يقال إنّ التراث ذاكرة الثّقافات، تحتفي سوق أهراس بمحافظتها على العديد من الطّبوع الموسيقية المستمدّة من تراث المنطقة العريق، نذكر منها بالتحديد المالوف والعيساوة، كأحد طبوع الموسيقى الصوفية، وما يحمله من نظم للكلمات الممزوجة بين الشعبي والفصيح، تتحول في حناجر مؤدّيها بتناغم جماعي ونسق موسيقي يرحل بمحبّيه إلى فضاء أكثر روحانية،وبطابع من التراث الشّعبي العريق.
من أبرز فرق العيساوة بسوق أهراس في مجال الفنون، نجد جمعية الحاج مصطفى ريفي نسبة إلى مقدم وشيخ الطريقة العيساوية، والتي أنشئت سنة 2007، تعمل على ترسيخ هذا الفن وترقية أدائه والحفاظ عليه من الإندثار والضياع، إلى جانب مساهمتها الفعّالة في إحياء المناسبات الدينية والأفراح الشعبية، وهي السمة التي مازال سكان سوق أهراس يولونها اهتماما كبيرا، وتتفاضل المناسبات بحضور هذه الفرق الشعبية كرمز عن أصالة العائلات وعراقتها.
نشّطت فرقة العيساوة لولاية سوق أهراس العديد من الحفلات، وشاركت في مهرجانات متعددة وتظاهرات محلية ووطنية، فكان إسمها ألمع من باقي الفرق الأخرى، كما أن فرقة العيساوة لولاية سوق أهراس تعتبر علامة فارقة في الشرق الجزائري، وكذا خارج الوطن خاصة الإمتداد الذي تعرفه في الأراضي التونسية والعاصمة تونس بالتحديد، أين يكثر الطلب على حضور الحفلات والأفراح زمن الصيف، هذا بالاضافة إلى مشاركتها في العديد من المهرجانات بولاية عنابة، وقد تفوّقت هذه الفرقة بفعل التميز والديناميكة المستمرة لها خارج تراب الولاية سوق أهراس تعريفا باسمها ونشاطاتها الدورية.
المالوف..الفقيرات..الشّعبي...عطاء متواصل
تشتهر سوق أهراس بتنوع طبوعها الموسيقية ومنها المالوف، الذي يعد أحد روافد الواقع الثقافي للولاية، فحضوره لا ينقطع في المناسبات الوطنية والدينية وكذا الأفراح، من خلال الأعمال التي تقدمها الجمعية الناشطة «اشبيلية» للموسيقى الأندلسية التي تعمل منذ نشأتها في 2002 على البحث في التاريخ وأمجاد الموسيقى الأندلسية، والحفاظ على تراثها.
شاركت هذه الفرقة العريقة في العديد من التظاهرات والمهرجانات الوطنية والدولية، أهمها المهرجان الوطني للمالوف بقسنطينة، وكذلك في إطار سنة الجزائر عاصمة الثقافة الإسلامية بتلمسان، وإلى جانب مشاركتها في مهرجان قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، كما شاركت على المستوى المحلي خاصة في الحفلات الدورية التي تقام في العديد من الولايات بالمنطقة الشرقية.
إلى جانب المالوف تتميز أيضا سوق أهراس بطابع غنائي تؤديه مجموعة من النسوة لا يتجاوز عددهن الـعشرة، تعود نشأة هذا الطابع الغنائي إلى ما يقارب الـ 60 سنة، ويعرف بالفقيرات في الشرق الجزائري، والمسامع في الوسط، أما في الغرب الجزائري هذا النوع مشهور بالمداحات يجمع بين المالوف والمديح، خصوصا في الأعراس، ولا قيمة للتصديرة الخاصة بالعروسة دون مدائح وأغاني الفقيرات المستمدة من عمق التراث، ومازال هذا النوع من الطبوع الغنائية يفرض حضوره من خلال فرقة الفقيرات النسوية بآلات موسيقية بدائية تقوم على أساس الطبلة والغناء الجماعي.
كما تشتهر الساحة الفنية بسوق أهراس بالغناء الشعبي، تمثّله الجمعية الثقافية للفن الشعبي «المجداوية» التي تأسّست في عام 1986، ولا يزال تميّزها إلى حد اليوم في تطوير الأغنية الشعبية، وتكوين أجيال تحافظ على هذا الطابع الفني الأصيل. وقد شاركت في العديد من المهرجانات المحلية والطنية والدولية، منها إحياء حفلات بمدينة الكاف التونسية والمهرجان الوطني الأول للفن الشعبي بقسنطينة عام 1989 أين تحصلت على الجائزة الأولى، إلى جانب العديد من التظاهرات الوطنية والمحلية والمهرجان الوطني والدولي للفنون التشكيلية بولاية سوق أهراس طيلة عقدين من الزمن في هذا الفن العريق.