«كعبة الشمال والزمن الخائب”.. عنوان الرواية الجديدة للروائي والناقد والمترجم محمد ساري، التي ستصدر قريبا عن “دار العين” بالقاهرة. وفي هذه الرواية، يرافق الكاتب أسرة جزائرية في رحلتها من وطنها الأم إلى جنوب فرنسا ثم شمالها الشرقي.. رحلة للحصول على الفرص وتحقيق أحلام ينتهي بها الأمر إلى الانهيار. ووعد ساري بأن تكون روايته حاضرة في صالون الجزائر الدولي للكتاب.
نشر الروائي والأكاديمي محمد ساري غلاف روايته الجديدة “كعبة الشمال والزمن الخائب”، التي ستصدر قريبا عن “دار العين” بالقاهرة، وأكّد ساري أنّ روايته ستكون حاضرة في الطبعة السابعة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب، أكتوبر المقبل.
ونقرأ على غلاف الرواية: “تمزّقت الجزائر عدّة مرات في تاريخها، قبل أن يُعاود أهلها بقوّتهم الصمود مرةً أخرى في وجه التاريخ، واستعادة أنفسهم وحاضرهم. وكانت الهجرة من أبرز علامات التمزّق والانشقاق التي عانت منها البلدان العربية إبّان فترات الاستعمار وما تلاه، فهاجرت الأسر الجزائرية بحثًا عن نفسها بعيدًا عن الواقع المرير، لكنّ الواقع الذي وجدوه في فرنسا لم يكُنْ يقلُّ مرارةً وقسوةً عمَّا تركوه خلفهم”.
في رواية “كعبة الشمال والزمن الخائب” للكاتب محمد ساري، تمرُّ أسرة جزائرية برحلة جافة في مرسيليا بجنوب فرنسا، قبل أن ينتقلوا إلى ليون في الشمال؛ أملًا في الحصول على فرص أخرى وأحلام كبيرة. لكن ينهار كلّ شيء تحت وطأة التقاليد التي ظلت تتابعهم أينما حلّوا، فكبست صدورهم وأثقلتها، وكالمعتاد، المرأة العربية هي التي تدفع الثمن، يقول الناشر في تقديمه للرواية، مضيفا: “سواءً أكانت المرأة في حدود البلاد العربية أم تمكّنت من مغادرتها، طالما هي عربية الأصل، تظلُّ الأشباح تطاردها وتُنهكها كما حدث مع فريدة أو فيفي. كيف لاقت مصيرها وتحملت قسوة الأب واستسلام الأم؟”، هذا السؤال وأسئلة أخرى سيكتشف القارئ الإجابات عنها بين طيات هذه “الرواية الفارقة التي تُحدّثنا عن كيف يكون الجميع ضحايا، حتى وإِن بَدَوْا قُسَاةً لا تعرف قلوبهم الرحمة”.
وليست هذه أول رواية تنشرها دار “العين” المصرية لمحمد ساري. فقد سبق للدار أن نشرت للكاتب الجزائري، قبل سنتين، روايته “نيران وادي عيزر”، وهي رواية قدّم فيها ساري، عبر 365 صفحة، نظرة تاريخية عن مدينة شرشال خلال السنوات الأخيرة للثورة التحريرية، والأيام الأولى للاستقلال، واختار - من أجل ذلك - الرجوع إلى طفولته بإحدى القرى الجبلية الريفية المحيطة بمدينة شرشال، وبالضبط منطقة “وادي عيزر” التي أعطت للرواية عنوانها. وقد بدت هذه الرواية مختلفة عن باقي أعمال ساري السابقة، باعتبار أنّها رواية سير-ذاتية، مستقاة من قصة واقعية، إلا أنّ الكاتب حافظ كعادته على جمالياته الأدبية من حيث الخيال والسرد، والعديد من المشاهد الدرامية التي عكست معاناة الجزائريين تحت نير الاستعمار.
كما أنّ رواية ساري الجديدة ليست الأولى التي يجعل فيها من معاناة المرأة ثيمة محورية، ونستشهد هنا بروايته “جسدي المستباح: حب في عف الرعب” التي صدرت السنة الماضية “منشورات المتوسط” في إيطاليا، والتي تنقلنا إلى عالم “مليكة”، التي وجدت نفسها في جحيم متعدد الأوجه، بين الاضطهاد الأسري، والانهيار النفسي، والعنف الذي تميّزت به العشرية السوداء، وطال بطلة الرواية بشكل مباشر.
للتذكير، محمد ساري روائي وناقد ومترجم أدبي من مواليد 1958 بشرشال في ولاية تيبازة، تخرَّج في جامعتَي “الجزائر”، و«السوربون”، وهو أستاذ النقد الأدبي (سيميولوجيا، سوسيولوجيا، تحليل الخطاب) ونظرية الأدب في قسم اللغة العربية في كلية الآداب واللغات في جامعة الجزائر 2 منذ عام 1999. يكتب محمد ساري باللغتين العربية والفرنسية، وله مجموعة من الإصدارات في الرواية والنقد، وقد نشر روايات بالعربية، من بينها “على جبال الظهرة” (1983)، و«الورم” (2002) و«القلاع المتآكلة” (2013)، إلى جانب “السعير”، “البطاقة السحرية”، “حرب القبور”، “الغيث”.. وله باللغة الفرنسية 9 كتب منشورة، وإضافة إلى ذلك، فقد ترجم عدة روايات من الفرنسية لكتّاب جزائريين على غرار مالك حداد، ورشيد بوجدرة، ومليكة مقدم، وياسمينة خضرة، وترجم ساري بشكل عام أكثر من 25 كتاباً من الفرنسية إلى العربية. كما أصدر ساري عدة مؤلّفات أكاديمية نقدية من بينها “البحث عن النقد الأدبي الجديد” (1984) و«محنة الكتابة” (2007) و«وقفات في الفكر والأدب والنقد” (2013).