صدر مؤخرا عن دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافية للنشر والتوزيع في رام الله وعمّان، كتاب “يوميات الزيارة والمزور- متنفّس عبر القضبان” للكاتب الفلسطيني المحامي حسن عبادي. ويقع الكتاب في 230 صفحة، واشتمل على زيارات المحامي عبّادي لمجموعة من الأسرى؛ بدأت صباح يوم الاثنين 3/6/2019، واستمرت حتى 13/8/2023.
أربع سنوات تقريبا من الزيارات لسبعين أسيرا فلسطينيا، وخصّصها لزيارة الأسرى، وقد وظّف الفنان ظافر شوربجي صور هؤلاء الأسرى لتشكيل لوحة الغلاف مع إثبات اسم كلّ أسير، تحقيقا لمقولة إنّ لكلّ أسير قصة واسم، وليس مجرد رقم أو حالة عديمة التاريخ الإنساني والامتداد الاجتماعي في الأرض الفلسطينية.
يهدي المؤلّف كتابه بالإضافة إلى ابنتيه وأحفاده والأسرى الراحلين، إلى زوجته سميرة التي يعترف بفضلها في هذه الزيارات؛ فهي التي ألهمته الفكرة وتنفيذها “ولها الفضل في استمراريتها”. كما أنّها كانت حاضرة في بعض تلك الزيارات في ثنايا الكتاب، والحديث مع الأسرى.
أشرف على الكتاب وحرّره الكاتب فراس حج محمد، وجاء في كلمته: “يأتي هذا الكتاب المتبلور من مشروع الزيارات للأسرى الكتّاب، وقد حرص مؤلّفه أن يجعله “متنفّسا عبر القضبان” للأسرى، يتنفّسون فيه ومنه، من رئتين: رئة التواصل الاجتماعي مع المحيط والبيئة المهتمة بالأسير، ورئة الكتابة، وقد ساعد هذا المشروع على ولادة كثير من الكتب للأسرى الكتاب، وتشجيع آخرين على الكتابة”. كما أعدّ المحرر في نهاية الكتاب مسردا تعريفيا لهؤلاء الأسرى الذين تمت زيارتهم، شاملاً بلد الأسير، ومولده، ومدّة حكمه.
أنتجت هذه الزيارات 147 لقاء، إذ كان المؤلّف يلتقي بعدّة أسرى في اليوم الواحد، وزار بعضهم عدّة زيارات، وكانوا يتناولون الأوضاع العامة الإنسانية والاجتماعية، وأوضاع الثقافة والكتابة والتأليف بالحديث، إضافة إلى ما يتعرّض له الأسرى من تنكيل وتعذيب من إدارات السجون التي هم فيها. ويعدّ الكتاب وثيقة مهمة لما يحدث داخل السجون الصهيونية من إجراءات، وكيف يعيش الأسرى، وكيف يفكّرون، وكيف يشكّلون مجتمعا منظما داخل تلك السجون.
كما أنّ ما اشتملت عليه المادة وأفق الحوار مع الأسرى الكتاب يكشف عن أمنياتهم وتطلّعاتهم وأفكارهم وما اشتملت عليه كتبهم ومشاريعهم الثقافية، وأسماء كتبهم، ومراحل التأليف وما يتعرّضون له من إجراءات قد تودي بتلك المشاريع، وأسماء السجون وأماكن وجودها، وما صاحب تلك الزيارات من مشقّة الطريق والسفر التي وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من خمس ساعات في الذهاب وأخرى مثلها في الإياب.
جدير بالذكر أنّ كتاب “يوميّات الزيارة والمزور” واحد من سلسلة كتب انبثقت من مشروع المحامي الحيفاوي حسن عبادي مع الأسرى، سبقه كتاب “الكتابة على ضوء شمعة”، وسيتبعه كتب أخرى لتوثيق زيارات الأسيرات اللّواتي زارهنّ عبادي..