القراءة الفعّالة تغيّر أسلوبي وآفاقي ولغتي وأفكاري
أثناء زيارتنا لمعرض الجزائر الدولي الكتاب في طبعته 27، شدّنا الحديث مع أصغر كاتبة تعرض روايتها الأخيرة “غريبٌ أشتهي وطنا”، إنّها المبدعة خوذيري نشوى، صاحبة 16 سنة، ابنة ولاية مستغانم، متحصّلة على جائزة مالك حداد للرواية سنة 2023، صدرت لها ثلاث روايات وهي “في انتظار الحرية”، و«أموات يتنفسون”، و«غريبٌ أشتهي وطنا” معلنةً عن شغفها بالتعبير عن المجتمع والتاريخ، وعن رغبتها في إحداث تغيير من خلال الكلمة، نترككم مع هذا الحوار الشيّق على صفحات يومية “الشعب”..
الشعب: بداية، من هي نشوى خذيري، وما هو جديدك بالمعرض الدولي للكتاب بالجزائر؟
نشوى خوذيري: نشوى خوذيري من مستغانم، أبلغ من العمر 16 سنة، روائية، لدي ثلاثة مؤلّفات: “في انتظار الحرية”، “أموات يتنفسون”، “غريبٌ أشتهي وطنا “، متحصّلة على جائزة مالك حداد للرّواية، وسفيرة حقوق الطفل.
من ملهمك في الكتابة، ومن كان وراء تشجيعك لخوض التجربة الإبداعية؟
ربّما القراءات الحثيثة، بدءًا من أدب الطّفل في الخامسة، ثُمَّ الرّوايات في العاشرة، ثم التَّفاعل الحاصل مع المحيط انتقالا إلى فعل الكتابة.. العائلة مشجّع أول رغم أنّها بعيدة عن الأدب، أمّي تستمع لما أكتب وهي تطبخ، وأبي متابعي الوفيّ على المواقع، مرافقي في المكتبات والمعارض وهكذا. المدرسة أيضا، أدرس في السّنة الثانية ثانوي، ثانوية بمجملها مؤمنة بقلمي، حتى أنَّ الإدارة احتفلت بصدور روايتي الجديدة، مديرية التربية والثقافة، ومستغانم مجملا، الحمد لله.
ما موقفك الإبداعي من أدب الطفل، وهل سنراك في المستقبل تخوضين في مجاله؟
الحقيقة أنّي أفني كلّ وقتي للرّواية، واجب يومي..قراءةً وتحليلا وترجمة وكتابة..أدب الطّفل لا أرى أنّي سأضيف فيه شيئا، لكن ربّما في القادم.
وما هي المواضيع أو القضايا التي تهتمّين بمعالجتها في أعمالك الأدبية؟
الأدب الشعبي، أكتب للمجتمع والهوية والتاريخ، وأحب المدرسة الواقعية، أسافر وألتقي الناس وأكتب حواراتي معهم، أصفهم، أكتبهم شخصيات، وأسردهم حكايات. لا أظنّني ممّن يعالجون قضايا، أعيد كتابة الواقع بطريقتي، أحاول جعل البديهي عجيب، فكلّ شيء قابل للقراءة لكن السؤال هو الكيفية. أطرح قضايا وأثير تساؤلات وحسب..
كيف توازنين بين دراستك وحياتك ككاتبة في هذا السنّ؟
نعم، الصّعب هو الغياب عن الحصص بسبب المناسبات الثّقافية، أمّا الكتابة فليست عائقًا أبدًا، لأنّني لا أكتب بشكل يومي، القراءة يومية لكنّها تضيف لي ولا تشغلني، إضافة إلى أنّني أدرس تخصّصا أحبّه، أقرأ التّاريخ ثمّ أدرسه في الثّانوية، أقرأ الأدب وأحفظ الشّعر ثمّ أتناقش مع الأستاذة، يصعب الموازاة بشكل دقيق بين المجالين، لكنّني أسعى.
من هم الكتّاب الذين تأثرتِ بهم أو ألهموك في مسيرتك الأدبية؟
عن التّأثر، أقرأ وأسعى لأكون قارئة، أحبّ المعاصرين، بثينة العيسى، حجي جابر، سعود السنعوسي وحمور زيادة. في الأدب الجزائري، سمير قسيمي، أحمد طيباوي، محمد جعفر. في الأدب العالمي، يوسا، أمبرتو إيكو في اسم الوردة، بول اوستر، موراكامي، فلوبير وبلزاك.. يهمّني الجانب الفنّي في الرّواية أكثر من الحكاية.
كيف تجدين دور معرض الكتاب الدّولي في دعم الكتّاب الشباب وتشجيعهم؟
أراه الحدث الثقافي الوحيد، للقاء الأحبّة ومناقشة القرّاء ويكون لديّ احتكاك بوسائل الإعلام، دوره جيّد في كسب قرّاء وتكوين علاقات، واكتشاف دور النّشر ومستواها.
في سنّك، يعتبر البعض الكتابة فيه مغامرة وجرأة، بينما يراها آخرون وسيلة للتّعبير. بالنسبة لك، هل تعتبرين الكتابة وسيلة للهروب من الواقع، أم هي نافذة للتأثير فيه وتغييره؟ وما هو الأثر الذي تسعين لتركه في نفوس قرائك؟
الكتابة مسؤولية، لم أرها يوما بوحا وإلهاما، ففي الوقت الذي تدرّس فيه الكتابة الإبداعية في الغرب كمادة أكاديمية، ولديهم وعي بجانبها الفنّي؛ نحن لا نعرف غريماس، لم نقرأ الرّوائي السّاذج والحساس لباموق، لم نسمع بنظرية موت المؤلف لرولان بارت، ولا نعرف بثينة العيسى وما تقوم به في الكويت ولا كمال الرّياحي واشتغاله على الكتابة في تونس..الأثر هو التّغيير طبعا، نكتب لنغيّر، لنبرز قدرة الكلمة على تغيير مصائر وقلب أفكار، وأرجو أن أغيّر.
ما هي مشاريعك المستقبلية في عالم الأدب؟
لحدّ الآن لا يبدو شيء في الأفق، لا أريد أن أكتب لأنّني نشرت منذ مدّة قصيرة، لا أريد تكرار ذاتي في النّصوص، المشروع هو القراءة الفعّالة، القراءة المنتجة، التي ستغيّر أسلوبي وآفاقي ولغتي وأفكاري، وحتى لا يفرّق قارئي بين نشوى في الرواية الأولى ونشوى في الرّواية الثّانية.
كلمة أخيرة؟
سعيدة بالحوار، وأسعد كون الأسئلة كانت في محلّها في ظلّ الابتذال والتكرار الحاصل، ممتنّة على الفرصة ودمتِ حقيقيّة.