صدرت عن دار “خيال” للنشر والترجمة، رواية “شيء من الموت” للكاتب عمر باحماني، وجاءت في أكثر من 300 صفحة، تسافر بقارئها في متاهات الاجتماع البشري، القائم على الحب والموت والحزن والخطيئة، شأنه شأن كل المجتمعات المترنحة في تماسكها وحضارتها، لا تريد أن تفقد منه فردًا واحدا، أو تحيد به قيد أنملة.
رواية “شيء من الموت”، اجتماعية تجري وقائعها بين ولاية غرداية..أغلان - كما يسميها الكاتب - وهي التسمية الأمازيغية للوطن الأم، والجزائر العاصمة. رواية تقتفي أثر الحلم بين أجنة النخيل، ومدرجات الجامعة العتيقة، وأزقة القصر المرصوفة، فيتراءى لها عنصر الموت بعيدا، لكنه قريب جدا، سائرٌ في ضبابية لزجة، دبقة، متخذا من المباغتة سلاحا، فتصبح التفاصيل اليومية التي تعجُّ بها الحياة المملة الصبغة الأكثر حضورا بين نسيج الرواية، أي أنها تصبح الملمح الرئيس المهيمن على فضاء النص.
تأسر الرواية قارئها بروحانية المكان، رائحة الرمال، حلكة الليل، وثقل التراث، وعبق التاريخ. تفاصيل كثيرة تسري في ثنايا المتن السردي كسربٍ من النمل لا يكفُّ عن الحركة، وتنساب كما المياه المتدفقة عبر الساقية. رواية محمولة على ضمير الأنا، يكشف من خلالها الكاتب عن ذاتٍ قلقة، مثقلة، مشحونة بأحاسيس الاغتراب والحزن واللاجدوى. رواية تخاطب القارئ لتشعره كما لو أنه المعني بالخطاب.
هناك احتفاء بالغ بالأنا داخل متن الرواية، وربما كان ذلك الأنسب حسب المنظور السردي للكاتب، باعتباره الأداة الجديرة لتأريخ تقلبات الأنا وتوتُّراتها في سياق تعاطيها مع الآخر، على اختلاف تمظهراته وتشكلاته. فالأنا هي المركز، وهي مصدر البوح ومناط الرؤية، الطرف البالغ الأهمية في رسم مشهدية التلقي.