صفحات جميلة من السخرية عرفها الأدب الجزائري

ورقلة: إيمان كافي

الإنـسان بـطبـعه مـيـّال إلى الاستهزاء والـضـحـك

السخرية هي الاستهانة والتحقير، والتنبيه على العيوب والنقائص، على وجه يُضحَكُ منه، وهي طريقة من طرق التعبير، يستعمل فيها المتكلم ألفاظا تقلب المعنى إلى عكس ما يقصده حقيقة، والغاية منها هو النقد أولا، ثم الإضحاك ثانيا، ولأنّ الإنسان بطبعه ميّال إلى السخرية والاستهزاء والضحك، تحوّلت السخرية إلى مادة أدبية فتنوّعت أشكالها وتداخلت مفاهيمها، وأصبحت بعد ذلك فنا أدبيا قائما بذاته، وهي ضاربة بجذورها في القدم وفي كلّ الآداب وعند جميع الشعوب، كما ذكر البروفيسور العيد جلولي في حديث مع “الشعب”.

يقول الدكتور جلولي “إنّ أدقّ تعريف للسخرية، ما قدّمه عبد الحميد شاكر في كتابه الفكاهة والضحك، حيث قال: (السخرية نوع من التأليف الأدبي، أو الخطاب الثقافي الذي يقوم على أساس إنقاء الرذائل، والحماقات والنقائص الإنسانية، فردية كانت أم جماعية، وكأنّها عملية رصد أو مراقبة لها، وتكون في أساليب خاصّة، منها التهكّم أو الهزل أو الإضحاك، كلّ ذلك في سبيل التخلّص من خصال وخصائص سلبية).
واعتبر المتحدّث أنّ أدبنا العربي لا يخلو قديمه وحديثه من أدب السخرية شعرا ونثرا، والمتصفّح للمكتبة العربية القديمة سيعثر على مؤلفات عديدة تناولت بالسخرية والهزل، كلّ جوانب الحياة فأفردوا للسخرية والفكاهة كتبا خاصّة، منهم الجاحظ في كتابه: “البخلاء”، وأبو الطيب محمد بن إسحاق الوشاء في كتابه “الموشى” أو “الظَّرف والظُّرفاء”، وأبو منصور الثعالبي في “لطائف اللطف”، وأبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي في كتابيه “أخبار الحمقى والمغفلين”، و«أخبار الظُّراف والمتماجنين”.. وغيرها.
وأكّد محدّثنا أنّ السخرية اتخذت عدّة أشكال، فمنها اللطيف الرقيق، الذي يثير فينا الضحك فنشعر بالمتعة والمؤانسة، ومنها الفظ اللاذع، فكانت من أشكالها، الطرف والتهكّم والسخرية والمزاح والهجاء والفكاهة التهكّمية والمحاكاة التهكّمية والسّاخرة والمحاكاة وأشكال كثيرة في حاجة إلى التحليل والدراسة، كما تعدّدت أنواعها فمنها السخرية الانتقادية والسخرية العقلية والسخرية الفكاهية والسخرية الاجتماعية والسخرية السياسية والسخرية الثقافية وغيرها.
وفي الأدب الجزائري الحديث، ذكر البروفيسور العيد جلولي أنّ صفحات جميلة من السخرية عرفها الأدب الجزائري، ويعد أحمد رضا حوحو من أوائل من اتخذ من السخرية وسيلة للكشف عن الحياة العامة في المجتمع الجزائري، إبّان الاحتلال ففي إنتاجه الأدبي وعمله المسرحي تظهر هذه النزعة، ككتاب نماذج بشرية وصاحبة الوحي ومع حمار الحكيم.
كذلك وظّف الشيخ محمد البشير الإبراهيمي أسلوب السخرية، كوسيلة فعّاله في نقد الظواهر الاجتماعية والسياسية، وله مقال ساخر بعنوان (إبليس ينهي عن المنكر)، وفي مقالاته المنشورة في عيون البصائر أدب ساخر، كما نلحظ هذه السخرية في (رواية الثلاثة).
كما أبرز في ختام حديثه أنّ الأدب السّاخر في الجزائر يحتاج إلى دراسات كثيرة ومتنوّعة في كلّ المجالات الأدبية والسياسية والثقافية والاجتماعية، مؤكّدا أنّ مثل هذه الدراسات ستكشف عن جوانب متعدّدة في ثقافتنا الوطنية بكلّ تجلّياتها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19737

العدد 19737

السبت 29 مارس 2025
العدد 19736

العدد 19736

الجمعة 28 مارس 2025
العدد 19735

العدد 19735

الأربعاء 26 مارس 2025
العدد 19734

العدد 19734

الثلاثاء 25 مارس 2025