الكاتب الهاوي محمد إقبال بن محمود لـ «الشعب»:

عدت إلى القصّة بعد يقيني أنّ الخاطرة ليست جنسا أدبيا

حوار: أمينة جابالله

-غياب الرّقابة يهدّد الرّواية العربية

محمد إقبال بن محمود، شاب مفكر عاشق للقلم، شغوف بمجال التصوير الفوتوغرافي وبرتبة مشروع كاتب وناقد كما يسمّيه البعض، اختار المضي في حقول الإبداع الأدبي، وذلك بخطى ثابتة مكّنته في فترة وجيزة من جني ثمار جهده المتمثل في مجموعة من قصص قصيرة وخواطر غزلية عانقت صفحات الجرائد، وكان لها نصيب وافر من المشاهدة عبر عدة مواقع إلكترونية، أين تصدّرت فيها أغلب مقالاته خاصة التي تحدث فيها عن هموم الثقافة ورجالاتها، حيث يكشف لـ «الشعب» في هذا الحوار عن بداياته الأدبية، واقع الثقافة في الجزائر والعوامل التي تعرقل مسارها..

- الشعب: كيف يمكن أن تعرّف نفسك للقرّاء؟

-- الكاتب محمد إقبال بن محمود: حين يسألني أحد ما عن شخصي يجدي أن أفكر بما سأقوله، محمد إقبال بن محمود هو مجرد شاب يحاول دائما أن يكون أفضل مما سبق، أوشك أن أعدني كاتبا أحيانا، لكن حين أقرأ لعمالقة الكتابة كأغاثا كريستي وجاك لندن..تجدني أبحث في عباراتي عن معاني لكلماتي السخيفة تلك، والتي تعد حينها مجرد خربشة طفل لم يبلغ العامين بعد، حينها أكتفي بقول إسمي فقط دون أي إضافة معه، أنا مجرد هاوي لأي شيء، هاوي للتصوير مثلا وكذلك التصميم الغرافيكي..

 

- في نظرك هل يعد الاستعراض الثقافي عاملا مهمّا في المسار الأدبي؟

-- على ذكر الاستعراض الثقافي وهو المشكل الذي نعاني منه مؤخرا ألا وهو المشاركة في أعمال كثيرة دون أي فائدة تذكر..فإنّ الاستعراض الثقافي ليس عاملا مهما فقط بل هو الأساس، لكن أن تجد مجرد خزعبلات وخربشات أو نقول عنها مداعبات أطفالٍ تلوح في الساحة الأدبية على أساس أنها كتابات ذات قيمة أو ثِقلْ معرفي، لا نستطيع القول إنّنا نملك ساحة أدبية، بل نقول حينها أن المسار الأدبي قد انحرف بدرجات كبرى عن اتجاهه، أو كما ذكر الباحث والأكاديمي أمين بحري أن دور النشر تبيع لقب كاتب «بثلاثة ملايين سنتيم»، أي أن بعض الاصدارات الحالية تفتقر إلى الرصيد المعرفي كشيء أول أي المادة وغيرها، كما نجد مثلا عدة أخطاء في الإصدار كضوابط النشر مليء بالأخطاء اللغوية (كالتاء المفتوحة والمربوطة مثلا أو الهمزة)، إن غياب الأساس يجعل البناية هشة، وتهدم بمجرد هبة ريحٍ فقط. 

 

- ما هي أهم الأعمال  التي اقتحمت بها دنيا الكتابة والأدب؟

-- في بداية الأمر اقتحمت المكان بقصصٍ قصيرة وما يشبه الشعر، ثم أخذت أكتب خواطر غزلية وكانت قد أخذت صدى في المجلات، عدت إلى القصة القصيرة بعد تيقّني أنّ الخاطرة ليست جنسا أدبيا، كتبت الشعر الشعبي وجربت السيناريو حيث كانت بدايتي بسيناريوهات أفلام قصيرة لأنتقل بعدها إلى سيناريوهات مسلسلات درامية، وبحوزتي سيناريو درامي قيد الكتابة انقطعت عنه بسبب ابتعادي التام عن الكتابة، كما كتبت أجزاءً في الرواية التي أحضرها بعد حذفي لرواية كانت قد جهزت تقريبا.. وها أنا أستقر في القصة القصيرة حاليا.

