لماذا نحتاج الفلسفة؟!

سليمان.ج

في عالمنا المعاصر الذي يزداد تعقيدًا وسرعة، قد يتساءل البعض عن جدوى الفلسفة. هل هي مجرد ترف فكري، أو بقايا من عصور غابرة؟ في الحقيقة، تظل الفلسفة حاجة أساسية للإنسان، فهي ليست مجرد مجموعة من النظريات المجردة، بل هي أداة حيوية لفهم الذات، العالم، ومكانتنا فيه. إنها الطريقة التي نطرح بها الأسئلة الكبرى، ونبحث عن إجابات تتجاوز السطح.

إن أهمية الفلسفة تكمن في قدرتها على توجيهنا في بحر الحياة المتلاطم. إنها تدفعنا إلى التفكير النقدي، والتشكيك في المسلمات، والبحث عن المعنى. وكما قال الفيلسوف الإغريقي سقراط: “الحياة غير المُختَبرة لا تستحق أن تُعاش.” هذه المقولة تلخص جوهر الفلسفة.. البحث الدائم عن فهم أعمق للوجود، وليس مجرد العيش على هامش الحياة دون تدبر.. الفلسفة تعلمنا كيف نفكر، لا ما نفكر فيه.. تمنحنا الأدوات اللازمة لتحليل المعلومات، تقييم الحجج، وتكوين آراء مستنيرة، بدلًا من الانجراف وراء الأفكار السائدة أو الأحكام المسبقة.
في عصر يسوده التركيز على الماديات والتقدم التكنولوجي، قد نغفل عن الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالقيم والأخلاق والمعنى. هنا يأتي دور الفلسفة لتذكرنا بأن الإنسان ليس مجرد كائن مادي، بل هو كائن يسعى للبحث عن الحقيقة والجمال والخير.. إيمانويل كانط، وهو أحد أبرز الفلاسفة في تاريخ البشرية، أكد على أهمية “الأمر الأخلاقي” الذي يحكم تصرفاتنا، وشدّد على أن القيمة الحقيقية للفعل تكمن في النية وراءه، وليس في نتائجه المادية.. الفلسفة تمدنا بالأطر الفكرية التي تساعدنا على بناء أنظمة أخلاقية قوّية، وتحديد ما هو صواب وما هو خطأ، وبالتالي المساهمة في بناء مجتمعات أكثر عدلًا وإنسانية.وبينما يختص العلم بوصف الظواهر الطبيعية وتفسيرها، تذهب الفلسفة إلى ما وراء ذلك. تسأل عن طبيعة المعرفة نفسها، عن حدودها، وعما إذا كان هناك وجودا مستقلا عن إدراكنا. يقول عالم الفيزياء النظرية ألبرت أينشتاين: “إن أروع تجربة يمكن أن نعيشها هي الغموض. إنه العاطفة الأساسية التي تقف عند مهد الفن والعلم الحقيقي”.الفلسفة هي المساحة التي نستكشف فيها هذا الغموض، ونطرح تساؤلات لا يمكن للعلم وحده الإجابة عليها، مثل: ما هو الوعي؟ هل للإنسان إرادة حرة؟ ما هو الغرض من الوجود؟ هذه الأسئلة الفلسفية تدفع حدود تفكيرنا، وتثري فهمنا للعالم، وتفتح آفاقًا جديدة للبحث والابتكار، حتى في المجالات العلمية.إن الحاجة إلى الفلسفة اليوم ليست أقل أهمية مما كانت عليه في أي وقت مضى. إنها تعلمنا كيف نكون بشرًا أفضل، كيف نفكر بعمق، وكيف نعيش حياة ذات معنى. الفلسفة ليست مجرد دراسة، بل هي طريقة حياة. هل أنت مستعد لخوض غمار هذه الرحلة الفكرية؟

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19783

العدد 19783

الثلاثاء 27 ماي 2025
العدد 19782

العدد 19782

الإثنين 26 ماي 2025
العدد 19781

العدد 19781

الأحد 25 ماي 2025
العدد19780

العدد19780

السبت 24 ماي 2025