الثقافـة الجزائريــة.. مبعث فخر واعــتزاز ومنــارة لمواصلـة بنــاء الصــرح الـوطنـي
يرى البروفيسور العيد جلولي أن الثقافة تؤدي دورا حاسما ومهما في بناء المجتمع، حيث تشكّل القيم والتصورات والمعتقدات التي يتبناها الأفراد وتؤثر في سلوكهم وتفكيرهم، كما تعمل على تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز الفنون والثقافة المحلية والسياحة الثقافية والصناعات الإبداعية.
وذكر البروفيسور جلولي في تصريح لـ»الشعب»، أن الثقافة تشكل جزءا هاما من الهوية الوطنية، كما تساهم الثقافة في تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين الأفراد والثقافات المختلفة، ونحن في مجتمع يحتاج فعلا إلى غرس هذه القيم ولا سلاح لنا في مواجهة المظاهر الغريبة عن مجتمعنا، إلا تعزيز هذا الدور الذي تؤديه الثقافة، خصوصا ثقافة قبول الاختلاف واحترام التنوّع وتعزيز التفاهم والتعاون المشترك.
وانطلاقا من هذه الرؤية، يعتبر محدّثنا أنه يجب على من يتولى زمام الحكم في الجزائر أن يولي الثقافة اهتماما كبيرا لما لها من أهمية في بناء الدولة والمحافظة عليها، وأكد قائلا: «رسالتي إلى رئيس الجمهورية القادم ونحن على أبواب انتخابات رئاسية أن يعطي للثقافة مكانة خاصّة في مشروعه وتصوّره ورؤيته، ذلك أن الثقافة الجزائرية في ماضيها وحاضرها لعبت دورا كبيرا في المحافظة على الهوية الوطنية والقومية والإنسانية، من خلال المحافظة على العادات والتقاليد والمحافظة على الفنون جميعها والمحافظة على اللّغة والدين والمجتمع».
وأشار محدّثنا إلى أن الثقافة الجزائرية كانت في خندق واحد مع المقاومة المسلحة أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر، فهي تقاوم المستعمر وترد على أكاذيبه، وتفند حججه وأباطيله، وتبرز المختلف الذي يميزنا عنه، وهو الذي حاول طمس هويتنا وشخصيتنا وتشويه ثقافتنا ومحو تاريخنا.
فالمتتبع لتاريخ المقاومة الجزائرية يشعر بالفخر والاعتزاز بماضي هذه الثقافة ورجالها، بدءا بالأدباء والشعراء وبرجال التعليم في المدراس العربية الحرّة، وبرجال المسرح والفن من رسم وتصوير ونحت وتشكيل وموسيقى، ورجال الزوايا الذين حافظوا على اللّغة والدين والهوّية، والكتّاب الذين أرخّوا للجزائر وثقافتها وأدبها والمجال لا يتسّع لذكر كل هؤلاء.
كما ذكر البروفيسور جلولي أنه لا يمكن أن نتصور ثورة دون فكر وأدب وثقافة، ولا يمكن أن نؤسس لدولة دون وعي بأهمية الثقافة، وكل ذلك يجعلنا كمثقفين نؤمن بأهمية الثقافة، وأن يعطى لها في برامج المرشحين للرئاسة وفي برامج الطامحين للمسؤوليات الدور الأكبر حتى تؤدي دورها وتلعب وظيفتها.
ولا يمكن أن ننسى ما قامت به الثورة الجزائرية من اهتمام كبير بالثقافة ففي الوقت الذي كانت تزأر المدافع في ساحة الوغى لم يصمت الشعراء، ولم ينسحب الأدباء والمثقفون عموما، فقد أرسلت الثورة إلى مدارس ومعاهد وجامعات الدول الشقيقة عشرات البعثات الذين شكلوا بعد الاستقلال نواة التعليم والثقافة في الجزائر المستقلة، وبعد الاستقلال أخذت البلاد تتغير ملامحها نحو الأفضل، فانتشر التعليم، وانتشرت معه حركة ثقافية حاولت تعويض سنوات التخلّف والجهل، فأنجزت العديد من المؤسسات الثقافية من دور الثقافة والشباب والمسارح الجهوية والمعاهد الفنية والمراكز الثقافية.
وأضاف البروفيسور جلولي - في السياق - أنه لابد من اختيار الشخصية التي تملك رؤية لما يجب أن تكون عليه ثقافتنا الجامعة للهوية الوطنية والقومية والمنفتحة على البعد الإنساني، كما ينبغي أن تملك رصيدا ومنجزا في هذا المجال، وما يقال عن الوزراء يقال أيضا عن اختيار مدراء الثقافة على المستوى الوطني، مشيرا إلى أن الأوان قد حان لتصحيح المسار، مؤكدا أن المثقف في الجزائر يتطلع بعد السابع من سبتمبر أن تتبوأ الثقافة مكانة كبيرة وأن تتواصل المسيرة التي ظهرت نتائجها جلّية وواضحة في الميدان.