الفنانة نورة قبي:

الفنان يُعبّر حسب شعوره واللوحة تتحدّث عن نفسها

حوار: أمينة جابالله

نشأت نورة قبي في عائلة محافظة حيث تعيش، ككل فتيات الريف، متمسِّكة بتقاليد أجدادها التي جعلت من أُنُوثتها تستَوْعِب كل ما هو جميل ومُفيد، فبينما كانت تواصل دراستها في مرحلة الثانوية، مع الاحتفاظ بموهبتها الفنية، يشاء القدرأن يوجه بوصلة مسيرتها إلى وجهة أخرى، أين تغادر الدراسة لتزفَّ عروسًا وتتخلَّى بعد ذلك عن فنِّها لتتكفَّل بِبيْتها وتربية أولادها، وتستمرعلى ذلك لمُدَّة سِنين وتتبادر معها بين الحين والآخر حلمها مع الريشة والألوان، ويطفو حَنِين طفولتها ويسيطرعليها في كل مرة ذلك الحلم الذي كانت تعيش من أجله، ثم لتعود من جديد لتضع بصَمَات أحاسيسها وشعورها في أوراق الرَّسم مُترجَمة بفنِّها الأُنثوي، ومِن هنا وجدَتْ راحة الطُّمأنِينة لتزْدَهِر أيَّامُها بهذه الوسيلة التي جعلت منها فنَانة يُشارُ إليْها بالبنان.


- الشعب: من هي نورة قبي ؟
نورة قبي: نورة قبي من مواليد 09 أفريل سنة 1979 بقرية أمقاز ضواحي مدينة صدُّوق ولاية بجاية، ربة بيت ومهتمة بفنّ الرسم الذي أصبح بالنسبة لي بمثابة الرئة الثالثة.  
- كيف كانت بدايتك نحو هذا الفن...؟
منذ أن كنت صغيرة، دائما يُلهمني كل ما هو جميل من الأشياء عامّة ومن الطبيعة خاصة، كما هو معروف عندنا في القرى وفي الريف يكون الإنسان منسجمًا مع المحيط، ولهذا أردت أن أحتفظ بالأشياء الّتي تزول في مشاهد فصل الربيع، مثلًا، باستعـمال طريقة الرسم، فمن ذلك الحين أصبح القلم رفيقي مع الأوراق المُـتناثـرة في المنزل.
- هل درست هذا الميدان في مدرسة الفنون أو مركز تكوين..؟
لا. ليس هناك مراكز تكوين عندنا، كما نعلم جميعا أنّ مؤسسات كهذه تتمركز إلّا في المدن الكبرى وهي قليلة، ونحن في القرى لا نستسلم لأجل غيابها. حتّى ولو تـنعدم الإمكانيات، أظن أنّ الفنان مُدْمن بفـنّه ولذا يبتكر ويصنع بنفسه ما يحتاجه من أدوات ليُعّبر بالرسوم. . وأنا شخصيا أتـنـقـّل من ضواحي صدّوق (بجاية) حتّى العاصمة كي أشتري ما أحتاجه من مستلزمات لكي أستأنف الرسم وأطلق مواهبي لــتـتـنـفّس.
- هل كانت لديك مراجع في مسيرتك أو فنانين شدّوا انتباهك، كي تستمدّي منهم إن صح التعبير أسس فنّ الرسم؟
 سابقا كنت أتابع باهتمام على الشاشة التلفزيونية بعض القنوات عند بثّ حصص فنية مع التمعُّـن في حركات يد الفنان لأستمدّ منه. وبعدها عند زيارة أختي هنا بالعاصمة، كان لي الحظ أن اِلتقيت بالفنانة القديرة «ليندة حـمَّـارة» الّتي قدّمت لي معلومات وتقنيات مختلفة حول مزج الألوان وطريقة تصميمها.. وشيئا فشيئا حظيت بالشرف الكبير أن اِلْـتـقـيتُ بالأستاذة الموقّرة»نـادية حمران» صاحبة فكرة الجمعية الوطنية الفنية للنساء الجزائريات.
- هل لك أن توضحي أسباب توقفك وابتعادك مدة طويلة عن ممارسة هوايتك ؟
كنت دائما أمارس الرسم في السابق، إلى يوم زفافي مباشرة بعد خروجي من الصف الثانوي، من هنا توقفت تماما عن الميدان لأتكفّل بمسؤولياتي المنزلية وتربية أولادي.. ولكن بعد فترة من الزمن شعرت بفقدان شيء في نفسي أجهله ممّا أدّى ذلك إلى فراغ رهيب وقلة استقراري الداخلي، لاحظني أحد أقربائي، وهو أيضا فنان، وأنا أمسك بالقلم للرسم فتعجّب بقدراتي الفنية ونصحني بالعودة. ومن هنا كانت عودتي باستعانته وكان دائما مسندي أثناء حاجاتي الفنية إلى أن وجدت الطمأنينة التامة باحتضان هذا الفن الجميل.
- من بين ما لمحناه خلال لوحاتك ذات الطابع التجريدي بروز رسائل مشفرة. .ياترى ماذا ستقول نورة قبي بهذا الخصوص؟
أظن أنّ الفنان يُعبّر حسب شعوره، سواء كان تعبير شعري أو غنائي أو مسرحي أو غير ذلك في مختلف فروع الفنون، أما عملي يتلخّص أوّلًا فيما تشعر به الأنوثة في الكثير من الأشياء والمرأة التّي تريد التخلّص من إعاقاتها وهي تتمنّى أن تبلغ ما تريد، مثل لوحتي هذه التّي سمّيتُها «أسرار الأنوثة المسجونة» ومنها نكتشف صعوبة المرأة في التحدث عن أشياء تخصّها ولكن من باب الخجل لا تستطيع إفشاء ما في قلبها من ألم وحزن خوفا من إيذاء أنوثتها. ولهذا اللوحة تتحدّث عن نفسها. وكل واحدة تتأمّل وتأخذ منها عبرة الّتي تراها ملائمة لها.
- كيف ترين الفنان في الجزائر، وأنتِ من بينهم؟
 رغم قلة الإمكانيات، الجزائري دائما يحاول أن ينجز ما يريد. ولهذا، حسب رأيي، لو تُـمْنَح جميع الإمكانيات للفنان الجزائري لَـظـهَـر تراثُـنا كاملا بأحسن وجه. لأننا لدينا تراث نستطيع أن نفتخر به.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024