث، نقص التكوين وغياب الإمكانيات اللازمة لاقتناء التكنولوجيا الحديثة، فضلاً عن الحاجة إلى دعم البحث العلمي في هذا المجال، وتكريس التعاون بين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والمهنيين في علوم التراث والآثار.
وأكد في السياق ذاته، أن علم الآثار والعلوم المرتبطة بالتراث من أكثر التخصصات حاجةً إلى هذه التقنيات، سواء في مجالات البحث والتنقيب أو الترميم أو إدارة المواقع والمتاحف. وبيّن أن التجارب الميدانية قد أظهرت فعالية الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور والبيانات والوثائق، وتقديم رؤى دقيقة تساعد في اتخاذ القرار المناسب لحماية الموروث.
كما شدّد البروفيسور دحدوح على ضرورة تنظيم دورات تكوينية وورشات تدريبية لفائدة مسيري المتاحف والقائمين على صيانة وترميم التحف والمواقع الأثرية، لتمكينهم من استخدام هذه الأدوات الحديثة والاستفادة من قدراتها التقنية.
وبخصوص الوضع في الجزائر، قال عبد القادر دحدوح، إن هناك توجهاً واضحاً لدى الدولة لتبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الثقافة والفنون، مشيداً باختيار وزارة الثقافة لشعار “التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي” لاحتفالية شهر التراث لهذه السنة.
وأوضح، أن الملتقى الدولي الذي نُظم يوم 19 أفريل الجاري بالمدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي، بحضور وزير الثقافة والفنون، شكّل فرصة مهمة لعرض تجارب دولية في استخدام الذكاء الاصطناعي في ترميم المعالم الأثرية وتحليل الهياكل العظمية، والتنبؤ بالمخاطر البيئية التي تهدد المتاحف، مشيراً إلى أن الوزارة تتجه فعلياً إلى تدريب إطاراتها على هذه الآليات لتطبيقها ميدانياً.
وختم دحدوح حديثه، بالإشادة بالمبادرات الشبابية التي تم عرضها خلال المناسبة، والتي تضمنت أفكارا مبتكرة لتطبيقات إلكترونية موجهة لحماية التراث الجزائري، مؤكداً أن تشجيع هذه الطاقات الشابة ودعم مشاريعها هو السبيل الأمثل لضمان مستقبل رقمي واعد للتراث الوطني.