نظمت لجنة قرية “اث دحمان” ببلدية بأسي يوسف بتيزي وزو فعاليات الطبعة الثانية لمهرجان البرنوس، تكريما لابن المنطقة الفنان “حالي علي” الذي جسد أهمية وقدسية هذا اللباس في العائلة القبائلية، عبر أغنيته “البرنوس”.
عرفت الطبعة الثانية لمهرجان “البرنوس” وعلى مدار ثلاثة أيام، برنامج ثري لإحياء فعاليتها، واعادة الاعتبار لحرفة صناعة البرنوس الذي تعتبره العائلات القبائلية رمزا عريقا للهوية والتراث، والذي توارثوه أبا عن جد، حيث ما تزال نساء منطقة القبائل يحافظن على هذه الحرفة التي تعود لسنوات طويلة.
وشهدت هذه التظاهرة مشاركة 30 عارضا من مختلف مناطق ولاية تيزي وزو، كانوا على موعد لعرض مختلف حرفهم وصناعاتهم التقليدية التي زينت أرجاء المعرض، الذي كان فرصة لهم لنفض الغبار عن بضائعهم المكدسة في رفوف منازلهم وحتى محلاتهم، حيث تنافسوا على عرض أجود مصنوعاتهم التي جادت بها أناملهم.
وأكد محافظ المهرجان “سالم عمران” في تصريح لـ«الشعب” على أهمية هذه التظاهرات في المحافظة على الموروث الثقافي الذي تأثر كثيرا بالعصرنة، مشيرا إلى أنه وجب إخراج الثقافة من الطابع الفلكلوري الذي حصرت فيه، حيث ربطوا الثقافة بالتظاهرات والمناسبات فقط لتغيب بعدها، وهذا ما يؤثر حسب المتحدث سلبا على موروثنا الثقافي المهدد بالاندثار، خاصة في ظلّ عزوف أبناء الجيل الحالي عن تعلم هذه الحرف التقليدية بالرغم من المجهودات المبذولة لنقلها وتوريثها لهم.
فكرة المهرجان حسب تصريح محافظ المهرجان جاء من خلال كلمات أغنية للفنان “حالي علي” الذي حاول إحياء رمزية البرنوس وإعطاءه البعد الثقافي من خلال التغني به، قائلا إنه لا يمكن الحديث عن البرنوس دون ذكر اسمه، وهو ما جعل أبناء قريته يفكرون في تكريمه من خلال تنظيم هذا المهرجان، حيث تقدّم جائزة رمزية لأحد فناني المنطقة كعرفان وتقدير له، على أن يتم اختيار اسمه بناء على مشواره الفني، وقد سلمت مهمة الاختيار للجنة خاصة، وهذا ما أضاف أهمية لهذا المهرجان الذي عزز من فكرة ضرورة الاهتمام والمحافظة على موروثنا الثقافي.
من جهة أخرى، صرحت فاطمة عمران عارضة ومحافظة على حياكة البرنوس، أن الوقت تغير كثيرا، وحياكة البرنوس لم تعد مثل السابق وهذا لعدة اعتبارات أهمها انعدام المادة الأولية، وحتى الفضاءات لحياكته، مشيرة إلى أنه خلال السنوات الماضية كانت النساء يتنافسن على حياكة هذا اللباس التقليدي، والذي لا يخلو أي منزل منه، حيث كن ينظمن “التويزة” من أجل حياكتها والتشارك في العمل، كونه يمثل عراقة وأصالة العائلة القبائلية، قائلة بأن حياة الرجل ترتبط بالبرنوس منذ ولادته الى أن يصبح عجوزا، فكل فترة من عمره لديه برونوس خاص به.
وأضافت بأن العائلات القبائلية كانت تهتم بتربية المواشي لهذا كان الصوف موجود بكثرة وفي كل وقت، وهذا ما عزّز من هذه الحرفة التي توارثتها الفتيات عن امهاتهن وجداتهن، وأحببن ممارسة هذا النشاط، على عكس وقتنا الحالي حيث ترفض الفتيات تعلم هذه الحرف، وهذا ما يهدّدها بالاندثار والاختفاء لتختفي معها أصالتنا، وهذا بالرغم من محاولتها في تعليم الفتيات ولكنهن سرعان ما يغادرن هذا النشاط لممارسة نشاط آخر، مؤكدة أن حياكة البرنوس حاليا تواجهها عدة عراقيل، خاصة ما يتعلّق بمحلات العمل، حيث لم يعد بالإمكان ممارستها في المنزل، كما أن نقص المادة الأولية أزّم من الوضعية، وهذا ما أدى إلى ارتفاع أسعار البرنوس ودفع بالمهتمين بشرائه للعزوف عن ذلك لغلاء أسعاره.
الطبعة الثانية لمهرجان البرنوس والتي جاءت بالتنسيق مع السلطات الولائية والمحلية، إلى جانب “ثاجماعت عرش اث بوغرذان” وجمعية “ثاغزا” الكائن مقرها بفرسا، تختتم اليوم بتقديم جوائز تشجيعية لأبطال المنطقة الحائزين على ميداليات في مختلف التظاهرات الرياضية، سواء على المستوى الوطني أو المحلي، كخطوة لتشجيعهم على المضي قدما في مشوارهم الرياضي.