كشف محمد شوقي الزين عن كتابه الجديد “عاشت الحرية! فلسفة الوردة البيضاء”، الصادر عن دار ابن النديم والروافد الثقافية ناشرون. ويتطرّق الكتاب إلى “الوردة البيضاء”، وهي جماعة من الطلاّب الألمان عارضت النازية في قلب ألمانيا إبّان الحرب، وسعت إلى إيقاظ الرأي العام والضمير الحيّ من سباته، وفتح عيونه على الانهيارات الأخلاقية، والقيمية، والإنسانية، وعلى مخاطر القوَّة، والتَّرهيب، والجور.. مخاطر ما تزال تهدّد عالمنا المعاصر..
أعلن محمد شوقي الزين عن كتابه الجديد الذي يحمل عنوان “عاشت الحرية! فلسفة الوردة البيضاء”، والصادر عن دار ابن النديم والروافد الثقافية ناشرون. واغتنم الفيلسوف الجزائري السانحة للتنويه بالناشر اللبناني “الذي يشتغل في ظروف صعبة من الحرب والعدوان على لبنان، وبالرغم من ذلك لم يتوان في صناعة الكتاب باحترافية وإتقان”.
يحكي الكتاب - في 455 صفحة - أوديسَّا الحرية عبر جماعة من طُلاب جامعة ميونيخ تحت إرشاد أستاذتهم في الفلسفة والموسيقى، والتي لقَّبت نفسها بـ«الوردة البيضاء”، وجابهت الطغيان في ظروف الحرب الصَّعبة، وسعت لأن توقظ الرأي العام والضمير الحيّ من سباته وتفتح عيونه على جُملة الانهيارات في الأخلاق، والقيم، والإنسانية، وعلى مخاطر القوَّة، والتَّرهيب، والجور.
وليس هذا الكتاب مجرَّد تأمُّل نظري عن مسائل فلسفية وتاريخية، بل يتتبع أمكنة الذاكرة من حركتها في الجامعة إلى زوالها في السجن بالإعدام مرورًا بمحاكمتها في القضاء. ويتوقَّف كذلك، عبر الحوارات والمراسلات والأعمال السينمائية عن “الوردة البيضاء”، على قيم الصداقة، والإنسانية، والخير، والجمال، والتَّضحية من أجل المثالات السامية في أزمنة كئيبة ما نزال نتكبَّد مفاعيلها في استبداديات العصر وحروبه وقساوته.
ويطرح الكتاب، مجموعة من الأسئلة: “ما معنى الحرية في حالة تاريخية خاصّة وليس مجرّد خطاب طوباوي أو وعظي؟ وكيف تمارَس الحرية في سياق قسري من الاستبداد والحرب؟ وكيف يتشكّل الوعي الطُلابي عن القضايا الإنسانية الكبرى وتُجاه أسئلة الحرية، والاستبداد، والحرب؟ وما معنى النّضال والمقاومة؟ ولماذا يُضحي البعض بأعزّ ما لديهم من جاه وشباب من أجل مثالات وقيم روحية سامية؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، يقترح شوقي الزين فهرسا ثريا من المحتويات. ويفتتح الكاتب منجزه بمقدّمة عنوانها “في فَائِدَة الاعتبار بالوَرْدَة البَيْضَاء”. ويتجزأ الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، نجد الجزء الأول منها حاملا عنوان “الوَرْدَة البَيْضَاء في السينما والفَلْسَفَة”، ويتطرق فيه الكاتب إلى نقطتين: الأولى عن صِرَاع تَصَوَّرَيْن في فيلم صُوفي شُولُ: الأَيَّام الأخِيرَة، وإن كان ذلك “رُؤْيَة العَالَم أَمْ أَسْلُوب الحَيَاة؟”. والنقطة الثانية (القَانُون أم الضَّمِير؟) تحمل تأمّلات فَلْسَفيَّة عن فيلم صُوفي شُول، الأَيَّام الأخِيرَة.
أما الجزء الثاني من الكتاب فجاء تحت عنوان “قِرَاءَة فَلْسَفِيَّة في مَنْشُورَات الوَرْدَة البَيْضَاء: تَرْجَمَة وَتَأويل”، ويتطرق فيه الكاتب إلى الحرية والدولة، الإنسانية والإثم، المقاومة السلمية، كما نجد فيه “نداء إلى الألمان”، “نَحْنُ ضَميرُكُم الذِي يُؤَنّبكُم!”، “أيّتها الطالبات ! أيُّها الطَّلَبَة !”، “كي تحيا ألمانيا دائما”.
ثم يأتي الجزء الثالث، “الوَرْدَة البَيْضَاء وَآفَاق إِنْسَانِيَّة”، ونجد فيه: “أمَتَّ العبودية وأحييت الحرية: الوَرْدَة البَيْضَاء و«غَابَة الحَقِّ” لفْرَنْسيس مَرَّاش، “الثَّبَات مَهْمَا كَانَتِ الصِّعَاب: كُورت هُوبَر، الفَلْسَفَة والمقاومة”، “في أنَّ الطبيب هو فيلسوف: هانس شول، الفلسفة، والطب، وصحّة العالم”، “عَقُلْ صَلْب وَقَلْبٌ رَؤُوف: صوفي شول، امرأة من أجل الحقّ”.
ويخلص الكاتب إلى خاتمة عنوانها “وَمَعَ ذَلكَ تَبْقَى أَرْوَاحُهُمْ حَيَّةٌ عَلَى الدَّوَامِ”، كما يتضمّن الكتاب ملحقا يضمّ منشورات الوردة البيضاء بالألمانية، ومسردا للأعلام، وآخر للأماكن، من مدن، ودول، وأقاليم، وأمكنة.
للتذكير، ولدت صوفي شول التي يتناولها الكتاب عام 1921، وكانت ابنة عمدة فورشتنبرغ. وناضل معها شقيقها هانز (الذي كان ممرضا في مستشفيات الجبهة الروسية) في المقاومة ضدّ النازية. منذ عام 1939، أصبحت العضوية في منظمات شباب هتلر، وجندت صوفي ضمنها. ثم درست علم الأحياء والفلسفة في ميونيخ، ومنذ جوان 1942، ساعدت في طباعة وتوزيع منشورات معادية للنظام النازي والحرب، بل وقامت بذلك علنا في الشارع. ومع تعثر القتال على الجبهة الشرقية، غطى نشطاء “الوردة البيضاء” (ذات الفلسفة المعارضة بحزم للنازية) المدينة بشعارات تدين جنون هتلر القاتل، سعيا إلى التأثير على الرأي العام. كان المنشور الأخير الذي وزعته صوفي رفقة شقيقها هانز يتناول هزيمة ألمانيا في ستالينغراد، ويدعو الشباب إلى التعبئة ضدّ هتلر، فتم القبض عليها ومحاكمتها في “محكمة الشعب”، وأدينت بتهمة “الخيانة العظمى” وأعدمت بالمقصلة في فيفري 1943 في سجن ستاديلهايم في ميونيخ، ودفنت إلى جانب شقيقها.