في غياب قانون يحفظ له حقوقه المدعومة

الفنــان في أسفـــل ترتيـــب المهــن

حبيبة غريب

المعروف عن الفنان الجزائري أنه الشمعة التي تحترق لتضيء حياة الآخرين بفضل الموهبة والأداء في شتى المجالات.. لكن يبقى ترتيبه في أسفل المهن ولا يمكنه أن يعيش من ريع موهبته، فغالبا ما يناله سوى التصفيق والمديح وبضع من الدنانير.. واقع مزري يحتاج إلى إعادة النظر في أحواله، وإلى قانون يحمي حقوقه ويرد له الاعتبار بحسب تصريحات الممثل والمؤلف والمخرج المسرحي دريس بن حديد لـ»الشعب».

يعتبر المخرج والمؤلف والممثل المسرحي دريس بن حديد أن «كل فنان يرى نفسه فـذ، متعـدد المواهب، ذائع الصيت، محترف، مشهور، وهذه صفات تستهويه بكل ميولاته ومشاربه الفنية في بداياته ويتوق إلى سماعها، فهو يسعى في تلك البدايات إلى الانتشار خاصة في مرحلة الهواية». ولكن  يضيف «بمرور الوقت يجد نفسه تورط نوعاً ما في هذا الوسط الذي يعتبر فخاً، فمن جهة هو يمارس ما يحبه وما لا يستطيع الاستغناء عنه حد الإدمان، ومن جهة أخرى هو مطالب بضمان مستقبله وتوفير قوت يومه فيصطدم بواقع مؤسف، حيث لا راتب دائم ولا تقاعد مريح ولا تأميناً طبياً يساعده على تحمل نفقات مرضه..
 وأشار إلى أنه لا وجود لقانون ينضوي تحته ويضمن حقوقه، فغالبية المؤسسات الثقافية والفنية تفتقر بحسب المخرج المسرحي ورئيس جمعية «نسور الثقافية» إلى سياسة واستراتيجية واضحة، من شأنها ترتيب الحقوق والواجبات بما يسمى في بلدان أخرى صناعة الفن. والصناعة هنا  يشير بن حديد «مصطلح يطلق على هيئات وكيانات لديها من رؤوس الأموال والخبرات الدقيقة والمنهجية الواضحة للإنتاج والتوزيع والتكوين الجيد، وغيرها من العناصر التي من شأنها أن تضمن استمرار هذا المجال، وبالتالي تضمن مناصب شغل دائمة.» وهنا يقول: «نحصر الحديث أو بالأحرى نعود للحديث عن الفنان المهضومة حقوقه، ففي الجزائر مثلا يأتي الفنان في أسفل ترتيب المهن، هذا إن صح أن نطلق عليها مصطلح مهنة».
نفقات لا يطال منها الفنان إلا الفتات
علل  بن دريس تصريحاته بالقول: «ذلك إننا لا نحذو حذو العديد من الدول التي تعتمد أساساُ على الإيرادات وشباك التذاكر، سواء كانت تلك الشبابيك في دور السينما أو المسرح أو الأوبرا أو الصالونات والمعارض التشكيلية، ناهيك عن وجوب شروط تتمثل في وجود إرادة سياسية ودراسة ومتابعة من أهل الاختصاص، ومواكبة التكنولوجيا واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكذا المنصات الرقمية زيادة على ضرورة وجود كثافة سكانية تكون بمثابة مستهلك يجيد لغة المُنتَج ويستوعب ثقافته ويدعم فكرته فتتحرك عواطفه تجاهه» .
 لكن عوضاً عن  ذلك يشير بن دريس بكل أسف «يعتمد القطاع على الدعم المباشر للعملية الإنتاجية التي تسبق العرض والتوزيع، والتي يتم استهلاكها وصرفها على تهيئة أماكن التصوير والملابس والديكور بالنسبة للسينما والمسرح، وعلى آلات موسيقية وصوتية ومواد الألوان المستخدمة في الفنون التشكيلة فلا يصل إلى الفنان سوى الفتات».
ويرى الفنان المسرحي أن «المؤسسات الفنية أيضا تساهم في وضعية الفنان المزرية فتجد القائمين عليها يوظفون نفس الوجوه تحت غطاء المحسوبية والمحاباة، وبذلك يتم إهمال الجزء الأكبر من الفنانين، فكل ما سبق من أسباب تجعل الفنان خارج منظومة العمل...
وخلاصة القول، حسب بن دريس «إن هذا الفنان الذي أسهم  في بلورة الوعي الإنساني والاجتماعي والثقافي منذ ألاف السنين، فوثّق الحياة اليومية للإنسان ما قبل التاريخ وساهم في النهضة في كل العصور والمجتمعات عبر العديد من الفنون، لا يزال يعاني الأمرّين في سبيل الحصول على قوت يومه ويسعى لحياة كريمة تحفظ ماء وجهه».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024