شهد العرض الأول للفيلم الأمازيغي «أراك داراك يا» حضورا جماهيريا كبيرا، حيث لم تسع قاعة دار الثقافة مفدي زكرياء بورقلة، لاستقبال الجماهير الغفيرة التي كانت تواقة لمشاهدة أول فيلم محلي ينتج بالأمازيغية الورقلية، في إطار الاحتفالات الولائية برأس السنة الأمازيغية 2972.
يروي الفيلم الكثير من التفاصيل المبهجة والمؤلمة أحيانا في انسجام كبير، أبدع في وصل انتقالاتها الفنية المخرج محمد علي محجر، والممثلين المشاركين الذين قدموا أدوارهم باحترافية وإتقان كبير وكان أغلبهم شخصيات ووجوه محلية، كما ساعدت الموسيقى التصويرية للفيلم في نقل المشاهد من مرحلة إلى أخرى وبين مشاهد كوميدية ومشاهد مؤثرة بسلاسة ومنطقية، كما مكنت أيضا بعض الأغاني والأهازيج المحلية من السفر بذاكرة المتفرجين إلى الماضي الجميل للقصر وعادات سكانه.
وحمل «آراك داراك يا» وتعني «ابنك يبقى ابنك»، الكثير من القيم الاجتماعية والثقافية، حيث جاء ممجّدا للعائلة والأرض والعمل والذاكرة المحلية الجماعية كذلك، كما لم يُغفل أيّ جانب من جوانب التراث المحلي المادي واللامادي لسكان قصر ورقلة والذي بدت ملامحه بارزة في كل المشاهد.
وعرض هذا العمل الفني الذي قدمته تنسيقية جمعيات القصر العتيق ورقلة «ألايمنا» بنسخة مترجمة إلى العربية، العديد من التفاصيل التي حكت عادات وتقاليد أهل القصر العتيق وارتباط سكانه بغابات النخيل وكيف كانت تشكل جزءا مهما في حياتهم.
بالإضافة إلى مهنة الفلاحة وطرق الزراعة التقليدية وتسلق النخيل والتسويق للتمور المنتجة محليا، على غرار الغرس والدقلة وأنواع أخرى محلية، الألعاب التقليدية والطبيعة الواحاتية، عادات الأعراس المحلية والرقص الشعبي والبيوت التقليدية والأكلات الشعبية المحلية، المساجد كذلك كانت حاضرة والمدارس القرآنية ومعبرة لحب سكانها لكتاب الله صغارا وكبارا.
وفي حديثه لـ»الشعب»، قال المخرج محمد علي محجر أن فكرة تجسيد الفيلم تراوده منذ سنة 2019 وكان الغرض منها، تسليط الضوء على التراث المادي واللامادي بالمدينة القديمة والقصر العتيق خاصة، حيث انطلق فريق العمل حسبه في التحضير لهذا العمل الفني، منذ ثلاث سنوات وعبر عدة مراحل، بدأت بكتابة السيناريو، ثم تصوير المشاهد والمونتاج.
وأشار المخرج إلى أنّ أكثر من 49 ممثل بين ممثل رئيسي وثانوي ومتطوعين شارك في الفيلم الذي كانت مدة عرضه حوالي 100 دقيقة، واختير له أن يكون فيلما يحاكي تفاصيل الحياة في المجتمع الورقلي والتراث الثقافي المادي واللامادي الذي يميّز هذه المنطقة وسكانها عبر إحياء اللهجة المحلية الأصلية، مشيرا إلى أنّ اللهجة المستعملة حاليا، تعرضت للعديد من التحديثات والتغييرات بفعل دخول مصطلحات جديدة.
وعما واجهه تجسيد هذا العمل من صعوبات، قال محدثنا «كان تحديا كبيرا وكل من شارك فيه كان متطوعا، أراه لبنة أولى تحسب لولاية ورقلة ككل وآمل أن يلقى الاهتمام المرجو من الجهات المعنية، وأن يكون هناك مشاريع مستقبلية أخرى لتدعيم هذا المسار بجدية».
تجدر الإشارة إلى أنّ دار الثقافة مفدي زكرياء بورقلة، سجلت إطلاق العديد من الفعاليات الثقافية بمناسبة إحياء رأس السنة الأمازيغية 2972 «يناير»، وبهذا الصدد ذكر مدير دار الثقافة سعيد وهبي مدني في حديث لـ»الشعب» أنّ انطلاقة الاحتفالات الولائية كانت من خلال تنظيم معارض متنوعة في الصناعات التقليدية والحرف والأشغال اليدوية واللباس التقليدي وندوات إذاعية ومسابقات ثقافية وأخرى في الأكلات التقليدية، بالإضافة إلى سهرات فنية لفرق موسيقية أمازيغية وعروض فلكلورية ومسرحية باللغة الأمازيغية، كما احتضنت دار الثقافة أول عرض للفيلم الأمازيغي «آراك داراك يا» للمخرج محمد علي محجر وبالمناسبة أيضا المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بورقلة، شهدت تنظيم معرض للوحات فنية خاصة باللباس التقليدي الورقلي ومحاضرات لمهتمين بالتراث والثقافة المحلية الأمازيغية.