نال جائزة رئيس الجمهورية في الأدب الأمازيغي

خالد فرتوني: أنجزت هذا العمل غيرة على ذاكرة أجدادنا

ورقلة: إيمان كافي

 

كانت جائزة رئيس الجمهورية للغة والأدب الأمازيغي في طبعتها الثانية التي نظّمت بولاية تمنراست، من نصيب الكاتب خالد فرتوني من ولاية ورقلة، حيث شارك المتوّج بالمرتبة الأولى في فئة التراث غير المادي، من خلال عمل مقدّم بالأمازيغية حمل عنوان «إيسلان ن تورقن» أي العرس في منطقة ورقلة.


وتطرّق الكاتب من خلال هذا الموضوع لعادات وتقاليد الأعراس في قصر ورقلة، حيث كان العمل مقسما إلى مجموعة محاور، منها محور تعريفي لمدينة ورقلة، موقعها الجغرافي وتاريخ تأسيسها والأسماء التي أطلقت عليها بين ما هو علمي أكاديمي وما هو أسطورة وتراث.
أعراس بين الحاضر والماضي
وفي مبحث آخر اهتم خالد فرتوني بالحديث عن قصر ورقلة ميدان البحث، حيث تناوله بالوصف، من خلال الموقع الجغرافي وبنية القصر والطبقات الاجتماعية فيه، وانتقل بعد ذلك للحديث عن الخُطبة في ورقلة، كيف تتمّ وشروطها وفي محور آخر تطرّق للعرس فيها ومفهوم وشروط العرس، كما عرّج على بعض المفاهيم التي ارتبطت بعادات الأعراس في ورقلة كالطبوع الموسيقية المحلية والرقصات الشعبية المتنوعة، بالإضافة إلى الأولياء والصالحين، باعتبار زيارة الأولياء والصالحين من بين عادات الأعراس في ورقلة، كما فصل في العرس وتعداد أيامه وتقسيماتها وقدم قراءة مقارنة للعرس في ورقلة بين الماضي والحاضر.
وقال الكاتب خالد فرتوني خلال حديث خصّ به «الشعب» أن الدافع الأساسي لاهتمامه بالبحث حول هذا الموضوع، كان نتاجا للتغيّر الاجتماعي الكبير الذي طرأ على هذه العادات، حيث أصبحت الأعراس حسبه «تشبه كل شيء إلا نفسها، أصبحت خليطا من العادات الغريبة عن المجتمع الورقلي، فبعد التخلي عن عدد من العادات الأصيلة، اندثرت الكثير من الأشياء ولم يبق منها سوى القليل على إثر العولمة».
وأضاف «انجاز هذا العمل، كان من باب الغيرة على ذاكرة أجدادنا، كل ما كان يجب أن يوثق، حتى إذا لم ننجح في استعادة تفاصيله التي أصبحت من الماضي، على الأقل يمكننا تكييف هذه العادات مع العصر الحالي».
ورقلة بين 1908 و1965
وذكر المتحدث، أن اختيار العرس موضوعا للدراسة والبحث، كان من منطلق أن هذا التقليد المجتمعي، يلخص ويجمع الكثير من العادات والتقاليد في كل المجتمعات ومعظم هذه العادات تؤكد ارتباط الإنسان الورقلي بأرضه وعلى مكانة المرأة في المجتمع.
وكانت الفترة الزمنية التي اشتغل عليها في البحث ما بين 1908 إلى غاية 1965، استعان فيها ببعض المراجع التي تحدثت عن الأعراس في ورقلة، ولكن هذه الكتابات كانت منقوصة إلى حدّ ما كما صرّح، لذلك اعتمد على الرواة من كبار السن الذين حدثوه حول الأعراس في الماضي، بعضهم ممن تزوجوا سنة 1936.
