”مــامـــــــا مسعــــودة”..مسيرة فنية حافلة ومكانة لا تعوّض في قلوب محبّيه
فُجع الوسط الفني الجزائري، أمس الجمعة، بنبأ وفاة الفنان القدير حمزة فغولي بعد صراع طويل مع المرض، وهو الذي قضى سنواتٍ من العطاء والإبداع، تاركًا وراءه مسيرة فنية حافلة ومكانة لا تُعوّض في قلوب محبّيه. ويعدّ الراحل واحدا من أعمدة الفن الجزائري الأصيل، إذ عُرف بحضوره المميّز وأسلوبه الصادق، وقدرته الفريدة على ملامسة وجدان الناس، من خلال أعماله التي جمعت بين البساطة والعمق.
حمزة فغولي، أو مثلما عرفته أجيال متعاقبة باسم “ماما مسعودة” وإبداعاته مع الراحل “حديدوان”، لم يكن مجرد ممثل، بل كان صوتا ينبض بالحياة الثقافية والاجتماعية في الجزائر. عرفه الجمهور من خلال أدوار خالدة في التلفزيون والمسرح، كانت دائماً تحمل رسائل إنسانية ووطنية، فبأسلوبه العفوي والذكي، استطاع أن يكون قريبًا من الناس، وأن يُعبّر عن واقعهم بصدق، كما برز في أعمال وجّهت للأطفال، فغرس فيهم حب الوطن والقيم النبيلة. ومنذ بداياته، أظهر التزامًا فنّيًا وأخلاقيًا كبيرًا، ورفض أن يكون الفن مجرد وسيلة للشهرة، بل اعتبره مسؤولية ورسالة سامية.
لقد فقدت الجزائر فنانا كان مثالا في التواضع والصدق، فنانًا أخلص لفنه وجمهوره، ولم ينقطع يومًا عن دعم الأجيال الجديدة، إذ عرف عنه حبه لمساعدة زملائه وتشجيع الشباب على الاستمرار والتميز، وكان حضوره في كواليس الأعمال لا يقلّ أهمية عن ظهوره على الشاشة، بابتسامته التي لا تفارقه وكلماته الدافئة التي تبث الطمأنينة في من حوله.
وتلقّى وزير الثقافة والفنون زهير بللو ببالغ الحزن والتأثر، نبأ وفاة الفنان القدير حمزة فغولي بعد صراع مع المرض. وقال إن الجزائر، تفقد فنانًا من طراز رفيع، لأنّ حمزة فغولي ليس مجرد فنان، بل هو روح فنية رسمت الضحكة ونقلت الحكايات ببراعة. كان تأثيره يتجاوز الفن إلى التربية والوطنية، مما يجعله لا يُنسى في سماء الفن الجزائري ويظل خالدا في قلوبنا. وبهذه المناسبة الأليمة، تقدّم الوزير إلى أسرة الفنان الراحل وأهل الفن، بأصدق عبارات التعازي والمواساة، راجيًا من الله العلي القدير أن يرزقه الرحمة والمغفرة، وأن يُلهم ذويه جميل الصبر والسلوان.
وبعد انتشار خبر وفاته، عمّ الحزن مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناقل زملاؤه ومحبّوه صوره وكلماته ومقاطع من أعماله التي لا تزال محفورة في الذاكرة. وعبّر كثيرون عن حزنهم الشديد لفقدان قامة فنية نادرة، مشيدين بما قدّمه من إسهامات كبيرة للساحة الفنية، وبدوره الإنساني النبيل داخل الوسط الثقافي. وقد طالب عدد من الفنانين والمثقفين بضرورة تخليد اسمه، من خلال إعادة عرض أعماله، أو إطلاق اسمه على أحد المسارح أو المراكز الثقافية، وفاءً لما قدّمه طيلة سنوات.
يرحل حمزة فغولي جسدا، لكن صوته وضحكته ومواقفه ستبقى حيّة، تُحكى وتُتداول بين عشاق الفن الجميل، وبين من تتلمذوا على يديه أو تأثروا بأعماله. لقد عاش فغولي فنانا نبيلا، ومات فنانا مخلّدا في قلوب الناس وذاكرتهم.