يواصل صالون نادية الأدبي بعنابة نشاطاته باستضافة قامات أدبية تتري المشهد الثقافي للولاية، حيث كان الموعد في الطبعة الـ 11 مع الكاتب والناشط الثقافي عبد الرزاق بوكبة، لتكون ساحة الثورة فضاءً للاحتفاء بروايته «رقصة اليعسوب»، والتي تناولها الناقد محمد الامين لعلاونة في مداخلة عنوانها «بتشديد الانا في رواية رقصة اليعسوب».
يقول الناقد محمد لعلاونة إنّ رواية «رقصة اليعسوب» تحوي بين دفتيها مجموعة من الهويات أو مجموعة من الفنيات التي تتحرك داخل المتن الروائي، على غرار شخصية البطل عبد القادر وعدي، وشخصية فريد والجدة، والجد الذي يمازج بين الزوجة الجزائرية والزوجة الفرنسية، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات التي تمثل فسيفساء للمجتمع الجزائري،
ويضيف الناقد أنّ «رقصة اليعسوب»، هي رواية جامعة ومتصدية للآنا، على اعتبار أن الكاتب في نصه لا يعتمد على أماكن مركزية وأخرى هامشية ولا توجد شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية، مشيرا إلى أن ما لاحظه على هذه الرواية أن أسماء شخصياتها أسماء جزائرية بامتياز على عكس روايات كثيرة تدعي الحداثة. كما تناول تاريخ الجزائر في فترة التسعينيات أو العشرية السوداء، مؤكدا أن بوكبة لم يضع الارهابي مقابل المدني أو الارهابي مقابل العسكري إنما تناوله كحالة وكتناقضات.
وأكّد الناقد أن عبد الرزاق بوكبة لم يهمل في روايته المحيط العربي، حيث تناول الغزو الأمريكي للعراق وحرب الخليج الأولى، مبرزا أنّه تحدّث من منطلق الكاتب الملم بقضايا مجتمعه وقضايا الأمة العربية، معتبرا في سياق حديثه رواية «رقصة اليعسوب» تجربة جديدة في الساحة الروائية الجزائرية، لتنوع أصواتها وشخصياتها، ولتلك الهوية التي اختارها الكاتب، وهي هويّة جامعة تتناول مختلف الأصوات والايديولوجيات التي تشكل فسيفساء المجتمع الجزائري بمختلف اتجاهاته، وأشار الناقد علاونة إلى أنه وجد أن بوكبة يبحث عن إنسانية الإنسان في الشخوص المختلفة لروايته.
ومن جانب آخر، ارتأى الكاتب عبد الرزاق بوكبة العودة بجمهور الجلسة الأدبية إلى بداياته مع الكتابة، والتي قال إنّها تعود إلى ما قبل ميلاده، حيث أن وليا صالحا بشّر والديه بأنهما سيرزقان بولد كاتب، فغرسا فيه هذا الحلم، حتى لا يكذبا ما قاله هذا الشيخ الصالح.
وأشار إلى أنّه من جيل كان يجتهد ليمحو اسمه في فترة العشرية السوداء، على اعتبار أن الاسم في ذلك الوقت كان طريقا معبدا نحو الموت، مضيفا أنهم كانوا يصنعون اسما لهم، ليحيوا ولكي لا يموتوا في نفس الوقت في ظل فترة كانت قاتلة ومقتولة بغض النظر عن السياقات السياسية التي كانت لا تعنيهم، مضيفا أنه أخذ من تشربه لحيلة إخفاء ذاته بالكتابة، والتي هي بنية تساعدهم على إظهار ذواتهم ـ يقول الكاتب ـ إنه ابن الصدمة والشغف والتناقض، وأنه داخل هذا الثالوث بدأ يكتب ويمحو، يعيش ويموت، يُصدم ويتفاءل ولكنه في كل ذلك ينتصر لخطاب الحياة كونه يؤمن بأن الكاتب أو الفنان أو المثقف بصفة عامة، وظيفته الأولى الانتصار لخطاب الحياة ضد خطابات الموت.
وبشأن روايته «رقصة اليعسوب»، قال إن تكريس البعد الديمقراطي داخل الفضاء السردي، يتطلب القضاء على الراوي العليم وخلق بنية سردية تسمح بأن يكون جميع الشخوص رئيسيين، مضيفا بأن الرواية هي مرآة الحياة تحاول أن تنبش في المسكوت عنه والمنسي والمهدد بالزوال، سواء كان مقصودا أو غير مقصود..
من جهتها تقول نادية نواصر في هذا الشأن «الرواية في مضمونها فريدة من نوعها من حيث الطرح والاسلوب والمواضيع التي تعالجها، وهي تجربة ناضجة، حيث الكاتب بلغ شوطا كبيرا من الكتابة.. الكاتب عبد الرزاق بوكبة كرّس حياته لتأسيس المقاهي الثقافية، وتكوين المكتبات خارج المدن، في القرى والمداشر، فهو يعمل على زرع الكتاب في قلب المواطن كما يزرع الأشجار في جمعية فسيلة».