وفي بعض الأجزاء من البحث كان ملزما باعتماد أسلوب الملاحظة بالمشاركة، أين تنقل وحضر أعراسا وشهد تفاصيل بعض العادات التي مازالت موجودة، مثل عادة تلبيس العريس التي ظلت من العادات المتوارثة إلى اليوم، وتطلب انجاز هذا العمل منه حوالي 3 سنوات بحثا وقراءة للمراجع القديمة وتحليلا للمعلومات المجمعة وصولا إلى مرحلة التحرير.
وبالحديث عن بعض الصعوبات والتحديات التي واجهها لإنجاز هذا العمل البحثي في تاريخ عادات سكان قصر ورقلة، ذكر الكاتب خالد فرتوني أن أبرزها كان في جمع المعلومات أين صادفه مشكل النسيان لدى كبار السن، الذين يعدون مصدرا مهما لتوثيق عادات الأعراس في المجتمع الورقلي.
التوثيق لحفظ الذاكرة وصون اللغة
وأكد المتحدث، أن الهدف الأول من العمل المنجز هو التوثيق للعادات والتقاليد، فبعض العادات كمال قال «لو تمّ الحفاظ عليها لكانت قادرة للوصول إلى العالمية، على غرار رقصة «التاكوكا» الشعبية والتي أضحت مهدّدة بالاندثار، بسبب التخلي عن إحياء هذه العادة في الأعراس».
وبالعودة إلى الجائزة كشف الفائز بالمرتبة الأولى أن المحافظة السامية للغة الأمازيغية، ستتكفل بطبع العمل في كتاب «إيسلان ن تورقن» يصدر باللغة الأمازيغية ويفكر خالد فرتوني صاحب العمل ـ كما أشار في حديثه لنا ـ في تحضير ترجمة عربية لهذا الكتاب مستقبلا، من أجل مشاركة الثقافة المحلية.
واعتبر خالد فرتوني، أن اهتمامه مُنصب بدرجة أولى على التعريف بثقافة ورقلة الأمازيغية والمتغيّر الورقلي، مشيرا إلى أن للغة علاقة وطيدة بالعادات والتقاليد، وبما أن الأمازيغية الورقلية معرضة للاندثار والجيل الجديد لا يتحدث بها، فالأمر يستدعي تدخل المهتمين لمعالجة الوضع والمساهمة في الحفاظ عليها باعتبارها الوعاء والحامل لهوية الفرد ولحماية العادات والتقاليد من الاندثار أيضا.
وأشار خالد فرتوني وهو أستاذ بجامعة باتنة، مختص في المتغير الورقلي بقسم اللغة والثقافة الأمازيغية إلى أن البحث في التراث الورقلي متعب وشاق، لكنه ممتع في نفس الوقت وهو نوع من أنواع الوفاء للأجداد وأضعف الإيمان، هو أن نوثق ما قدّمه الأجداد للأجيال القادمة، وذكر أن والديه كانا من بين المساعدين لإنجاز هذا العمل، حيث آمنا جدا بأهمية العمل المنجز، كما أكد أن هذا العمل سيظل إهداء لكل من ساعد فيه ومن بينهم الأستاذ المرحوم جمال نحالي رئيس قسم اللغة الأمازيغية بجامعة باتنة الذي كان يشجّع الطلبة كثيرا على الأبحاث.
وبالإضافة، إلى هذا العمل في رصيد الفائز بجائزة رئيس الجمهورية للغة والأدب الأمازيغي 3 إصدارات، حيث صدر له في سنة 2016، قاموس عربي أمازيغي بالمتغير الورقلي، وفي 2017 أصدر كتابا بعنوان «لغتنا» وهو عبارة عن قاموس مصغر ومصور للأطفال الصغار، بهدف تشجيعهم على تعلّم اللغة الأمازيغية، وفي 2020 صدر له كتاب بعنوان «تنفوسين تقارقرنت» وكان عبارة عن قصص وحكايات بالورقلية من ورقلة والعالم، جامع لقصص شعبية من ورقلة وترجمة لمجموعة من القصص العالمية.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024