 

- في نظرك ما هي العوامل التي تعرقل النهضة الأدبية؟

-- إنّ كلمة نهضة تذكر سامعها بالحدث التاريخي الذي عاشته أوروبا الغربية في قرنها السادس عشر..وإن العوامل التي تعرقل النهضة الأدبية اليوم كأبسط مثال على ذلك، ذات يوم دخلت على تلاميذ الثانوية وأخبرتهم بوجود مسابقة أدبية تشمل الشعر والخاطرة مضيفا القصة القصيرة، لأجد التلاميذ لا يعرفون ما هو الشعر وما هي الخاطرة وعدم سماعهم بالقصة القصيرة نهائيا، أي أن المدرسة هنا تشارك في عرقلة النهضة الأدبية، كما نلاحظ غياب المشاريع الثقافية، وهذا راجع لغياب الجمعيات والنوادي الأدبية، نلاحظ أيضا غياب المادة القيمة والزاد المعرفي في المكتبات، حيث لا نجد سوى المراجع الخاصة بالأطوار الدراسية، حيث يساهم غياب الفعل القرائي أيضا في عرقلة النهضة، بمعنى كل شيء اليوم يعرقل النهضة الأدبية..

 

- ما الذي يهدّد الرّواية العربية اليوم ويجعلها في خطر؟

-- إنّ ما يهدّد الرواية العربية اليوم هو غياب الرّقابة، لابد من مراقبة الأعمال المنتجة، حيث نجد دور نشر دون لجان قراءة، بيع لقب كاتب بمبلغ مالي لا يسمن ولا يغني من جوع، نشر أعمال لا علاقة لها بالرواية، بيع الخواطر واليوميات على شكل روايات، حيث تحمل كتابا على غلافه كلمة «رواية « بعد قراءة صفحاته الأولى تجده مجرد يوميات جامدة تحمل بين طياتها أخطاء لغوية كاتبها لا يفرق بين الاسم والفعل، ولا يفرق بين الاستفهام، إضافة إلى عدم وجود عدد النقاد الكافي لنقد الأعمال المنتجة، واستعمال العاطفة «فلان صديقي»، فلان يغضب لو قلت له أن عمله مجرد هراء، وأقول بأن غياب أساسيات الرواية، مع غياب الفعل القرائي الجاد، ناهيك عن التكذيب والتهجم على النقاد، غياب الروح الكتابية والغرور، إلى جانب تغول بعض من الوسائل الإعلامية التي  تدعّم الرداءة وأشباه الكُتّاب، كما أضيف إلى ذلك تحول دور النشر إلى دور يهمها المال لا أكثر ولا أقل.

 

- ما مدى فعالية تدوين الأعمال في صفحات التواصل الاجتماعي؟

-- قد يؤول ذلك للإيجاب وربما للسلب، من الجيد أن يكون هناك تدوين على صفحات التواصل الاجتماعي، وحينها قد يحدث لك صدى آخر تشق منه طريقا أخرى، سيكون لكتابك ضجّة وسيحقّق مبيعات كثيرة ثم إن التدوين يصنع لك قاعدة جماهرية، وهنا يدخل السلب والايجاب، السلب في حالة إن كانت مدوّناتك مجرد خربشة على ورق وأخذت شعبية، أما الإيجاب بعد نجاحك في مدوناتك وتحقيق إعجابات كثيرة أخذ قاعدة جماهرية تساهم في إثراء الصرح الثقافي وخصيصا الأدبي.

 

- هل يجوز كتابة السّرد بالعامية؟ 

-- لا يجوز هذا إلا إن كان إرفاقه ببضع كلمات لا غير، وذلك لإبقاء جمالية النص ممّا يجعل الذوق ما يشبه المُرْ، وكما أن اللغة الفصحى تشكّل العمود الفِقري للأدب العربي، قال الناقد د - صالح هويدي: نجد إن اللهجة الدارجة، لها مجالاتها الخاصة، حيث هناك فنون شعبية قائمة عليها، كما الحكاية على غرار الأسطورة والشعر الشعبي، وأؤكّد أنّ استعمال العامية في الرواية أو القصة يشكّل خروجاً عن اللغة كأداة حاملة للمضمون، فإنّ اللهجة العامية تشكل انحرافا عن اللغة الراقية لأنها غير مضبوطة دلاليا، كما أن معانيها مشوشة ومتداخلة، وهي مجرد جملٍ ركيكة، بحيث نستطيع ادخال العامية بعدد قليل في الحوار فقط أما في الوصف والسرد فهذا لا.

 

- ما هي أهم الأعمال التي ساهمت في تكوين رؤيتك الفكرية والأدبية؟

-- من الأعمال التي ساهمت في تكوين رؤيتي الفكرية والأدبية هي الأعمال الغربية، قرأت كثيرا للروائية المشهورة أغاثا كريستي، فهي تجعل القارئ يبحر ما بين كلماتها لتقذفه خارج البحر، في النهاية بمجرد ذكر حلول الجرائم، كما أيضا كنت أقرأ القصص القصيرة كثيرا، وهي ليست لكاتب واحد أي أن كل قصة لكاتب معين..، قبل هذا كنت من محبي الشعر قرأت كثيرا لشاعر المرأة، ومؤخرا الأعمال الروائية الأكثر مبيعا في أمريكا للعملاق دانيال ستيل، وبضعها أيضا لجبران خليل جبران وغيرهم..

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024