أكّد الكاتب والمخرج السنيمائي نجيب لعرابة أنّه يستحضر في روايته “الطيّارة الصفراء”
(l’Oiseau Jaune Teyara Safra)
التي شارك بها في فعّاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته 27، أحداث مختلفة من تاريخ الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وقصصا من بطولات مجاهدين لم تصمد أمام أسلحتهم البسيطة أعداد كبيرة من طائرات ومروحيات ضخمة تابعة للعدوّ الفرنسي.
صرّح المخرج السنيمائي نجيب لعرابة لـ«الشعب” أنّ فكرة كتابة هذه الرواية جاءت خلال حفلة تكريم أقيمت على شرف كبار الأساتذة المختصّين في تعليم قيادة المروحيات، حيث قصّ عليهم أقدم أستاذ في تلك الدفعة موقفا مؤثّرا حدث له شخصيا مع أحد العساكر الفرنسيين، متحدّثا عن قصص حول استهداف مروحيات العدوّ الفرنسي من قبل المجاهدين الجزائريين.
ويقول “توغّلت في جوانب مختلفة في أحداث هذه الرواية التي تعتبر مشروع سيناريو لفيلم سينمائي ثوري، كما تعدّ جزءا ثانيا لروايتي “أنقذوا الطيار ميتشو”، حيث الشخصيات التي استحضرتها كلّها حقيقية”.
وأضاف أنّه رصدها من خلال تواصله مع باحثين أشاروا في دراساتهم إلى ملف تتجاهله فرنسا عمدا ولم تعترف به، يتعلّق باستهداف عدد كبير من مروحيات العدو الفرنسي بواسطة بندقيات لمجاهدين جزائريين، قائلا إنّ هذا الجانب يعتبر وصمة عار بالنسبة لها فكيف لأقوى قوّة في العالم آنذاك، أن تتعرّض لهزيمة تلو الأخرى وخسائر بواسطة أسلحة لا يمكن مقارنتها بعتاد لا يقهر”.
وذكر المتحدّث أنّ أحداث الرواية تدور في مسقط رأسه، دوار القصبات، الواقع بين عين آزال ونقاوس (باتنة)، ومن خلالها يستحضر المؤلّف أيضا طفولته الصعبة من خلال تصرّفات طفل يحمل نفس اسمه.
وأضاف بأنّه قام بكتابة الرواية على إيقاع كلمات وألحان الأغنية الثورية الوطنية المؤثرة “الطيارة صفراء”، كما أوضح “هذه الأغنية الثورية المؤثّرة تتحدّث عن عذاب امرأة تشيد ببطولة يقودها أحد الأبطال بورقبة ليفة (1928-1961)..كانت الصدمات المرتبطة بالطيران الفرنسي عميقة، وظلّت كذلك بين سكان الجبال الذين عانوا من القمع الشرس للجيش الاستعماري، إذا كان هناك خوف من القصف على الأرض بالنابالم الذي كان يضفي على الحرب ألوانها الجهنمية، مستدلاّ لعرابة في ذلك بما وثّقه المؤرّخ “رافائيل برانش” في دراسة حول استخدام النابالم “بعد عام 1962، كانت الغابات المتفحّمة والمتحجّرة في سلاسل الجبال الجزائرية، تحمل لسنوات شهادة على هذا العنف، أما الجثث التي تحوّلت إلى كتل فحم بفعل هذه المنتجات الحارقة، فلا تزال صورها تطارد من رآها”.
للإشارة، نجيب لعرابة من مواليد عام 1954، وهو طيّار محترف ومخرج وكاتب سيناريو، لديه العديد من الأفلام التلفزيونية والأفلام الوثائقية، من بينها فيلم” الخبزة”، يتميّز بأسلوبه الخفيف وإتقانه التام لمفردات الطيران في الأدب الجزائري الذي لم يهتمّ قط بموضوع الطيران، ويذكر أنّ لرواية “الطيّارة الصفراء” نسخة باللغة العربية قدّمها المترجم الراحل، مؤخرا، علي الظاهري.